الشاعر فاروق جويدة |
عندما بدأ الشاعر الكبير فاروق جويدة في إلقاء قصيدته: "إلى آخر شهداء"، جاء الخبر للدكتور عصام العريان، مدير اللقاء الذي أقيم في نقابة الأطباء يوم الخميس 15–1-2009 باستشهاد سعيد صيام القيادي بحماس ووزير الداخلية السابق ليهدي القصيدة إلى روحه:
مُت صامداً...
واترك عيون القدس تبكى
فوق قبرك ألف عام...
قد يسقط الزمن الرديء
ويطلع الفرسان من هذا الحطام
قد ينتهي صخب المزاد...
وتكْشِف الأيام أقنعةَ السلام
إن نامت الدنيا...
وضاع الحق في هذا الركام
فلديك شعب لن يضل... ولن ينام
***
مُت صامداً
واترك نداء الصبح يسري هادرًا
وسط الجماجم والعظام
اتْركْ لهم عبَثَ الموائد
والجرائد والمشاهد والكلام
اترك لهم شبق الفساد
ونشوة الكهان بالمال الحرام
أطلق خيولك من قيود الأسر
من صمت المآذن
والكنائس والخيام
إن الشعوب وإن تمادى الظلم
سوف تدق أعناق السماسرة العظام
إن الشعوب وإن توارت
في زمان القهر
سوف تطل من عليائها
ويعود في يدها الزمام
فارفع جبينك نحو الشمس
إن الصبح آتٍ
لن يطول بنا الظلام
***
مُتْ صامداً...
مُتْ فوق هذه الأرض لا ترحل
وإن صلبوك فيها كالمسيح
فغدًا سينبت ألف صبح
في ثرى الوطن الذبيح
وغدًا يطل الفجر نورًا
من مآذننا يصيح
وغدًا يكون الثأر
من كهان هذا العصر
والزمن القبيح
فانثر رفاتك فوق هذي الأرض
تنفض حزنها
ويطل من أشلائها الحلم الجريح
أطلق نشيدك في الدروب لعله
يومًا يعيد النبض
للجسد الكسيح
***
مت صامدًا...
ماذا تريد الآن من هذي الحياة؟
مجد وسلطان وتيجان وجاه؟!
ماذا تقول؟
وأنت تكبر كلما لاحتْ
أمام القدس أطواق النجاة
ماذا تقول؟
وأنت ترفع أمة سقطت
وضاعت تحت أقدام الطغاة
ماذا تقول؟
وأنت تبقى في ضمير الناس حيًّا
كلما نادى المؤذن للصلاة
ماذا تقول؟
وأنت أقوى من زمانك
أنت أكبر من جراحك
أنت معجزة الإله
أي الوجوه سيذكر التاريخ؟
جلاد حقير؟
أم شهيد عطر الدنيا ثراه...؟
فرق كبير
بين من سلب الحياة من الشعوب
ومن أعاد لها الحياة
مُت صامدًا...
والعن زمان العجز..
والمجد المدنس تحت أقام الغزاة
فلكل طاغية مدى
ولكل ظلم منتهاه
مت صامداًًً....
حتى ولو هدموا بيوت الله
واغتصبوا المآذن
حتى ولو حرقوا الأجنة
في البطون
وعربدوا وسط المدائن
وحتى ولو صلبوك حيًّا.. لا تهادن
لن يستوي البطل الشهيد
أمام مأجور وخائن
كن قبلة فوق الخليل
وكن صلاة في المساجد
زيتونة خضراء تؤنس
وحشة الأطفال
حين يقودهم للموت حاقد
كن نخلة
يساقط الأمل الوليد على رباها
كلما صاحت على القبر الشواهد...
***
مت صامداً
لا شيء يغني الناس عن أوطانهم
حتى ولو ملكوا قصور الأرض
جاهًا أو سكن
كل الذي نبغيه من أوطاننا
أن نستريح على ثراها
حين يؤوينا الكفن
بعض الخيول يموت حزنًا
إن تغرب لحظة يغدو
سجين المحبسين
فلا أمان... ولا وطن
أنت الشهيد فدى لأرضك لا تمت
من غير ثأر... أو قصاص... أو ثمن
أغمض عيونك فوق عين القدس
واصرخ دائمًا
إنْ كَلَّ فيها العزم يومًا أو وَهَن
لا تأتمن
من خادعوك... وشرّدوك... وضلّلوك
وضيعوا الأوطان في سوق المحن
كن صيحة للحق
في الزمن الملوث بالدمامة والعفن
لا تخشَ كهان الزمان الوغد
إن عروشهم صارت قبورًا
فاترك التاريخ يحكم والزمان
***
مت صامدًا
وابصق على شارون
والعن كل عهد خان
ابصق على هذا الجبان
ابصق على الخنزير... والعن
كل أزمنة التنطع والهوان
أترى يفيد الحزنُ
في وطن تخاذل واستكان؟
وطن يسلم سيفه للعاجزين
ويسجن الفرسان
العنْ بلادًا تستبيح خيولها
وتقدم القربانَ للشيطان
***
مت صامدًا
واترك زمان العجز للكهان
فلكل شيء في الوجود نهاية
والويل... كل الويل للطغيان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق