الخميس، 21 مايو 2009

مؤتمر : العربية بين عامية الشوارع ...وانجليزية المدارس

-الموضوع علي إسلام أون لاين.

أين صارت العربية في المدارس والجامعات ومناهج التدريس، ولماذا ذوت وتوارت اللغة العربية عن الحضور والتواجد العالمي، وأين تجد العربية موطئ قدم لها بين عامية تنتشر ، وعولمة تتحدث الإنجليزية؟ وما التحديات التي تواجهها؟ وما مسؤولياتنا تجاهها؟ كل تلك التساؤلات وغيرها خصوصا الدائرة حول نطاق " التعليم" ستصبح مسار المناقشة والجدال خلال أسبوعين كاملين في الدورة الخامسة والسبعين لمجمع اللغة الهربية " مجمع الخالدين " والذي إبتدأ اليوم اليوم الإثنين 6 إبريل, 2009 ويستمر لمدة أسبوعين تحت عنوان ( اللغة العربية في التعليم ) .

بدأ المؤتمر بكلمة للدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي، والدولة للبحث العلمي الذي أشار إلي أهمية القضية التي اختارها المجمع هذا العام، وهي " قضية اللغة العربية في التعليم " مشيراً إلي التحديات التي تواجه اللغة العربية، لغة القرآن، والرباط الجامع للأمة العربية ، وفداحة انتشار اللغات الأجنبية الأخري علي حساب اللغة العربية، وانتشارها حتي علي المستوي الشعبي، ضارباً المثل بالتسميات الأجنبية الشائعة والمنتشرة بالمجتمع في المحلات والشركات .

كما نوه إلي أهمية تفعيل القانون الذي صدر في مارس العام الماضي، والذي يلزم الجهات المعنية " مؤسسات حكومية ومدنية " بما يصدره " مجمع اللغة العربية " من قرارات لخدمة سلامة اللغة العربية، وتيسير تعميمها وانتشارها، وأكد هلال علي الإلتزام بتنفيذ هذا القانون ومتابعته في وزارته.

العربية وسياسات التجهيل

فيما رأي الدكتور أحمد شفيق الخطيب عضو مجمع اللغة العربية ، ورئيس دائرة المعاجم ببيروت، أن العربية استطاعت في وقت إزدهار الحضارة العربية والإسلامية أن تستوعب كل العلوم التي أنتجتها الحضارات السابقة والموازية للحضارة العربية الإسلامية وبالتالي فهي لغة مرنة ترد علي من يقول بصعوبة العربية في مجاراتها بما يستحدث من علوم وتقنية .

وعلق علي أن مؤلفات الفلك، والفيزياء، والرياضيات، والكيمياء، والجغرافيا، والطب ؛ ظلت تُدرس في جامعات أوروبا العريقة مثل " مونبلييه " و" بادوا " و" لوفان " و " وتوينجي " طوال عدة قرون والمئات من ألفاظها العلمية التي أخذتها اللغات العلمية والأوربية والعالمية عنها خير دليل حي علي ذلك .

وأضاف الخطيب قائلاً :" لكن لم تسلم العربية من سياسات الغرب الإستعمارية والإحتلالية والتجهيلية التي حاصرت العربية، وأجهضت نهضتها، في وضع نعاني وقعه حتي الآن ".

حيث أشار للواقع المتردي لغة العربية وبالخصوص في بلادها، فذكر أن تدريس المواد العلمية في معظم الجامعات العربية باللغة الإنجليزية، وأن الامتحاتان الحاسمة بالجامعات ومراكز الأبحاث والوظائف، ومجالات الترقي يرتبط مصير كل ذلك بمدي الإتقان في اللغة الإنجليزية، وأن المكانة الإجتماعية والرفاء أيضاً مرتبطان بها.

يضيف :" يتأصل في قرارة المواطن العربي حينها، شئنا أم أبينا، دونية اللغة العربية، وثانوية أهميتها، وهذا الموقف المؤسف لا يقتصر علي الطالب وحده، بل إنه تأصل إلي حد كبير في لاوعي الأهل، وأحياناً في لاوعي المسئولين‘ فغدوا يتقبلون هذا الوضع الشاذ وكأنه أمر طبيعي..! "

ونوه الخطيب أن كل الجامعات بالعالم العربي تقول في دساتيرها أن لغة التدريس هي اللغة العربية، وعند الحاجة " يجوز " التدريس باللغة الأجنبية، لكن هذه الإستثناء - من وجهة نظره- صار في الواقع هو القاعدة..

واستاء من كون العالم العربي في معظمه يتنكر للغة العربية، في الوقت الذي نالت اللغة العربية اعتراف العالم منذ ما يزيد علي الثلاثين عاماً بكونها لغة رسمية بجوار خمس لغات أساسية في مؤسسات الأمم المتحدة كافة ..

سلطة مجمع " الخالدين "

ثم تحدث أمين عام مجمع اللغة العربية فاروق شوشة، الذي تكلم عن أن " مجمع الخالدين " قد تم أخيراً إدراك دوره ورسالته وفاعليته، مشيراً إلي صدور القانون الخاص بتعديل المادة الثالثة من قانون المجمع في شهر مارس من العام الماضي، الذي أدي إلي أن تصبح قرارات المجمع ملزمة، تلتزم بها الجهات التي تتعامل باللغة العربية ، في التعليم، والإعلام، والثقافة وغيرها،ومن لا يلتزم فهو معرض للمساءلة القانونية .

وأشار إلي أن المجمع بناء علي هذه الخطوة قام بتشكيل ثلاث لجان جديدة مهمتها تفعيل هذا القانون ومتابعة تنفيذه، وهي " لجنة اللغة العربية في التعليم " و" لجنة اللغة العربية في الإعلام " و " لجنة اللغة العربي بمؤسسات العمل المدني " .

وتكلم شوشة عن أن المجمع قد قام من خلال اللجان الثلاث بالإتصال بالمسئولين في كل مجال، حيث فوجئ المجمع باستجابة أكثر من جيدة ، حيث بدأوا بالتعاون في إقامة دورات تدريبية في اللغة العربية لرفع مستوي العاملين بهذه المؤسسات بالتعاون مع " مجمع اللغة العربية ".

وأضاف شوشة " كان الجهد المميز لوزارة الإعلام اقتناعاً بوجهة نظر المجمع وسياساته هي البدء في انجاز مشروع تقوم به لجنة اللغة العربية في الوزارة لإخراج دليل لغوي يكون مرجعاً للعاملين في المجال الإعلامي ولغيرهم في جميع المجالات، يهتم بالأخطاء الشائعة، ويوسع من دائرة الصواب اللغوي، في صورة أقرب لليسر وسهولة التناول .

القرضاوي عضو مراسل

وكان مجمع اللغة العربية قد عقد أمس وأول أمس مؤتمراً للأعضاء المراسلين بالمجمع اللغوي، حيث شارك في المؤتمر الدكتور يوسف القرضاوي بصفته عضو مراسل للمجمع، حيث ألقي القرضاوي كلمة في اليوم الأول تحدث فيها عن أهمية اللغة العربية وخصيصتها في كونها اللغة الدينية التي يقدسها ويؤمن بقداستها مليار ونصف مليار من البشر .

ثم تحدث عن أنه لا مانع من تعلم اللغات الأخري، وأن الإسلام لم يمنع ذلك، حيث ذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر زيداً بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود لإنه كان لا يأمنهم علي كتبه ورسائله في المعاهدات والاتفاقيات فأتقنها زيد في سنة عشر يوماً ، لكن نوه القرضاوي أن الذي يحاربه الإسلام هو تهميش اللغة الأصلية، وجعل اللغات الأخري هي الأساس.

ثم ألقي القرضاوي أمس بحثاً بعنوان "اللغة العربية في قطر بين العناية والشكوى"، تعرض فيه لمظاهر العناية باللغة في دولة قطر، حيث أشار القرضاوي إلي إيجابيات هامة قامت بها الحكومة القطرية لدعم العناية باللغة العربية من بينها وضع مقررات إجبارية في " الجامعات القطرية " ، واستعمال اللغة العربية بشكل أساسي في تسمية المرافق العامة للدولة، والمؤسسات الرسمية، والصحف، والمجلات، وبرامج التلفزة، والمراسلات الرسمية ، والوثائق بالبنوك، وتسمية المحال التجارية وغيرها .

.

لكن من ناحية أخري نوه القرضاوي إلي خطورة إحلال اللغة الانجليزية محل اللغة العربية في المقررات الدراسية خصوصا في المناهج العلمية، وجعل العربية في المرتبة الثانية في التدريس خلافاً للمنصوص عليه في الدستور والقانون .

كما أشار القرضاوي أن الخطر الأكبر الذي يتربص باللغة العربية يأتي من جهتين الأولي مزاحمة اللغات الأجنبية كالانجليزية والفرنسية للغة العربية في المؤسسات التعليمية والشركات بل ومؤسسات العمل المدني، وانتشار المدارس الأجنبية، وتوسع تعلم اللغات علي حساب العربية .

العربية والعامية الصفراء

ثم أشار القرضاوي للخطر الثاني الذي يعدد الغة العربية وهو وهو مزاحمة العامية لها في البيوت والشوارع خصوصا في بلاد الخليج المبتلاه بالعامية أكثر من غيرها من الدول العربية، فضلاً عن اللهجات الآسيوية الأخري المتوسعة الإنتشار بالدول الخليجية نظرا لتواجد كم ضخم من العمالة الأسيوية بالخليج وهو ما يمثل خطرا من وجهة نظره ليس فقط علي اللغة العربية ، وإنما علي الأجيال الناشئة التي تتربي علي لغة وثقافة ليست بعربية ولا إسلامية علي أيدي مربيات قادمات من الفلبين و تايلاند .

وفي تصريح خاص لإسلام أون لاين أشار الدكتور محمد سليم العوا أنه للنهضة باللغة العربية لابد أن يتم بالتربية في البيت ، وغرس حب العربية في النشء الجديد، وأن تكون " الهوية العربية " في نفس المكان من الأهمية التي نجعلها لقضايا الهوية السياسية ، والإستقلال، ومعارضة التبعية، ومقاومة التعليم الأجنبي لاسيما عند الأطفال، وكل ذلك اعتبره العوا وسائل لمواجهة الهجمة علي اللغة العربية .

وأضاف رداً عن دور المؤسسات الرسمية والأنظمة في حماية اللغة العربية بكونها أردع وأقوي علي المستوي التنفيذي من مؤسسات العمل العمل المدني قائلاً " نحن نريد أن نترك السلاطين في حالهم تكفيهم ابتلاءتهم، فنحن إذا أدينا واجبنا في نصرة واجباتنا لن نحتاج للسلاطين، وسنفشل ولن نفعل شيئاً إذا ظللنا أسري للطلب من السلاطين، نحن أقوي منهم جميعاً، وأقوي تأثيراً وإذا أردنا أن ننهض بلغتنا فليكن نحن المهتمون بها والحريصون عليها ".

ليست هناك تعليقات: