السبت، 13 يونيو 2009

"أبجد".. لضخ الحياة في اللغة العربية

Image
"أبجد" مؤسسة لغوية شبابية
توقف منذ فترة مشروع عمرو خالد التنموي "إنسان" في مصر لعدة أسباب أرجعها البعض للنفوذ الأمني المتخوف من امتداد الظاهرة "العمرية" –نسبة لعمرو خالد- خارج دائرة النطاق والتأثير الدعوي إلى دائرة النشاط التنموي والعمل المدني، غير ما تردد عن أن المشروع قد توقف لمنافسته مشروع (الألف قرية) الذي يرعاه السيد "جمال مبارك".

بنفس الطريقة تم إيقاف مشروع آخر لا يقل في القيمة عن مشروع "عمرو خالد" غير أنه على مستوى أصغر، ويتخذ مسارا معرفيا وثقافيا.. ليتقاسم المشروعان النهاية ذاتها، وهي العراقيل التي تحول دون إتمام المشروع.

فمن فكرة نماذج المحاكاة "الناجحة" التي انتشرت في الجامعات المصرية في الفترة الأخيرة ظهر نموذج "أبجد"، والذي قام بإنشائه مجموعة من طلبة كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، محاكين به مجمع اللغة العربية تحت شعار "نعيد العربية للحياة"، ويهدف إلى الحفاظ على اللغة العربية وإحيائها في الصحف والمجلات والفنون والمنتديات الثقافية، والأهم في الشارع بين الشباب والعامة، من خلال أدوات عدة، يأتي على رأسها استخدام اللغة المحكية والمشاهدة "الفنون" لخدمة "اللغة العربية" المقروءة والمكتوبة.

شاهد:

إلا أن المشروع لم يكد يحقق بعض أهدافه حتى وضعت أمامه العراقيل, يحكي أحمد أبو خليل صاحب الفكرة ورئيس النموذج قائلا: "يتبع أي نموذج محاكاة في أي كلية مراكز التدريب بالكلية، وليس رعاية الشباب، أو اتحادات الطلبة، كما هو الحال في نماذج المحاكاة الموجودة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على سبيل المثال، إلا أننا فوجئنا أن الكلية ترفض استمرار "نموذج أبجد" من مركز التدريب وتقوم بنقله لاتحاد الطلبة، وهذا معناه القضاء فعليا على النموذج؛ لأن إلحاقه باتحاد الطلبة التابع للكلية يعني أن تقتصر عضويته فقط على الطلبة بالكلية، ومنع نشاط أي عضو من خارج الكلية، وأن يتم انتخاب رئيس النموذج وعضوية مجلس الإدارة به بعد انتخاب اتحاد طلبة، وهذه الأمر لا يحدث إلا في الفصل الدراسي من السنة، وهو ما يعني حصر نشاط "النموذج" في شهرين فقط من السنة؛ لأن هذا الوقت الفعلي لنشاط الطلاب بكلية دار العلوم، باستثناء ما هو معروف عن بقية الكليات الأخرى بالجامعة".

ويضيف أبو خليل: "الأمر المفجع أكثر أن الميزانية التي يخصصها "اتحاد الطلبة" للأنشطة الثقافية سنويا تقريبا 75 جنيها (13 دولارا تقريبا)، وبالطبع "النموذج" لكي ينجح لابد من تمويله بآلاف الجنيهات، كما هو الشأن بنماذج المحاكاة في كلية الاقتصاد والعلوم سياسية التي ينفق بعض النماذج فيها 50 ألف جنيه سنويا، ونحن لم نطلب دعم الجامعة؛ إذ استطعنا بالفعل الحصول على رعاة لدعم المشروع؛ لكنهم توقفوا بعد أن أصبح النموذج تحت مظلة "اتحاد الطلبة".

وعند طرح الموضوع مع الدكتور محمد صالح وكيل كلية "دار العلوم" أفاد بأن المشروع ما دام أنه سيصبح متحدثا باسم الكلية لابد أن تشرف عليه الكلية، وأنهم -أي إدارة الكلية- لن يسمحوا لمشروع أن ينطلق من الكلية بعيدا عن مسئوليتها وإشرافها.

إلا أن أحمد أبو خليل يؤكد أنهم في المرحلة القادمة يحاولون إعادة بناء المشروع مرة أخرى، بحيث تصبح مؤسسة تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي؛ حيث يطمحون أن تصبح مؤسسة لغوية مستقلة، ويأملون أن يهتم المثقفون بها وكل الحريصين على اللغة العربية، لكن ما يوقفهم حتى الآن هو التمويل.

مشروع نهضة

تأتي أهمية النموذج كما يقول أحمد أبو خليل انطلاقا من المهمة التي اتخذها على عاتقه، وهي التوعية بقضايا اللغة العربية داخل الجامعة وخارجها، وخلق حركة شبابية رائدة تنطلق من وعاء اللغة إلى آفاق الثقافة والمعرفة، وذلك عن طريق التواصل بين جيل الأساتذة والمجمعيين المحافظين على نقاء اللغة والجيل الجديد الحامل لها في المستقبل.

ويشير أبو خليل إلى أن النموذج من الناحية العملية له أكثر من فائدة أهمها التقريب بين الكلام النظري وسوق العمل، ويعطي صلاحيات أوسع للطلاب في الاعتماد على أنفسهم؛ حيث يقومون بالإبداع في مساحة أكبر بكثير من مساحة المحاضرة والسيكشن الطلابي ونشاط الكلية التقليدي.

ويضيف دكتور أحمد أبو خليل قائلا: "نموذج أبجد يُعتبر أول مؤسسة لغوية شبابية على مستوى الوطن العربي، وربما أول مشروع نهضوي مختلف عما هو موجود في الشارع العربي، فلم نجد أحدا تقريبا يعمل على هذا المسار اللهم باستثناء مشاريع ضخمة وليست شبابية، والمسار اللغوي شكل من أشكال إكمال مسيرة النهضة على المستوي المعرفي؛ وهو أمر لابد منه لبناء أمة تهتم بالحفاظ على هويتها وثقافتها".

وأضاف أبو خليل: "نحن لسنا جماعة أدبية، فالجماعات الأدبية -حقيقة في مصر– تعاني من "الشللية" و"العاجية"؛ وأعني بالعاجية أنهم حتى الآن لم يتواصلوا بلغتهم وأدبهم مع الشارع والمواطن العادي الذي تكون ثقافتة أفلام وأغان وبرامج ودراما وصحافة تعاني من الإسفاف اللغوي والثقافي".

ويتكون النموذج من 3 لجان رئيسية، وهي: اللجنة الأكاديمية، والتنظيمية، والاستشارية، وتندرج فيها لجان فرعية، فاللجنة الأكاديمية كما تقول آيات أبو المجد، وهي طالبة بالفرقة الرابعة بكلية دار العلوم، تضم لجنة المراقبة والمراجعة اللغوية، وتهتم بمناقشة الأخطاء اللغوية الشائعة في الحديث المنطوق والمكتوب، والتدريب على تقويمها، وسبل نشر ذلك التصحيح على جميع المستويات المتاحة لأعضاء اللجنة،
وهناك لجنة تقريب التراث وتطوير التعليم، وتهتم بخلق أفكار إبداعية جديدة لتقريب التراث العربي من المتعلمين، وإعادة إخراجه في أشكال مبتكرة ومتنوعة.

وفي شق تطوير التعليم تقول آيات أبو المجد: "في هذا الجانب قمنا بإنشاء مشروع "روضة الفصحى" لمساعدة الأطفال على التحدث باللغة العربية الفصحى؛ لأن اللغة بالتلقي؛ وهذا يجعل الأطفال أفضل منا تحدثا باللغة العربية الفصحى، ونسعى إذا توفر التمويل الكافي أن نقوم بإخراج "كتيب بسيط" نتناول فيه بعض أبواب النحو الأساسية، نشرحها بطريقة مبسطة، وبالألوان والصور؛ لسهولة توصيلها للطفل، وفي هذه اللجنة أيضا نهتم بطرق تدريس اللغة العربية في المراحل المختلفة، وهي من وجهة نظرنا العائق الأساسي لتواصل الطلاب مع اللغة العربية".

الفن واللغة

قديما كانت صورة اللغوي المعروفة لا تخرج عن نطاق الصورة الهزلية التي تتمثل في الأستاذ "حمام" في فيلم "غزل البنات"، أو صورة الرجل الذي يتحدث اللغة العربية بكثير من التكلف، ويحمل قواميس لغوية ضخة دائما تسقط من يديه، تشعر بالفرق تماما في صورة "اللغويين الجدد" حينما تشاهد فيلما قصيرا قام بإنتاجه وإخراجه نفس مجموعة "أبجد" عارضين من خلاله أول دورة تحضيرية لمشروعهم؛ حيث يرون في المسار الفني بالنموذج أهمية كبيرة لتصويب مسيرة اللغة عن طريق خلق حركة فنية تحافظ على مستوى الصحة اللغوية، وفي الوقت نفسه ترقى إلى مستوى الجمال اللغوي.

يقول أحمد سمير عضو بنموذج أبجد: "قامت لجنة الأدب والفن بعمل مسرحية حازت الإعجاب الشديد في جامعة القاهرة، رغم أن المسرحية كانت كلها بالفصحى، كما تحدثت عن أهمية اللغة العربية وعن مرادفات بالعامية نستطيع بسهولة أن نستبدلها بمرادفات بالفصحى، ومسرحية أخرى بطلاها الخليل بن أحمد ونازك الملائكة، تتحدث المسرحية عن الشعر الحر، والشعر العمودي، واستطعنا أن نوصل عن طريقها للطلبة مفاهيم وقواعد مهمة بشكل غير تقليدي بالمرة".

ويشير أحمد سمير إلى أن النموذج يحتوي على لجنة "الإبداع والنقد" ومهمتها هي الاطلاع على كل ما ينشر في الدوريات الأدبية من إبداعات شعرية وقصصية وغيرها، وانتقاء الجيد منها ونشره، ولها مهمة أخرى وهي تسجيل القصائد على أسطوانات ليزر"C.D" بشكل فني جيد، وبخلفيات موسيقية مثلا، ثم توزيع هذه الأسطوانات.

الحوسبة واللغة

ويرأس أيمن محمد لجنة هامة في النموذج وهي لجنة التعريب والترجمة، تقوم بعمل توعية بأهمية تعريب العلوم، خصوصا بين الأوساط العلمية والأكاديمية التي تتم الدراسة فيها باللغة الإنجليزية، كما تهدف إلى سد الفجوة بين "اللغة الفصحى" و"عصر المعلوماتية"،؛ لأنه كما يقول أيمن محمد: "يحدث تراكم ضخم جدا من الوثائق العلمية التي يتم إنتاجها يوميا على الضفة الأخرى من العالم، وبالتالي أنت تحتاج -فضلا عن كوادر مؤهلة للترجمة والتعريب- للحل التقني"، وهو من وجهة نظره يتمثل في ما يعرف باسم "اللغويات الحاسوبية"، وهي كما يقول "دارسة بينية تجمع بين علوم اللغة وعلوم الحاسب والهندسة، وهو علم لم يعرف في العالم العربي بعد".


الموضوع علي إسلام أون لاين .." هنا "

الخميس، 11 يونيو 2009

المثقف العربي والقضية الفلسطينية..نسيان أم تخاذل



أحمد عبد الحميد - الجزيرة توك - القاهرة

يظل المثقف معيار نبض الشارع وبوصلته والأهم الموجه للشعوب في القضايا التي تلم بأمته، فضلاً عن مسئوليتهفي كشف الحقائق وتقديمها وإيصال الصوت من وإلى القاعدة الكبيرة، وهو دائماً يلعب دور إصلاح العلاقة التي قد تختل بين الشعوب والنظم، حيث يدرك لغة الأولي ويفهم رؤي الثانية .. فأين المثقفالعربي الآن من القضية الفلسطينية؛ والتي أُعتبرت وقتا طويلاً –ولاتزال عند البعض – القضية المركزية للشعوب والمثقفين والأنظمة العربية.
هل تراجعت القضية الفلسطينية في سُلم أولويات المثقف العربي لتصبح قضية ثانية أو ثالثة أو ربما لا تتواجد علي الإطلاق لظهور قضايا أبرز علي الساحة العربية كالقضية العراقية علي سبيل المثال،
أو ربما لأفول شمس " القومية العربية " من سماء المنطقة، أم ما زال المثقفون العرب ينظمون لها القصائد، وينسجون لها الأحاكي باعتبار أنها الحلم المنشود، والتابو المقدس، ودرة تاج العرب والعروبة .


القضية الفلسطينية ..مسمار جحا

يرى بعض المثقفين أن القضية الفلسطينية كانت بمثابة " مسمار جحا " بالنسبة للأنظمة العربية في تبرير وجودها الأبدي والدائم علي عروشها، حيث تلعفت تلك الأنظمة – من وجهة نظرهم- بالكوفية الفلسطينية كرمز للتضحية والفداء، رافعة شعار " لا صوت يعلوا فوق صوت المعركة " وأُستغلت في أغلب الوقت في تخدير الشعوب العربية حتي لا تطالب بديموقراطية أو حرية، كما اعتبر نفس الفريق أن القضية الفلسطينية كانت لكثير من المثقفين " مصدر إسترزاق " يقفون بها " وقفة الشعراء القدامي علي أبواب الخلفاء" طالبين المنح والعطايا من الحكام العرب.

حيث اعتبر الكاتب المصري صلاح عيسي –رئيس تحرير جريدة القاهرة – أن القضية الفلسطينية كانت
أكثر القضايا التي أُرتكب باسمها " كم نصب سياسي " لم يحدث له مثيل حيث أستغلت في إطار الصراع علي السلطة، أو ابتزاز بعض الدول للحصول علي المنح والمعونات.

ويري عيسي أن القضية الفلسطينية تراجعت عند الجيل الحالي عنه بالنسبة لجيل 48 وما بعده لإختلاف الظرف الزمني بينهما حيث يقول:"الأجيال التي عاصرت نكبة 48 وما بعدها كانت القضية الفلسطينية لديهم متأججة لأنهم عايشوا ظروفها وأحداثها، وكان العصر حينها هو عصر " الموجة القومية " لذلك كانت هذه القضية علي سلم أولويات الشعوب والمثقفين العرب وكانت بحق " القضية المركزية " الأولي .

و قراءة الواقع الحالي-والكلام لعيسي- تجعل المرء لا يؤمن أن هناك معسكر " ممانعة " وأخر " مساوم " لا قديما ولا في العصر الحالي، ويضيف :" قديما وأثناء معركة " السلام " مع " إسرائيل " كنا نعارض اتفاقية " كامب ديفيد " رغم معرفتنا أن الشعب المصري لا يعارضها، كنا ضد اتفاقية السلام علي اعتبار أن هناك معسكر ممانعة أخر وكان ممثلاً في معسكر " الصمود والتحدي " ثم تبين أنه ليس هناك لا صمود ولا تصدي، وقبلها قام عبد الكريم قاسم الرئيس العراقي بعمل ميداليات مكتوب عليها " عائدون " وقال :" هذا هو موقفنا من القضية الفلسطينية "، فعندما تسمع كلام الممانعين وتري تصرفاتهم تتذكر حينها القول المأثور :" ويتمنعن وهن الراغبات "، بل وحتي الجيل الجديد هو جيل تربي علي "التطبيع" و"السلام "ووجود الدولة إسرائيلية " التي تتواجد أمام أعينهم، ولها سفارات في كبري العواصم العربية، وبينها وبين بلاد عربية من العلاقات ما ليس بين البلاد العربية نفسها ".
لذا يري أنه من الصعوبة تحديد رؤية موقف المثقف العربي الآن اتجاه القضية الفلسطينية في ظل الضبابية التي ألمت بالمشهد الفلسطيني، فضلاُ عن الإختلاف البين بين كل مثقف واخر علي اعتبار أن المثقفين ليسوا كلهم من مدرسة واتجاه وبلد واحد .

أسباب التراجع

ويذكر عيسي أسباب تراجع شعبية " القضية الفلسطينية " واصفاً إياها بالضربات الموجعة التي أزاحتها عن عرش اهتمام المثقفين والأنظمة الرسمية العربية، حيث اعتبر عملية السلام بعد حرب 73 وشيوع فكرة " أكتوبر أخر الحروب " ومن بعدها اتفاقية " كامب ديفيد " كانت أولي الضربات التي تلقتها القضية الفلسطينية .
ثم جاءت من بعدها الضربة الثانية حينما تكتلت الدول العربية مجتمعة لترفض المبادرة المصرية والخطوة التي قام بها السادات، يقول عيسي :" كان هناك سؤ تصرف في هذا التكتل العربي فبدلا ً من أن يقسموا أدوارهم ما بين قسم يُعارض وأخر يضغط من اجل تحسين شروط التفاوض، تحولت المعركة ضد السادات وليس ضد إسرائيل وهو ما اضعف موقف السادات التفاوضي".

يضيف عيسي :" المؤسف أن الجبهة العربية التي تشكلت وتسمت بجبهة " الصمود والتحدي " وتزعمتها العراق حينها ما لبثت أن تخلت عن الصمود والتصدي، وفتحت جبهة مختلفة تماماً عن الجبهة الصهيونية وهي جبهة الحرب علي إيران ونادت حينها بشعار " الطريق إلي القدس يمر بطهران ".

كانت الضربة الثالثة والأقسى –يكمل عيسي- هي مغامرة الغزو العراقي للكويت والتي أدت لتقلص المشاعر القومية وناحية القضية الفلسطينية بالذات عندما أخذت القيادة الفلسطينية قراراً بالانحياز لصدام حسين خلال حربه علي الكويت .


أفول القومية العربية


ويعتبر عيسي الغزو الأمريكي للعراق هو الضربة الرابعة التي هزت القضية الفلسطينية والتي خلقت شكل من أشكال التناقض مابين القومية من جهة، وما بين الضيق بالأنظمة الديكتاتورية والفاسدة علي نحو وصل بمثقفين ومجموعات سياسية لديها القناعة الكاملة بإن تحرير بلادهم من الإستبداد المحلي لن يتم إلا باستجلاب وطلب المساعدة من قوة أجنبية تحتل بلادهم وتحررهم من حكم وطني .
يضيف عيسي :" كان من تداعيات الإحتلال الأمريكي للعراق بروز المشاعروالحدود القطرية التي كنا نعتبرها "حدود وهمية" ، الآن تجد بشكل ملحوظ الكثيرين يتحدثون عن قومية كويتية، وقومية إماراتية، وقومية عراقية حتى أن هناك الكثيرين في العراقيين الآن يرفضون وصف العراق بأنها دولة عربية فقط، علي اعتبار أنها وبعد الاحتلال صار هناك " عراق تركمانية "، وأخري " عراق كردية "..!
وختم عيسي كلامه بقوله أن الانقسام بين الصف الفلسطيني نفسه وانقسامه ما بين فتح وحماس كانت الضربة الخامسة التي أفقدت القضية الفلسطينية في الداخل العربي وفي الخارج تعاطف الكثيرين.

نضال المثقفين

وعلي النقيض من كلام صلاح عيسي يري الكاتب والمفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين أن القومية

العربية لم تنتهي، وهي موجودة موضوعياً واعتبر أنه من الممكن أن يفتر الحديث عنها مرة لكن لا يوجد أحد ينكر تلاشيها أو فناءها .
ويري عبدالقادر أنه لا يجب ظلم المثقفين وتحميلهم مسئولية ما يصيب الشعب والوطن من مصائب ونكبات فهم -من وجهة نظره- لم يألوا جهدا في دعم القضية الفلسطينية، ولم يتواروا بعيداً في الظلام فهم قادة لكل الأحزاب وحركات الإحتجاج الموجودة في الشوارع ، بل ونزلاء المعتقلات العربية 90% من المثقفين .

ولفت ياسين النظر إلي أن المثقفين ليسوا كلهم طبقة أو اتجاه أو جنس ًواحد، وليسوا جسماً متجانساً فهناك مثقفون خدموا السلطة، وهناك مثقفون ابتعدوا عن السلطة بدرجة ما أو بأخري، وهناك مثقفون ما زالوا يعيشون في أبراجهم العاجية، بمعني أن هناك مثقف- كمايقول- مسح جوخ الحاكم وأخر شُنق من أجل ما يؤمن به كسيد قطب.

يقول ياسين :" اذكر في هذا الشأن أن مجموعة من المثقفين المصريين كانوا في زيارة لقطر عربي – رفض عبد القادر ذكر اسم البلد- ساعتها قال قائد عسكري يشغل منصباً هاماً لام المثقفين العرب علي اعتبار أنهم ما أدوا دورهم كاملاً في المعركة ضد المحتل الصهيوني، حينها قام مثقف مصري وقال له
:" وهل يملك المثقفون دبابات ومدافع؟!، وهل شاركوا في التخطيطات العسكرية الفاشلة؟! ، وهل أشاروا علي حكام الدول بالدخول في هذة الحرب أو تلك ..؟؟!" عندها لزم القائد العسكري الصمت ولا يزال .


واعترف عبد القادر أن القضية الفلسطينية تراجعت قليلاً للوراء وعزا السبب إلي عوامل شتي أهمها البيئة السياسية والحياة الحزبية في البلاد العربية التي تراجعت كثيراً وتراجع معها دور المثقفين، واعتبر المثقفين جزء من الشعوب حركتهم تتأثر سلباً وإيجبا بالمد والجزر في حركة هذا الشعب أو ذاك، واصفاً الحياة الحزبية في الأقطار العربية بإنها " تصعب علي الكافر ".
والسبب الثاني –كما يذكر عبد القادر – هو التمزق العربي الذي حدث بدءاً من اتفاقية كامب ديفيد مروراً بموقف القيادة الفلسطينية في حرب الكويت.

لكنه يستدرك نقطة هامة وهي عن تأييد القيادة الفلسطينية للغزو العراقي للكويت فيقول :" فيما يخص القيادة الفلسطينية فهي لم تؤيد صدام حسين في حربه ضد الكويت، الذي أيد هو قائد فلسطيني واحد اسمه " ياسر عرفات " ، أنا عن نفسي خرجت في مظاهرة ضخمة للقيادة الفلسطينية وكل قيادات التحرر الوطني في دمشق قادها حينها " خالد الفاهوم " رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ضد الغزو العراقي للكويت، لكن للأسف في بلادنا العربية نسحب موقف الرئيس علي البلد بأكملها فإذا أخطأ الرئيس فالشعب كله بأكمله قد أخطأ " .

القضية الفلسطينية ..مشروع الممانعة

ورد عبد القادر علي فكرة أن فلسطين كانت الشماعة التي حملت عليها عمليات الإستبداد والتوريث في العالم العربي بقوله أن القضية الفلسطينية شأنها شأن كل قضية عادلة يمكن تسخيرها في تبرير المظالم لكن هذا لا يعني- من وجهة نظره - أن نرمي عليها بعبء الإستبداد في الوطن العربي كاملاً.
وأضاف :" هذا لا يمنع أن تكون القضية الفلسطينية هي بحق القضية المركزية عربيا فالهجمة الصهيونية لا تستهدف فلسطين وحدها، لكنها تستهدف العالم العربي، وفلسطين هي الجسر الذي سيعبرون عليه إلي العالم العربي بأكمله، فدفاع المثقفين والشعوب والأنظمة العربية عن القضية الفلسطينية هو دفاع عن نفسها، وللأسف رخاوة الأنظمة العربية الرسمية أطمعت الهجمة الصهيونية، ولن يستطيع أي قطر عربي أن يحقق تنمية أو ينام هائناً طالما هذا الجسم الصهيوني ممداً في فلسطين، وحتي ولو وهم البعض بأن عدم مناصبتهم للصهيونية وبعدهم عنها سيقيهم شرها . "
ووافقه الرأي الكاتب والروائي يوسف القعيد أن القضية الفلسطينية لم تسقط من أجندة أو أدبيات المثقف العربي، بل عدها أولوية أولوياته وعد القعيد هذا موقفه الشخصي واعتبره موقفاً لكثير من المثقفين العرب وأضاف :" القضية الفلسطينية مستعد لا أن أقدم لها قلمي، وإنما نفسي وكل ما نملك في سبيل نصرتها كمواطن عربي ملتزم بذلك بعيداً حتي عن دائرة الثقافة من عدمها ".

ويري القعيد أن حتي بعيداً أن القضية الفلسطينية أستُخدمت من قبل الحكام العرب كمطية لغرض التأبيد علي كراسيهم، أو التورث عروشهم -كما يُقال – المطلوب الآن الوقوف مع الفلسطينيين، ومعاونتهم في ظروفهم بأقل قدر من الخسائر .

بينما يري الكاتب والباحث المصري الدكتورعمار علي حسن، أن القضية الفلسطينية موجودة ما زالت موجودة عند المثقفين العرب، سواءً في المواقف و الفعاليات و المنتديات الثقافية، موجودة في شعر وروايات وسرد المثقفين علي اختلاف مشاربهم .

ويزداد الإهتمام بالقضية الفلسطينية عند المثقفين العرب- والكلام للدكتور عمار- خاصة في الأزمات والملمات، وعد الأمربمثابة المد والجزر حينما تعلوا القضية ويشتعل الموقف كما هو حادث الآن في غزة، تظهر بشكل أكبر، وحينما تكون الظروف هادئة، لا تظهر في فعاليات المثقفين بشكل قوي، لكن في كل الأحوال لا تغيب.

يقول عمار :" بعد هزيمة 67 حصل انفجار روائي عربي من حيث الكم والكيف، وبعد الإنتفاضة الفلسطينية الأولي والثانية حصل ثورة من الكتابة السردية والشعرية، ونفس الشيء بالنسبة لأحداث صيف 2006 في الحرب اللبنانية، ويجب أن نعترف بشئ أن الأدب بالذات تماشيه مع الواقع بطئ جدا، فليس من الضرورة أن يجلس الأديب وقت الأزمة، ويكتب عن الحرب فالأفكار الأدبية- بالذات- تختمر ثم يُعاد بعد ذلك إنتاجها " .

واعتبر عمار أنه رغم ظهور أجيال جديدة في الكتابة الأدبية لم تلتحم مع أحداث القضية الفلسطينية بشكل كبير، ولم تشهد حروباً كبيرة كحربي 67 و73 لا تعرف بالقضايا أو السرديات الكبري ومنها قضية المقاومة، والوطن، والأيدلوجيات، والقومية، وفكرة اتخاذ طرف ما كعدو، ولإن الأديب يكتب عما يعرفه وما عايشه- والكلام لعمار- بإستثناء العوالم المتخيلة، والقصص الفانتازية، وبالتالي الجيل الجديد من الأدباء هو جيل بلا تجربة.

لكن في النهاية هذة الأحداث وتلك السرديات تتبقي منها تفاصيل جزئية، أو تجربة شخصية ما، القضية الفلسطينية- بحسب رأيه- مشحونة بجوانب إنسانية وتفاصيل صغيرة يمكن للأديب أن يكتب عنها حتي ولو من الذين لا يهتمون بالقضايا والسرديات الكبري ، إضافة إلي أنه في وقت الأزمات القضية نفسها تفرض الكتابة عنها ولا يستطيع أحد إغفالها، وهذا لا يعني أنها قد ماتت، بل القضية موجودة، ولا زالت عالقة في وجدان المثقفين العرب .

يضيف عمار قائلاً:" المسألة في النهاية تختلف بدرجة حتي إهتمام الشعوب بها؛ والمثقفون جزء من هذة الشعوب ففكرة السلام التي خرجت، ومبدأ التسوية، وإستيعاب إسرائيل، ربما لم تجعل القضية الفلسطينية مغرية للجيل الجديد للكتابة عنها، لكن بعد أحداث الإنتفاضة الأخيرة، وحرب 2006، والمواجهة الحالية أعتقد أن القضية الفلسطينية تحتل موقعاً هاماً في الأدب العرب الحديث ".

وبالنسبة للقضية الفلسطينية وإستخدامها السلبي من قبل الأنظمة العربية، فرأي أنها بالفعل أستخدمت كمعطل حقيقي للديموقراطية داخل الأوطان العربية، لكنه لا يري ارتباط بهذا بين الثقافة العربية، والقضية نفسها، فاعتبر أن الأدب علي سبيل المثال لا يعنيه هذه النقطة ، بل ما سيعنيه حينها أن يلعن ويمقت ويعارض من انتهك القضية لصالحه الشخصي، واعتبر أن القضية الفلسطينية لها تجليات وطهر وصيرورة في حد ذاتها بعيدا عن هذه الإنتهاكات وهي ليست مسئولة عن إساءة إستخدامها من قبل الأخرين .
حتي الذين يقولون بإن القضية الفلسطينية قد أستغلت من قبل الأنظمة، لا يقولون هذا لتجاهلها ولا للكفر بها، ولا دعوة لنسانها ، وإنما ليحافظوا علي طهر القضية بعيدا عن انتهاك وتدنيس السلطة لها فهم أيضا بمبدأ المخافة حريصون عليها .
وفرق –عمار- بين كتابة المثقفين عن القضية الفلسطينية، والجانب الحركي فمن ناحية الكتابة كما فسرها أنها تزيد وتنقص علي حسب وضع القضية لكن تبقي وجدان المثقفين ككقضية مركزية أولي، لكن من ناحية حركة المثقفين وتواجدهم في حركات وأحزاب تناضل عن القضية الفلسطينية فاعتبر أن حركتهم قلت بالمقارنة مثلا بالستينات والسبعينات، نتيجة للقمع الشديد الذي مورس علي المثقفين من جهة،ومن جهة أخري نتيجة لإلحاق المثقفين بالسلطان من جهة ومن أخري لتحول كثير من المثقفين لتكنوقراط يستخدمون المعرفة لخدمة السلطة،وبالتالي والكلام لعمار- هذا التحول أثر بالطبع علي مشاكسة المثقف ومعارضته وضرورة أن يكون أمام السلطة لا من خلفها ولا حتي بجانبها.

"الإمام والقس".. العلمانية ليست حلا للصراع الطائفي

مناقشة فيلم القس والإمام
القس والإمام تجربة ناجحة في حوار الأديان
-الموضوع علي إسلام أون لاين " هنا ".

"رغم إيماني الكامل بمبادئ ديني التي لن أتنازل عنها على الإطلاق ورغم اختلافنا، إلا أنني أهب حياتي وأضحي بها دفاعا عن كرامة أخي القس جيمس".

بهذه الكلمات ختم الشيخ محمد أشافة المشهد الأخير للفيلم الوثائقي الذي عُرض الإثنين 1-6-2009، ضمن إطار برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية اقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في الندوة التي حضرها بطلا الفيلم الوثائقي "الإمام والقس"، النيجيريان الشيخ محمد أشافة، والقس جيمس وييه، ومعهما مخرج الفيلم الفلسطيني عادل كرم، والأخير هو أحد مخرجي الفيلم، ومدير مؤسسة for the love of tomorrow (FLT) البريطانية والتي - كما يقول- تقوم بإنتاج أفلام لها بعد إنساني تتلخص في مجموعة رسالات أهمها عمل أفلام عن أحوال المجتمعات بعد الحروب، وأفلام تناقش التقريب بين الأطياف والأعراق المختلفة، والمحور الثالث من رسالتها هو إنتاج أفلام ترصد تجارب ناجحة في العمل التنموي.

ربما تلك الكلمات هي التي دفعت أحدى الحاضرات للتعليق بقولها: "الفيلم أثبت أن الشعوب ذات الهويات الدينية المختلفة تستطيع أن تعيش معا بدون الحاجة للعلمانية، التي يردد الكثيرون أنها العلاج الوحيد لمجتمع متعدد الطوائف والأديان، فالإمام والقس استطاعا رغم تدينهما الشديد أن يتعايشا سويا ويحترم كلا منهما الآخر، دون التنازل عن مبادئهما وقيمها الدينية" وهو ما لاقى استحسان المنصة والحضور.

وعرض المخرج عادل كرم في البداية لظروف إنتاج الفيلم قائلا: «كنا نبحث كشركة إنتاج عن قصة تعكس بشكل إيجابي العلاقة بين المسلمين والمسيحيين؛ حيث نسعى لردم الفجوة بين الشرق والغرب، خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث أنتجنا مجموعة أفلام تدعو للتصالح والتسامح والتقريب بين الثقافات والأديان، ففكرنا في إنتاج ثلاث قصص في هذا الإطار، واحدة منهما عربية وأخريين أوروبية وبريطانية، ولم يدر في ذهننا أن نتجه لإفريقيا، ولإفريقيا السوداء بالتحديد، إلى أن التقينا القس جيمس وييه، والإمام محمد أشافة، في مؤتمر للسلام في سويسرا، ومن هناك انطلقت الفكرة لإعداد فيلم "الإمام والقس".

طالع أيضا:

استمع فريق شركة (FLT)إلى قصة الإمام والقس بالتفصيل، وذهبوا إلى نيجيريا؛ حيث تأكدوا من وقائع أحدث القصة، وبعدها قرروا إنتاج الفيلم.

ويضيف كرم قائلا: "الشيء الذي لم أتوقع حدوثه هذا الاهتمام الكبير على مستوى العالم؛ حيث جال الفيلم دولا مختلفة، وحاز على الجائزة الأولى في مهرجان فني في ميسوري في أمريكا، وفي مدينة لاغوس النيجيرية، كما تمت ترجمته ودبلجته إلى عدة لغات منها الفرنسية والألمانية والإسبانية والسويدية والإيطالية والروسية وأخيرا العربية، في النهاية هدفنا من إنتاج هذا الفيلم هو إيصال رسالة تسامح وسلام، خصوصا للعالمين الإسلامي والعربي".

نظرة المجتمع للرفيقين

وجاءت إجابة الإمام محمد إشافة عن الأسئلة التي طرحها الحضور عن نظرة المجتمع النيجيري المتدين، سواء الإسلامي أو المسيحي لهما بعد تصالحهما وعملهما معا معبرة عن الواقع؛ حيث قال: "المجتمع النيجيري انقسم في نظرته لنا إلى ثلاث فئات، فئة اتهمتنا بأننا خونة –أنا عند المسلمين والقس عند المسيحيين على السواء- وفئة ثانية ساندتنا وتمنت لنا حظا طيبا، وفئة ثالثة أخذت الموضوع بحذر، وترقبت خطواتنا وردود أفعال المجتمعات النيجيرية المتنازعة ناحية مشروعنا التصالحي الذي أسميناه مركز "الوساطة الإسلامي المسيحي".

وأجاب الشيخ إشافة عن سؤال وجه إليه، وهو كيف تنسى أرامل وأيتام فقدوا عائلاتهم وذويهم؟ ولماذا يستمعون إليكم؟ قال: "الإنسان إذا لم يسامح نفسه يخسر جوهر ذاته ومعنى وجوده؛ لأنه عندما لا نسامح يخسر الفرد الصلة بشجرة العائلة التي ينتمي إليها، وعندما نفشل بتسامح الآخرين في الوطن نخسر علاقتنا به، ومن ثم نخسر هذا الوطن، وعدم التسامح كالسم الذي يرتشفه الفرد متوقعا الموت لعدوه".

وأضاف الشيخ محمد أشافة قائلا: «الخطأ هو أن نقول للأجيال الصاعدة بأن فلانا شيطان وعلينا محاربته، وهذا ما قمت به عندما كنت زعيما دينيا، وهو ما أندم عليه اليوم، وكل مواقفي وما كتبته كمسلم في مهاجمة المسيحي الآخر، كان يجب أن أوجهها إلى الشخص الذي زرع بي كل تلك الأحقاد بحق المسيحيين".

وأجاب القس جيمس عن القوة الخفية التي تحرّك الحروب، قائلا: "الدين لا دخل له على الإطلاق بأي صراعات تحدث، الدين للأسف يوظف في الصراعات، التي تقوم إما على الموارد أو صراعات سياسية".

وأضاف القس جيمس: "هناك نقطة ثانية وهي أنني أجد بأن مسئولية المصالحة والسلام تقع بالدرجة الأولى على رجال الدين قبل السياسيين؛ لأن الناس تتوجه كل جمعة وأحد لسماع الخطبة أو العظة بلهفة، فإذا جاءت الكلمات مسمّمة فإنها تسمم الجموع، وإذا أتت حاملة لطروحات مفيدة فإنها على التوالي تعكس إيجابيا على الجموع، ورجال السياسة هم أيضا جزء من هذه الجموع، فهم يتوجهون إلى مراكز العبادة؛ لذا فإن خطبة الجمعة وعظة الأحد يجب أن تأتي كلماتها متطابقة للدين؛ لأن الإسلام هو دين السلام والمسيح هو رسول السلام".

التنوع والتعدد قوة

في حين أشارت الدكتورة إجلال رأفت رئيسة برنامج الدراسات المصرية الإفريقية بجامعة القاهرة إلى أنها أدركت شخصيا بعمق أهمية نشر الأفكار والمفاهيم عن طريق الميديا الجديدة؛ حيث عرض الفيلم عدة مفاهيم معقدة في شكل بسيط للغاية، واستطاع أن يصل لقلب المشاهد قبل عقله، ونوهت إلى أن الفيلم احتوى على إشارات ودلالات هامة؛ أهمها أن الدين الإسلامي والمسيحي مؤسسان على المحبة والتسامح، وأنه في الاستحالة أن يدعو الشيخ إلى الإسلام، أو أن يبشر القس بالمسيحية وفي قلب كل منهما كراهية وبغض للآخرين.

النقطة الثانية التي أشارت إليها "دكتورة إجلال" هي أن الفيلم أشار للثراء والتعددية الثقافية والدينية في نيجيريا، وأن التعددية والتنوع ليسا سبب النزاع في الأغلب، وإنما المشكلة -من وجهة نظرها– تكمن في إدارة هذا النزاع، وإدارة العلاقة بين هذا التنوع، وتضيف إجلال قائلة: "الإمام والقس أكدا على فكرة "التعايش"، وليس "الاندماج"؛ لأني أعتقد أن فكرة الاندماج فيها عنف كثير للطرفين؛ لأن الاندماج يعني فناء أحدهما مقابل الآخر، وهذا هو مسبب العنف، التعايش السلمي بداخلة فكرة "قبول الآخر".

أما النقطة الثالثة التي علقت عليها الدكتورة إجلال هي "فكرة الاعتذار"؛ حيث تعتبرها محورا هامة لرأب التصدعات بين الطوائف المتنازعة، وتطوي صفحة من الخلافات التي قد تكون دموية في بعض الأحيان، وضربت مثالا بفترة "الأبارتيد" فترة الحكم العنصري في جنوب إفريقيا؛ حيث اعتذر البيض للسود عن المعاناة التي وضع السود فيها لعقود طويلة، بعدها قال نيلسون مانديلا مقولته الشهيرة: "ما إن وصلنا للسلطة حتى اعتبرنا تنوع اللغات والألوان مصدرا للقوة".

كما نوهت الدكتورة إجلال رأفت إلى أن إفريقيا خصيصا تعاني من مشكلات عامة تعمق من التنازع والتناحر الطائفي، أهم تلك المشكلات تغليب الهوية الخاصة على الهوية العامة، وغياب العدالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وارتباط كل ذلك بمدى قوة تأثير طائفة عن الأخرى، والارتباك الشديد في قبول الآخر، وأكدت دكتورة إجلال أنه رغم مجهودات الإمام والقس إلا أنه لا زالت هناك حوادث ونزاعات طائفية تتفجر كل فترة في نيجيريا، وهو ما دفعها لذكر أهمية تواجد مؤسسات العمل المدني والتي تحتك بالمشكلة على أرض الواقع، وأهمية تواجد مشروع كبير تشارك فيه مؤسسات الدولة بجوار مؤسسات العمل المدني والأهلي لترسيخ الانتماء لهوية الدولة

ممدوح حمزة : التنفير من القاهرة حل لمشكلة السكان في مصر

الموضوع علي إسلام أون لاين " هنا "
طالب الخبير المعماري المصري د.ممدوح حمزة بفرض ضرائب أعلى على سكان المدن، مثل زيادة ضرائب تراخيص السيارات، وتحديد ضريبة للعقارات غير الشاغرة.. وغيرها، واعتبر أن هذا الإجراء ضروري للتنفير من الهجرة إلى المدن، وترغيب الهجرة المضادة إلى الأرياف والأقاليم، لمواجهة واحدة من أهم أسباب مشكلة الإسكان في مصر.


وأبدى تعجبه من أن الضرائب متساوية علي ساكني المدن والأقاليم، في حين أن سكان المدن يتمتعون بخدمات أكبر تدفع الريفيين للهجرة إليهم، وقال: "كأن الحكومة تأخذ ضرائب الفقراء بالريف لتصرفها على خدمات المدن".

ويعتبر التنفير من المدن واحدا من حلول المشكلة السكانية التي طرحها حمزة خلال محاضرة له يوم الإثنين 8 يونيو بمقر اتحاد الأطباء العرب بالقاهرة.

التجمعات الريفية

ومن المطالبة بفرض ضرائب أعلى على سكان المدن، إلى اقتراح تخفيضات ضريبية على التجمعات الريفية الجديدة، انطلق حمزة يشرح خلال المحاضرة محوره الثاني للخروج من الأزمة السكانية.

وأكد في هذا الإطار أن الحكومة المصرية خلال السنوات الخمس المقبلة لابد أن تركز على التنمية العمرانية الريفية خارج الوادي، وأن تبعد التنمية عن الوادي بمسافة كبيرة، وذلك بإنشاء تجمعات أو قرى تعتمد بالأساس على الإنتاج الزراعي والصناعات المغذية للعملية الزراعية، وتجمعات سكنية أخرى تعتمد على الاقتصاد التعديني في الصحراء الشرقية وسيناء، وتجمعات تعتمد اقتصادياتها على الحرف والمشروعات الصغيرة.

ولإحياء هذه المناطق اقترح حمزة دعمها اقتصاديًّا واجتماعيًّا بمزايا وحوافز مثل الإعفاءات الضريبية، والزيادات في نسب التأمينات الاجتماعية، وتذاكر سفر مجانية للأسر التي تعيش في هذه المناطق، وربطها جيدا بشبكة طرق لسهولة التنقل والسفر.

واستكمالا للحلول القائمة على الضرائب دعا د.حمزة إلى إعادة توزيع السكان عبر التمويل غير التقليدي، وذكر عدة اتجاهات من بينها فرض ضرائب على الوحدات السكنية الشاغرة، وفرض رسوم ضئيلة على الجامعات الخاصة التي تزيد مصاريفها على عشرين ألف جنيه مصري في السنة، وضرائب على المسطحات الخضراء الخاصة غير المنتجة للغذاء مثل ملاعب الجولف التي تأكل كمية كبيرة المياه.

إسكان منخفض التكاليف

واقترح د.حمزة توجيه حصيلة هذه الضرائب إلى صندوق لإسكان محدودي الدخل، واعتبر أن التوسع في جهود هذا النوع من الإسكان، يمثل المحور الرابع لرؤيته للحل، حيث ينبغي أن يعاد النظر للمشكلة في مصر -بحسب رأيه- باعتبارها مشكلة إسكان منخفض التكاليف.

وحمل د.حمزة الحكومة المصرية مسئولية تدهور هذا النوع من الإسكان، وقال: "عندما أعطت الحكومة للمستثمرين الأراضي لبناء إسكان منخفض التكاليف عليها، سمحت لهم باستخدام 50% من مساحة الأراضي المخصصة لهم في إسكان فاخر، وكان ذلك هو المحلل بالنسبة للمستثمرين، الذين استغلوا هذه النقطة للتربح الزائد تحت شعار إسكان منخفض التكاليف".

وتابعت الحكومة هذه السياسة الخاطئة بسياسات أخرى أكثر خطورة، فعندما فكرت في وضع حل لمشكلة الإسكان ركزت على تنمية عمرانية للمدن وحدتها الاقتصادية "الأساس الصناعي" وأهملت -من وجهة نظره- التنمية العمرانية الريفية التي تعتمد على وحدات اقتصادية زراعية أو صناعات غذائية وتعدينية وحرف يدوية، وبالتالي تمت الهجرة من الريف، وسكن القادمون إلى القاهرة والحضر في مساكن هامشية.

وتبع ذلك مشاكل اقتصادية واجتماعية جمة بدأت بسكان القبور، وإفراز العشوائيات التي أصبحت سرطانًاً يمزق نسيج المجتمع المصري.

كما أن جزءًا كبيرًا من المشكلة راجع لأسلوب وسوء تخطيط وزارات الإسكان السابقة التي أعطت الأولوية في التوسع العمراني لصالح المستثمرين المصريين والعرب والأجانب لتتحول مدن بأكملها إلى شاليهات وقصور تباع بالملايين على حساب القطاع السكاني المنخفض التكاليف.

يقول حمزة: "هناك الآن صورة متناقضة لمصر؛ تجمع بين عشش من الصفيح يعيش فيها أسر بأكملها تحتوي على عشرة أفراد أو يزيد، في الوقت الذي يرتع فيه مستثمر واحد في قطعة أرض تزيد مساحتها على مساحة نصف قرية مصرية بأكملها".

تحركوا قبل الانفجار

تنفيذ هذه الحلول وغيرها من التي يقترحها خبراء آخرون، يجب أن يتم على وجه السرعة.. هذا ما شدد عليه د.حمزة.

وقال: "نحن نعيش في مرحلة انفجار سكاني، وإذا لم يتم تدارك هذا الأمر فسينفجر بنا الوادي، وتداعيات هذا الانفجار موجودة الآن في الاختناق السكاني، والتلوث الشديد، والزحام المروري الذي أكل الوقت والصحة".

واستعرض الأرقام الصادرة عن مركز التعبئة والإحصاء المصري، التي تشير إلى تزايد العشوائيات بشكل فادح لدرجة أن الذين يعيشون من سكان القاهرة الكبرى في مناطق عشوائية وصل إلى 35% برقم يصل إلى 6.5 ملايين مواطن مصري، وبكثافة هي الأعلى بين دول العالم، وبنسبة هجرة وصلت إلى 600% خلال أقل من عشرين عاما من الريف إلى المدن، لدرجة تقلصت معها نسبة الذين يعيشون في الأرياف 10% من معدلها الطبيعي.

وكل هذه الأرقام -حسب تأكيده- قابلة للزيادة عندما يصل عدد سكان مصر إلى 100 مليون نسمة بحلول عام 2020.

ليست هندسية فقط

لكن التنفيذ -من وجهة نظره- يجب أن يتم من خلال جهود فريق عمل يُشكل من خبراء الديموجرافيا، والاقتصاد، والاجتماع، والتنمية، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو السياسية، وأن يتبع هذا الفريق مباشرة رئيس الجمهورية على أساس أن مشكلة السكان هي من أهم المشاكل والأولى بالرعاية.

ولفت النظر إلى أن التخطيط العمراني يجب ألاّ يتم الاعتماد فيه على المهندسين وحدهم، والذين هم فقط منفذون لخطة عمرانية لابد أن يشرف عليها مجموعة من الخبراء في تخصصات مختلفة تراعي ظروف واحتياجات المكان.

الجمعة، 5 يونيو 2009

"حرب أهلية" بين الصحفيين المصريين

- الموضوع علي إسلام أون لاين

دمج المؤسسات الطريق لخصخصة الصحف القومية
دمج المؤسسات الطريق لخصخصة الصحف القومية
القاهرة - إضرابات..مظاهرات..تهديد باعتصام في نفس يوم " خطابا أوباما " في القاهرة..سب رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين .. تهديد بسحب الثقة ..بوادر خلافات وشبح توتر وانشقاق يهيمن علي الجماعة الصحفية المصرية..بيان من لجنة الأداء بنقابة الصحفيين يقول "نقابة الفكر والرأي وصلت إلي محطة الاستعانة بالبودي جارد "..ليس كل ذلك مظاهر " ثورة برتقالية " في مصر، لكنها تداعيات أحداث مظاهر الأزمة الصحفية الأخيرة التي تشهدها الصحافة المملوكة للدولة التي يطلق عليها في مصر "الصحافة القومية" والتي تحولت إلى ما يشبه الحرب الأهلية داخل قطاع هام من الصحافة المصرية.

وجاءت هذه الأزمة عقب قرار "حكومي" لمجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة، أعلى سلطة مشرفة على الصحافة بمصر وتسيطر عليها الدولة، بدمج مطبوعات دار التعاون (مملوكة للدولة) مع مؤسستي " أخبار اليوم " و " الأهرام " الحكوميتين أيضا.

ونظم أمس الأربعاء 3 يونيو معظم صحفيي "الأهرام" و"الأخبار اليوم" وقفة احتجاجية أمام مؤسسة الأهرام بالقاهرة تنديداً بقرار ضم صحف " دار التعاون " (المسائية والمجلة الزراعية والتعاون) إلي مؤسستي "الأهرام" و" أخبار اليوم " وجاءت الوقفة الاحتجاجية الضخمة للتنديد بقرار مجلس الشوري والمجلس الأعلي للصحافة، وتم فيها الإعلان الرسمي عن الخطوات التي سيتخذها الصحفيون بمؤسستي " الأهرام " و " أخبار اليوم " يوماً بيوم كرد فعل علي قرار الضم حتي رجوع المجلس الأعلي عن قراره.

هتافات واعتراضات

وقام الصحفيون بترديد هتافات "لا صباحية ولا مسائية.. الأخبار مش تكية" و" لعبة حقيرة لعبة حقيرة.. والأخبار مش فطيرة " ، " و"يا إخواتنا فى المسائية.. شوفوا لكم إدارة ذكية"، وأعلنوا خلال الوقفة أنهم سيقومون بعمل اعتصام مفتوح في مؤسساتهم بدءاً من السبت القادم، وحتي يتم الرجوع في قرار ضم مطبوعات " دار التعاون " إلي مؤسسة " الأخبار " و " الأهرام ".

وتكمن مبررات الاعتراض من صحفيي مؤسسة الأهرام والأخبار في أن الإصدارات الثلاث التي سيتم ضمها إصدارات " خاسرة " لا تحقق ربحاً، وأنه سيتم ضمها بدون أصول سابقة، حيث ستحتفظ " الشركة القومية للتوزيع " بأصول " دار التعاون " وهي المؤسسة التي يصدر منها هذه الصحف، وبالتالي فنقل صحفيي " المسائية " و" المجلة الزراعية " و التعاون " سيعود بالسلب علي الميزانية الكلية لمؤسسة الأخبار والأهرام طالما أنهم منقولون بلا أصول .

ورفض الصحفيون المتحجون القيام بعمل أي احتجاجات يوم زيارة أوباما للقاهرة اليوم الخميس 4 يونيو، احتراماً للضيف الزائر لمصر، وفقا لتصريح ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، والمتحدث باسم "صحفيون من أجل الأهرام"، وهي رابطة تأسست داخل الصحيفة للحفاظ على حقوق صحفيي المؤسسة.

وأشار " رشوان" إلى أن معركة صحفيي الأهرام والأخبار ليست بأي حال مع زملائهم الصحفيين بمؤسستي دار التعاون ودار الشعب، كما نوه إلي أنهم مستعدون للوقوف مع صحفيي" دار الشعب " و" دار التعاون " لأقصي مدي للوصول إلي طريقة لإنقاذ مستقبلهم، ومستقبل أصول صحفهم التي ضاعت بين يوم وليلة .

وأضاف قائلاً :" نحن نعترض علي الطريقة العشوائية والفردية والغوغائية التي تدار بها أصول الصحف القومية ، التي تصل لاستباحة أصول دارين قوميتين عريقتين بحجم " التعاون " و " دار الشعب "، وأن تُلغي من الوجود وبموجب قرار فردي فوضوي".

وأضاف رشوان :" نحن بوقفتنا هذه نحاول الحفاظ علي تطوير ووجود المؤسسات القومية الأخري وإلا تحولت " الأخبار " والأهرام " و" الجمهورية " لنفس لمصير داري " التعاون " و " دار الشعب " ".

علي الجانب الآخر، احتشد عدد كبير من صحفيي جريدة "المسائية" في مظاهرة أمام مجلس النقابة أثناء اجتماع المجلس أمس الاربعاء لبحث أزمتهم، منددين بتصريحات بعض الصحفيين من الأخبار الذين وصفوا صحفيي "دار التعاون " بت "الفشلة"، أثناء اعتراضهم علي ضم جريدة "المسائية "لمؤسسة الأخبار بعد القرار الذي أصدره صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى.

ويوم الاثنين الماضي، نظم صحفيو دار " التعاون مظاهرة نددوا فيها بموقف بعض أعضاء مجلس النقابة المنتمين لجريدة الأخبار بدعوى انحيازهم لموقف صحفيي "الأخبار".

بداية المشكلة

وكان المجلس الأعلى للصحافة قد أعلن قبل أسبوع قراره بضم مطبوعات مؤسسة دار التعاون وهي جريدة "المسائية" وجريدة " التعاون" و" المجلة الزراعية" لمؤسستي " أخبار اليوم " و" الأهرام " ، وقرر المجلس إلحاق جريدة المسائية بمؤسسة " أخبار اليوم " ، و" التعاون" و"المجلة الزراعية" بمؤسسة الأهرام.

مصدر من جريدة المسائية – رفض ذكر اسمه – ذكر لإسلام أون لاين أن الصحفيين بالمسائية وغيرها من مطبوعات مؤسسة "دار التعاون" موافقون بالطبع علي الضم لمؤسستي الأخبار والأهرام، وأنه لا يحق لصحفيي الأهرام أو الأخبار الإعتراض علي قرار مجلس الشوري، والمجلس الأعلي للصحافة بالضم طالما أن الأخير هو المالك لكل هذه المؤسسات القومية، وله الحق في دمج أي مؤسسة .

حيرة النقابة

في بداية الأزمة وقفت نقابة الصحفيين حائرة بين صحفييها في أكبر مؤسستين قوميتين من جهة ، وبين مجلس الشوري والمجلس الأعلي للصحافة، ومعهم صحفيوا مؤسسة " دار التعاون " من جهة أخري، والتزمت النقابة الحياد رغبة في تراجع مجلس الشوري عن قراره، غير أن القرار صٌدر بالفعل وتمت الموافقة عليه يوم 27 مايو، وبالتالي كان علي النقابة اتخاذ موقف.

وعقد بالفعل اجتماع مجلس النقابة المطول الأربعاء 3 مايو والذي استمر عدة ساعات قبل أن يخرج بيان من النقابة يعرب فيه مجلس نقابة الصحفيين برئاسة مكرم محمد احمد نقيب الصحفيين، عن رفضه أن يُصاغ مثل هذا المشروع بعيداً عن النقابة التي لا يجوز تجاهلها فى قضية مهنية تؤثر فى مصالح وحقوق ومستقبل ألاف الصحفيين.


وقد ندد المجلس –وفقاً للبيان - ببعض الوقائع المؤسفة منها الطعن الذي وجهه مجموعة من صحفيي " الأهرام و" الأخبار " بحق صحفيي " دار التعاون " و"دار الشعب " ووصف مؤسساتهم بإنها " مؤسسات فاشلة "، وقرر المجلس تحويل من يثبت تورطه فى هذا الشأن الى لجنه تحقيق نقابية .

وطالب مجلس النقابة المجلس الأعلى للصحافة ومجلس الشوري بمزيد من الوقت لاستكمال الدراسة والبحث وأن لا تسير عملية الدمج بمعزل عن دراسة قضية الأصول للمؤسسات المنقولة.

في النهاية ناشد مجلس النقابة صحفيي " الأخبار" و " الأهرام " بإنهاء مظاهر الاحتجاج والتظاهر لتوفير مناخ موضوعي هادئ يضمن حلولاً صحيحة للمشكلة، وعدم السعي لتسييس القضية وحلها في الإطار المهني فقط.

ويرى متابعون للشأن الصحفي أن قرار الدمج الذي يخص مؤسسات صحفية مملوكة للدولة يأتي في إطار توجه الحكومة الحالية برئاسة أحمد نظيف للتخلص من الأعباء المالية للشركات والمؤسسات العامة التي تعاني من خسائر مالية كبيرة عن طريق خصخصتها أو دمجها.



صحفي مصري

الأربعاء، 3 يونيو 2009

المواطن العربي بين صحافة التمويل وصحافة المارينز

قنديل ..رئيس تحرير " جرنال " حتي إشعار آخر
أحمد عبد الحميد - الجزيرة توك - القاهرة

الروائي اليساري " صنع الله إبراهيم " والكاتب الصحفي " عبد الحليم قنديل " يمثلان لدي الصورة الكلاسيكية للثلاثية الشهيرة الأديب والمثقف والصحفي ..تلك الصورة النادرة وربما المختفيه للمناضل المثقف المؤدلج ، العامل بصحيفته نهاراً، وفي حزبه مساء ، والجالس علي قهوته آخر الليل يلعن مع أصدقائه " سلسفين النظام "، المثقف الذي يكسب قوته من نتاج قلمه وورقه، أو عمل نشر صغير يقتات منه بضعة لقيمات ليتفرغ بعدها لنضال أو قضية يعمل لأجلهما في حزب سري، أو حركة مطاردة من النظام .

يذكرني " صنع الله " و " قنديل " بصورة مثقف " الزمن الجميل "التي تلاشت مع ظهور " العولمة " و " العلمنة" و التي طالت فيما طالت نطاق المثقفين، فظهر المثقف الذي آجل الموقف الأيدلوجي والسياسي لصالح لقمة العيش" و " المثقف اللاهث وراء الترقي الحياتي صاحب المشروع الذاتي " العامل بكل صحف ومنابر الدنيا، و" المثقف المعولب" الذي يحمل في حقيبته 5 أطقم من البدل يغيرها مع كل إطلالة يظهر بها علي قناة مختلفة ليمارس هواية الرواية والإفتاء في كل القضايا بدءاً من " الهوية والحداثة" وإنتهاءً بـ " لحم البعرور والأوزي"..

كان لقائي في الدور الثامن بنقابة الصحفيين المستقر الحالي للدكتور عبد الحليم قنديل رئيس تحرير صحف " العربي، والكرامة، وصوت الأمة " السابق حول ملابسات تركه للجريدة الأولي، وإقالته من الجريدتين الأخيرتين، وظهور أمريكا في المشهد الإعلامي العربي وخصوصا الصحافة المستقلة، وتيه المواطن العربي في غابة الإعلام المرئية والمكتوبة .

الجزيرة توك : إقالتك من صوت الأمة يعطي دلالة واضحة أن النظام لا يتحكم فقط في الجرائد القومية وحدها، إلي أي مدي وصل الضغط علي مجالس إدارة صحيفتي " الكرامة " و" صوت الأمة " لإقالتك من رئاسة تحريرهما ؟

أولاً عقب توليتي رئاسة تحرير جريدة " صوت الأمة كنت مستضافاً بقناة " الجزيرة " ساعتها قلت أنني رئيس تحرير " صوت الأمة " حتي إشعار آخر، لعلمي مسبقاً بما سيمارس علي إدارة جريدة " صوت الأمة " لعدم إبقائي فيها ، أما عن الضغوط التي مورست علي رئاسة تحرير جريدتي " الكرامة " و " صوت الأمة " فكانت من طرفين، الأول بيت وديوان الرئاسة مباشرة، والطرف الثاني الذي يقوم بالضغط الميداني " جهاز مباحث أمن الدولة " وعلي رأسه حسن عبد الرحمن وهو مسئول من" المسئولين المزمنين " كرئيسه ووزير داخليته،



المهم أن هذه الضغوط تصاعدت مع بداية توليتي رئيساً لتحرير " صوت الأمة " والتي لم تتجاوز تسعة أشهر، فبعد خمسة أسابيع فقط من هذا التاريخ صُدر حكم ضد عصام إسماعيل فهمي بالسجن ثلاث سنوات ونصف في قضية ضرائب تافهة، والرجل صاحب الجريدة وهو بالمناسبة بلا أي عقيدة سياسية يعاني من مرض مزمن بعد اصابته بجلطة في المخ، عاني أيضاً من ضغط أمني ورئاسي كاسح وضعه بالإضافة لمرضه في حالة من الفزع والهلع بعدها قايضوه بإلغاء الحكم عليه مقابل إلغاء وجودي بالجريدة.


والحوادث بعدها أتت تتري فعدد 5 يناير كان يحمل تأجيل الحكم بالحبس وفي نفس اليوم حُذف أول مقال لي والذي كان بعنوان " الذي جلبوا العار لمصر " وكان أيام حرب غزة، وفي نفس العدد جري مصادرة حوار للمرشد العام للإخوان المسلمين، والذي كان في رأيي أعنف حوار في حياة المرشد الحالي، حيث وصف الرئيس مبارك في هذا الحوار بأنه " أبله لا يعي ما حوله " والحوار مسجل عندي ولدي أصول الصفحتين، والإخوان عندما طلبوا مني حذف الحوار أخبرتهم أن الأمر لم يعد بيدي ، والإخوان طلبوا الحذف لإنهم قد هددوا بإعتقال المرشد في حال نزول الحوار بالجريدة، أو تكرار مثل هذا الكلام، وتم حذف مقالي وحوار المرشد بتدخل مباشر من رئيس مباحث أمن الدولة " حسن عبد الرحمن" و " ولواء أخر وهو " حامد عوض" وهو شقيق " محمد عوض تاج الدين " وزير الصحة الأسبق، وكان مبرر الأمن حينها أن الرئيس يتعرض لهجوم شديد من إعلام الدول العربية، ولا يتحمل أن ينشر مثل هذا الكلام بالداخل ..!!

بتاريخ 16 فبراير تم حذف مقال لى بعنوان "خطاب مفتوح للجيش" وذلك عقب صدور حكم المحكمة العسكرية بسجن الزميل مجدي أحمد حسين، وكان مضمون المقال التنبيه لخطورة توريط الجيش في الصراع الدائر بين الأمة التي تريد حريتها، والمؤسسة المستبدة التي تحكم ، وأن علي الجيش أن يبقي محايدا ً ، ملكاً لكل المصريين ، وطوع خدمتهم .
في 16 مارس الحالي كان الصدام الثالث والأخير، كان مصادرة المقال الثالث،وكان عنوانه " ممدوح اسماعيل جناية نظام " وكنت أتطرق فيه للعلاقات الشائكة بين زكريا عزمي وممدوح إسماعيل، وتحدثت عن دور مبارك في إيصال ممدوح اسماعيل لمجلس الشوري وأمانة الحزب الوطني بمصر الجديدة، وعن شراكة مبارك وزكريا عزمي المباشرة لممدوح اسماعيل في حادثة العبارة، لإن وصول أول إشارة استغاثة لمكتب وزير الدفاع لم يتم أي الإلتفات إليها، وتأخرت عمليات الإنقاذ لإن مبارك كان نائماً حينها، وتحركت عمليات الإنقاذ عندما استقيظ لإن تلك العمليات معلقة بأوامر مباشرة من الرئيس الإعلى للقوات المسلحة أي مبارك شخصياً ...!!!


الجزيرة توك : هل حدث هذا الكلام بالفعل ؟
نعم موجود بمضبطة مجلس الشعب نفس الكلام في طلبات الإحاطة المقدمة حينها، وقد مورس علي عصام إسماعيل فهمي تهديدا بالسجن ، وصودور المقال، وبعدها تم إقصائي ..

الجزيرة توك : مقالك " خطاب مفتوح للجيش " هل اقتربت من منطقة حمراء لا يجوز الكلام فيها، أم خشي النظام أن تهز كلاماتك منطقة " المعارضة السلبية " كما وصفتها من قبل ؟

نص المقال منشور في صحيفة " القدس العربي "، وقد فهم بيت الرئاسة أني أحرض من طرف خفي أني أحرض الجيش عليهم .

الجزيرة توك : رغم هجوم الصحفي ابراهيم عيسي واستهدافه الشديد للرئيس وعائلته، إلا أن عيسي أخذ عفواً من الرئيس نفسه، ومازال باقياً رئيس تحرير أكبر جريدة مناوئة لسياسات الرئيس، وله برنامج مشهور بقناة خاصة مصرية، هل يكرههك النظام أكثر من عيسي، أم لعيسي ظهر يحميه ؟؟

قال لي عصام إسماعيل فهمي - صديق ابراهيم عيسي المقرب- بالنص :" أني كنت أعتقد أن لعيسي مشكلة مع النظام، لكنني أدركت الآن أن مشكلة ابراهيم لا تقاس بمشكلتك، لم أكن أتصور أن مبارك يكرههك لهذا الحد".
في إحدي المرات خاصة مع مصادرة المقال الأول رغب عصام اسماعيل أن التقي حسن عبد الرحيم –مسئول مباحث أمن الدولة -وأخبرته أني سأصبح كافراً لو وضعت يدي في أيدي هؤلاء.

الجزيرة توك : البعض يتساءل لماذا ترك عبد الحليم قنديل بيته الأصلي " جريدة العربي "؟

أنا فى العربى ظللت رئيس تحرير مدة طويلة من مايو 2000 إلى فبراير 2006 ، وعندما أردت ترك الجريدة لاسباب لم أفصح عنها حينها قلت لأستاذ ضياء الدين داوود أني في حاجة لتجربة أخري، وأخبرته أن هناك تجربة جديدة هي جريدة " الكرامة ،وأصحابها من نفس جيلي ، وأرغب بالعمل معهم.

أذكر أن الرجل قال لي حينها :" أنا سأمضي لك ولكنني خائف عليك".
لكني سأحكي لك تفاصيل أخري أحكيها لأول مرة، خلال فترة الست سنوات التي قضيتها مع " العربي " أستطيع أن أقول أن ضياء الدين داود رئيس مجلس إدارة " العربي "هو أصلب الناشرين الذيت تعاملت معهم علي الإطلاق خاصة أنه تحمل من من الضغوطات الكبيرة من كافة الجهات فلم يخضع ولو مرة واحدة، وكان للطرافة يقوم بامتصاص تلك الضغوط بطرق عجيبة، كان عندما مثلا يشكي له واحد من هولاء ( صفوت الشريف، مصطفي كمال حلمي رئيس مجلس الشوري حينها، كمال الشاذلي، اسامة الباز، زكريا عزمي ) كان يرد قائلاً :" معقول هو كتب كده، أنا لم أقرأ الصحيفة بعد" تحمل ضفوطات شديدة ، وكان يكتفي معي بقوله " هدي شوية " ، وجاء الموقف الأخير الذي استقلت بسببه والذي دل قبها علي صلابة ونبل هذا الرجل ..

أذكر أن ضياء فى انتخابات مجلس الشعب 2005 نجح فى أول مرة بفارق 8000 عن مرشح الحزب الوطني محمد خليل قوطة، وفى الإعادة كانت المفاجأة حينما نزلت جحافل الأمن تمنع الناس من الإدلاء بصوتها، حتي منع ضياء الدين أن يدلى بصوته، وعندما سأل وزير الداخلية، فقالعشان قلنا لك أكثر من عشر مرات لاستبعاد قنديل ولم تستبعده، وأثناء ذلك لميبلغنى ضياء بذلك، ولكني علمت من الأستاذ سامى شرف، الذي قابلني في الدار البيضاء في مؤتمر " القوميين العرب" ، وتحادثنا معاً في أمور شتي حتي جئنا لموضوع الأستاذ ضياء الدين داوود وعدم دخوله البرلمان، فأخبرت الأستاذ سامي شرف أن الأستاذ داوود متأثر بعدم دخوله البرلمان فقال لي :" أنت السبب" وأخبرني بأنه أثناء نزول الأمن فارسكور لمنع الناس من التصويت لصالح الأستاذ داوود، عندها اتصل داوود بالأستاذ سامي شرف ليتصل بالرئاسة- لإن العلاقة جيدة بين مبارك وسامي شرف- ليعرف لماذا هذا التنكيل بالناس، فاتصل الأستاذ سامي عدة مرات ببيت الرئاسة فلم يرد عليه أحد، ثم اتصل في اليوم الثاني فأخبروه أنه قيل لضياء الدين داوود عدة مرات انه يطرد فلان فلم يرض .
أذكر أن الأستاذ ضياء الدين لم يحادثني ولو مرة في هذا الموضوع، وكنت دائم النتقاد لم يحدث بالحزب الناصري، وكنت أختلف معه كثيراً فلم يفتح معي هذا الحديث وتحمل وواجه بصمود وجرأة ..أدعوا الله له بالشفاء .

الجزيرة توك : لماذا كل هذا الهجوم علي عبد الحليم قنديل ؟
يبدو أن الهجوم الذي يشن عليَّ من" بيت الرئاسة " أخذ طابعاً انتقاميا شهوانياً، لعلك تذكر الهجوم الذي تعرضت له في 2 نوفمبر 2004 وكان في رمضان حينما ألقيت عارياً بعد ساعة من التنكيل والتعذيب في صحراء المقطم، وجري التحقيق بعدها ومن ثم حفظ في الأدراج، ثم كوفئ النائب العام حينها ماهر عبد الواحد الذي تقلد بعد الحادث مباشرة رئيساً للمحكمة الدستورية العليا.
أذكر حينها أن ضابطا بالمخابرات أخبرني بأن السيدة سوزان مبارك هي التي أمرت وبعلم من جمال مبارك، وأن الذي أشرف علي التنفيذ زكريا عزمي، وأن الذين نفذوا العملية يعملون في " جراج " الرئاسة، والغريب أن وزير الداخلية ظهر في 26 يناير 2005 بكلام غريب وكان حريصاً علي إلصاق التهمة بوزارة الداخلية ، المهم أن يظهر في كلامه أن الفعل بعيداً عن بيت الرئاسة .

الجزيرة توك : من " العربي " إلي " الكرامة " و " صوت الأمة " صحف معارضة بهذا الوزن ولم تتحملك وتم طردك منها، إلي متي تستمر سياسة التجويع والحصار والحرب في " لقمة العيش " علي عبد الحليم قنديل ؟

لا أشغل بالي كثيراً بهذه النقطة، أنا شخص قدري لا أسعي لأحد، و تجارب الترويع والتجويع الكثيرة عملت لدي حصانة نفسية، وهذه ليس أول تجربة صعبة أمر بها، أذكر في تجربة أخري مررت بها قبل " الكرامة " و " صوت الأمة " قي 2003 وكانت جريدة العربي تمر بضائقة مالية شديدة، وكنت أعتمد كمورد رزق وحيد علي مقال يومي في جريدة " الراية القطرية " منذ عام 1994، ولمدة تسع سنوات كاملة، وتعاقب علي مقالي اليومي هذا والذي كان بعنوان " هوامش " 4 رؤساء تحرير لجريدة "الراية "، وكنت لا أكتب بتاتاً في الشئون المصرية علي قاعدة اعتبار أخلاقية وليست سياسية، ما دمت لا أستطيع انتقاد أمير قطر فلماذا انتقد مبارك بالإسم في جريدة قطرية، فجأة في ديسمبر 2003عندما وقع الرئيس في مجبس الشعب، اتصلت بي قناة" الجزيرة " للتعليق حينها قلت أن صحة الحكام العرب أسرار عسكرية، وأن ما يقال عن صحة الرئيس أنها علي ما يرام هو كلام عار من الصحة، وأنني أخشي مع اختفاء الرئيس أن الأمر قد يمهد لعملية توريث من شخص داخل العائلة ..

بمجرد أن قلت ذلك إذا بمستشار الرئيس أسامة الباز لضياء الدين داوود في إجتماع مغلق في واقعة غير مسبوقة وملحوقة ، ثم اتصل صفوت الشريف غاضباً بقناة الجزيرة- وكانت حينها أذاعت السيرة الذاتية الخاصة بالرئيس مبارك في مانشيت لا يذاع غالباً إلا في حالة موت الرؤساء أو مسئول كبير- فردوا عليه رداً لم يعجبه وقالوا له :" ببساطة أن الأستاذ عبد الحليم عندكم وليس عندنا "، فحول وجهته إلي جريدة " الراية القطرية " وفوجئت بفاكس من الجريدة فيها أربع كلمات فقط ( نشكركم علي حسن تعاونكم )، بلا أي مقدمات وانقطعت بعدها كتاباتي في جريدة الراية .
ماذا أفعل الآن، أنا لا أفعل شيئا، ولا أخطط لشيء لدي اعتقاد تؤكده التجارب أن استقراري المهني لن يتاح إلا بشرط واحد أن الرئيس مبارك إما أن ينتهي حكمه، أو تنتهي حياته ..




الجزيرة توك :" تعيين الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة " الأهرام " متي نقرأ هذا المانشيت ؟

يمكن إحالة هذا السؤال لأخر جملة قلتها في إجابة السؤال السابق، أضف إلي ذلك أن تعيينات رؤساء تحرير الجرائد القومية لا تتم إلا بعد استشارة الرئيس والعائلة وأمن الدولة ، والأخير هو الذي يجهز بالفعل رؤساء التحرير، والمثلة معروفة بدءاً من عبد الله كمال، وكرم جبر، وطارق حسن، وحمدي رزق، الأمن يصنع مناصب، ويضغط أيضاً بوسائله علي الهامش المتاح بالصحف المستقلة والمعارضة بطرق مختلفه أهمها الضغط علي المعلنين بتلك الصحف لسحب الإعلانات .




الجزيرة توك :إلي أي مدي تعكس الإعلام والصحافة العربية قرارات أنظمتها السياسية ؟ وهل تمهد أحياناً لتلك القرارات ؟

الإعلام والصحافة ( المرئية والمكتوبة ) ليس مجرد إعلام يرصد أحداث، ولكنها يمكن أن تصنع قوة خلاقة، وتغذي تيارات في المجتمع في المجتمع تعمل علي التغيير، وجعلت تلك الجماهير في صدام مباشر مع حكم الديكتاتوريات العربية .
أنا نفسي لست برئيا ً من موضوع التحريض ضد النظام، فأنا حرضت علي هذا النظام ووسائله وآلياته القمعية، فهو لا يملك غير أداته القعمية في وقت تراجع فيه الإعلام الرسمي عن التأثير.
علي العموم الصحافة المصرية المستقلة ما زالت في بدايتها، قناة الجزيرة لها دور أكثر من متميز، وأثبتت وجودها في الشارع، ولعبت أدورا سياسية، ولا أخذ عليها إلا استضافتها الدائمة والمستمرة، ولا أعتقد أن هذه الاستضافات لها أساس مهني، إذا كانت فكرة تحقيق التوازن والحيادية هي الشيء الذي تريد تحقيقه فممكن الممكن أن تستدل برأي الآخرين إذا كان هذا الرأي متوافر في قنواته ممكن تنقل مثلا من التليفزيون الإسرائيلي كما تفعل " المنار " ، ولا تعود المشاهد العربي علي فكرة التواجد الدائم للإسرائيلين، وبالتالي تنتهي الفكرة لـ " دمج الإسرائيليين " في المنطقة العربية .
بعض الصحف المعارضة في العالم العربي خصوصا مع ضعف الأحزاب، ووجود قيود سياسية صارت بدور المعارضة مع وجود هامش حرية ضيق متاح لها تلعب فيه ، وهذا الوضع أدركه الحكام العرب فعملوا علي تحييد هذا الهامش بالأمن تارة ، وبالضغط تارة أخري، ومنع التصريح بإصدار صحف أخري، يمكن تسمية الوضع الصحفي والإعلامي الآن أنه إختراق واضح للصمت العربي .





الجزيرة توك : هل تسعي أمريكا لتوظيف الإعلام والصحافة العربية لتذويب عناصر الممانعة لمشروع الأمريكي بالمنطقة، وأين أمريكا بالمشهد الصحفي والإعلامي العربي عامة، والمصري بصفة خاصة ، وهل تسعي أمريكا لتكوين طابور خامس يروج لسياسة ما عن طريق الدعم والتمويل ؟

كون إن بعض الصحف تمول من الخارج هذه حقيقة لا مراء فيها، وأنها تتأثر عن طريق هذا الدعم والتمويل بالتوجهات الأساسية للخط التحريري فهذا صحيح، أمريكا حاولت إنشاء إعلام ناطق لها باللغة العربية وعلي رأسها " إذاعة سوا"، وقناة " الحرة "، ومجلة " هاي "، انفضت وفشلت تلك التجربة التي كانت تمول من الخزانة الأمريكية مباشرة، أدركت أمريكا بعدها أنه من الأفضل أن يدافع عن سياستها صحف عربية تدعي الإستقلالية ، وعملت علي الدعم في هذا الإتجاه، وصارت هناك منابر لها واضحة خصوصا مثلا بعض الصحف التي تصدر باللغة العربية في أوروبا مثلا ً .

أما عن الإعلام المصري يمكن أن تجد التأثير الأمريكي في النظام كله، والصحافة القومية جزء من النظام ، توجهات النظام وسياسته التابعة لأمريكا تجدها في مانشيتات الجرائد القومية – طبعا ً بإستثناء لحظات معينة حصوصا عندما تكون الإدارة الأمريكية أخذة موقفاً ما من النظام المصري- بمعني بنظرة سريعة علي الصحف القومية أثناء الحرب علي غزة ، تقرأها كأنك " الفوكس نيوز " أو " الواشنطن بوست " أو الإعلام الإسرائيلي الذي حمل " حماس وحدها مسئولية الحرب علي غزة .

أما الصحف المستقلة الممولة أمريكيا فتراها في الإنفاق الباهظ والأجور العالية، أمريكا تدعم بعض هذه الصحف لإستبدال ضمائر الصحفيين بالفلوس الكثيرة، أي فكرة " نزع الضمائر" وهذا جزء من تصور أمريكي مفاده الإغراء بالترقيات الطبقية مقابل التكيف مع الاتجاهات الأمريكية، بالضبط كما يحدث في كثير من منظمات حقوق الإنسان، والمراكز البحثية الإستراتيجية .
عندما تنظر لهذا الإنفاق الكبير بلا عائد ولا توزيع ولا إعلانات تسأل عندها من يمول ذلك ومن يدعمه، ومن أين ينفق هؤلاء، وهل هذه عقلية تاجر ينزل السوق .!!
الطابور الأمريكية ليس طابور خامس وإنما طابور أول مارينز، " جماعة المارينز " تتصدر المشهد الإعلامي الحكومي علي اعتبار تبعية النظام السياسي لأمريكا .
أما الإعلام الخليجي فأمريكا لا تدفع له، بل هو مثل الإحتلال المدفوع الأجر ، يروج مجانا للأجنده الأمريكية بأموال خليجية كما يقول المثل المصري " من دقنه وافتل له "..!!

سانت كاترين.. التنمية تبدأ من " الأدلة "

الموضوع علي إسلام أون لاين إضغط " هنا "

أحمد عبد الحميد


Image

توقف المطر منذ عدة سنوات وصارت المنطقة قاحلة خالية من الماء ومات ما تبقى من أرض صالحة كانت تنبت الأعشاب بها وقلت معها بالتوالي "قطعان الماشية" التي يمتلكها بدو " دير سانت كاترين".

كان هذا الأمر منذ سنوات عدة، لكن اليوم ربما لا يهتم كثير من سكان منطقة "سانت كاترين" بالزراعة أو بالرعي.. نزل المطر أو لم ينزل، فأغلب الرجال بها يعملون كـ"أدلة" في جبال "سانت كاترين".. المنطقة الأكثر خصوصية داخل سيناء لقوة مكانتها الدينية، وتميز جمالها الطبيعي.

في كامب الشيخ "موسي" وهو فندق صغير مفتوح على الطراز السيناوي أشبه بـ"دوار العائلة" في الأرياف قديما، التقيت شابا قاهريا يدعى "أحمد عبد الوهاب"، حكى لي أن هذا الكامب الذي تديره "صوفيا" الفرنسية –وهي أبرع من رأيته يقوم بعمل القهوة التركي– هو جزء من مشروع "شيخ سينا" الذي أضاف للمجموع البدوي في دير سانت كاترين بشكل كبير.

بداية هذا المشروع بدأت كما يقول عبد الوهاب لتطوير مهنة الأدلة، فمعظم رجال البدو بدير سانت كاترين يعملون بها، لكن مشكلتهم هي عدم الإلمام الكافي باللغات، وقلة "مهارات الاتصال" وصعوبة وجود حوار فاعل بينهم والسياح.

والمشكلة الأكبر كما يشير "عبد الوهاب" هي أن الأكثرية منهم كانت لا تعرف كثيرا عن المستوى الثقافي والتاريخي للمنطقة، اللهم إلا بعض المعلومات المتداولة والمعروفة للجميع، حيث إنهم يعملون فقط كمرشدين إلى مكان معين يريده السائح وينتهي دوره بمجرد وصوله لهذا المكان.

الدليل المتطور

ويهدف المشروع -كما يقول "عبد الوهاب" والذي يعمل في الوقت نفسه محاسبا وقائما بإدارته- إلى تنمية قدرات البدو في اتجاهين، الأول بتدريبهم على لغتين هي الألمانية والإنجليزية، نظرا لأن السياح القادمين للدير أغلبيتهم من الألمان والإنجليز، وخصوصا الألمان الذين يحبون بشكل كبير رياضة المشي، وكاترين بدأت تدخل هذا المجال بقوة.

والثاني هو "التوجيه" ويهدف إلى تنمية "مهارات الاتصال" ومعها "الثقافة التاريخية" بالمكان بحيث لا يقتصر عمل الدليل فقط على إرشاد السائح لمكان يريده.. لكن بالتدريب داخل المشروع يصبح البدوي واعياً بالمكان الذي يأخذ إليه السائح ويشرح له تاريخه ويرشده إلى معالم أخرى بحيث يرجع ومعه ثقافة وتاريخ المكان، وليس فقط صور تذكارية لمجموعة جبال أو تلال.

وإذا كانت تنمية سانت كاترين تبدأ من البشر "الأدلة"، فإن مشروع "الشيخ سينا" لم يغفل المكان أيضا، وكان بناء "الإيكلودج" أو ما يعرف بالفندق البيئي هو البداية، وفكرته كما يقول الشاب البدوي محمد عيد الذي يعمل بالمشروع: "بناء منشأة سياحية منسجمة مع السياق الطبيعي والثقافي للمنطقة المحيطة، ويكون ذلك من حيث الشكل والتصميم، فيتم توفير عدد كبير من المساحات للتهوية الطبيعية، حيث لا يوجد فيه تكييف أو كهرباء، وتربى الطيور داخله، والخضار يزرع داخله أيضا، بدون أي أسمدة".

تمويل أوروبي

وهذا المشروع بشقيه البشري والمكاني ممول من الاتحاد الأوروبي، وهو فكرة أحد شيوخ سيناء ويدعى الشيخ موسي الهيم.

وكان قد تقدم به لمسئولي الاتحاد وحصل على المنحة مع 54 آخرين، من بين 850 فكرة مشروع.

ويقول الهيم لـ"إسلام أون لاين.نت": "مشروعي نموذج للتنمية التي تراعي احتياجات المجتمع المحلي، فأنا لا أستفيد منه وحدي، بل يستفيد كل البدو الموجودين بالمنطقة نزولا على عرف القبيلة، ووظيفتي تقتصر فقط على توزيع الأدوار".

ومن هذا المنطلق ينتقد الهيم الجمعيات التي تقدم من القاهرة لتنمية المجتمع المحلي، ويضيف: "هذه الجمعيات تأتي لنا بأجندة جاهزة، ولا تتناقش مع المجتمع المحلي الذي يعرف احتياجاته بالضبط، وبالتالي لا تستمر مشاريعهم أو تنمو بالشكل المطلوب".

الدعاية

وحتى لا يكون لمشروع "الشيخ سينا" نفس المصير يؤكد عبد الوهاب على أهمية الدعاية، ويكون ذلك بحضور مؤتمرات ومعارض في أوروبا، وأيضا التعريف به عبر مواقع الإنترنت لمخاطبة السائح الأجنبي الباحث عن منطقة بكر لم يلوثها غبار التمدن.

ويقول: الدعاية هامة لضمان الاستمرار حتى يعتمد المشروع على نفسه ذاتيا بعد أن تنتهي منحة الاتحاد الأوروبي.