الأربعاء، 3 يونيو 2009

المواطن العربي بين صحافة التمويل وصحافة المارينز

قنديل ..رئيس تحرير " جرنال " حتي إشعار آخر
أحمد عبد الحميد - الجزيرة توك - القاهرة

الروائي اليساري " صنع الله إبراهيم " والكاتب الصحفي " عبد الحليم قنديل " يمثلان لدي الصورة الكلاسيكية للثلاثية الشهيرة الأديب والمثقف والصحفي ..تلك الصورة النادرة وربما المختفيه للمناضل المثقف المؤدلج ، العامل بصحيفته نهاراً، وفي حزبه مساء ، والجالس علي قهوته آخر الليل يلعن مع أصدقائه " سلسفين النظام "، المثقف الذي يكسب قوته من نتاج قلمه وورقه، أو عمل نشر صغير يقتات منه بضعة لقيمات ليتفرغ بعدها لنضال أو قضية يعمل لأجلهما في حزب سري، أو حركة مطاردة من النظام .

يذكرني " صنع الله " و " قنديل " بصورة مثقف " الزمن الجميل "التي تلاشت مع ظهور " العولمة " و " العلمنة" و التي طالت فيما طالت نطاق المثقفين، فظهر المثقف الذي آجل الموقف الأيدلوجي والسياسي لصالح لقمة العيش" و " المثقف اللاهث وراء الترقي الحياتي صاحب المشروع الذاتي " العامل بكل صحف ومنابر الدنيا، و" المثقف المعولب" الذي يحمل في حقيبته 5 أطقم من البدل يغيرها مع كل إطلالة يظهر بها علي قناة مختلفة ليمارس هواية الرواية والإفتاء في كل القضايا بدءاً من " الهوية والحداثة" وإنتهاءً بـ " لحم البعرور والأوزي"..

كان لقائي في الدور الثامن بنقابة الصحفيين المستقر الحالي للدكتور عبد الحليم قنديل رئيس تحرير صحف " العربي، والكرامة، وصوت الأمة " السابق حول ملابسات تركه للجريدة الأولي، وإقالته من الجريدتين الأخيرتين، وظهور أمريكا في المشهد الإعلامي العربي وخصوصا الصحافة المستقلة، وتيه المواطن العربي في غابة الإعلام المرئية والمكتوبة .

الجزيرة توك : إقالتك من صوت الأمة يعطي دلالة واضحة أن النظام لا يتحكم فقط في الجرائد القومية وحدها، إلي أي مدي وصل الضغط علي مجالس إدارة صحيفتي " الكرامة " و" صوت الأمة " لإقالتك من رئاسة تحريرهما ؟

أولاً عقب توليتي رئاسة تحرير جريدة " صوت الأمة كنت مستضافاً بقناة " الجزيرة " ساعتها قلت أنني رئيس تحرير " صوت الأمة " حتي إشعار آخر، لعلمي مسبقاً بما سيمارس علي إدارة جريدة " صوت الأمة " لعدم إبقائي فيها ، أما عن الضغوط التي مورست علي رئاسة تحرير جريدتي " الكرامة " و " صوت الأمة " فكانت من طرفين، الأول بيت وديوان الرئاسة مباشرة، والطرف الثاني الذي يقوم بالضغط الميداني " جهاز مباحث أمن الدولة " وعلي رأسه حسن عبد الرحمن وهو مسئول من" المسئولين المزمنين " كرئيسه ووزير داخليته،



المهم أن هذه الضغوط تصاعدت مع بداية توليتي رئيساً لتحرير " صوت الأمة " والتي لم تتجاوز تسعة أشهر، فبعد خمسة أسابيع فقط من هذا التاريخ صُدر حكم ضد عصام إسماعيل فهمي بالسجن ثلاث سنوات ونصف في قضية ضرائب تافهة، والرجل صاحب الجريدة وهو بالمناسبة بلا أي عقيدة سياسية يعاني من مرض مزمن بعد اصابته بجلطة في المخ، عاني أيضاً من ضغط أمني ورئاسي كاسح وضعه بالإضافة لمرضه في حالة من الفزع والهلع بعدها قايضوه بإلغاء الحكم عليه مقابل إلغاء وجودي بالجريدة.


والحوادث بعدها أتت تتري فعدد 5 يناير كان يحمل تأجيل الحكم بالحبس وفي نفس اليوم حُذف أول مقال لي والذي كان بعنوان " الذي جلبوا العار لمصر " وكان أيام حرب غزة، وفي نفس العدد جري مصادرة حوار للمرشد العام للإخوان المسلمين، والذي كان في رأيي أعنف حوار في حياة المرشد الحالي، حيث وصف الرئيس مبارك في هذا الحوار بأنه " أبله لا يعي ما حوله " والحوار مسجل عندي ولدي أصول الصفحتين، والإخوان عندما طلبوا مني حذف الحوار أخبرتهم أن الأمر لم يعد بيدي ، والإخوان طلبوا الحذف لإنهم قد هددوا بإعتقال المرشد في حال نزول الحوار بالجريدة، أو تكرار مثل هذا الكلام، وتم حذف مقالي وحوار المرشد بتدخل مباشر من رئيس مباحث أمن الدولة " حسن عبد الرحمن" و " ولواء أخر وهو " حامد عوض" وهو شقيق " محمد عوض تاج الدين " وزير الصحة الأسبق، وكان مبرر الأمن حينها أن الرئيس يتعرض لهجوم شديد من إعلام الدول العربية، ولا يتحمل أن ينشر مثل هذا الكلام بالداخل ..!!

بتاريخ 16 فبراير تم حذف مقال لى بعنوان "خطاب مفتوح للجيش" وذلك عقب صدور حكم المحكمة العسكرية بسجن الزميل مجدي أحمد حسين، وكان مضمون المقال التنبيه لخطورة توريط الجيش في الصراع الدائر بين الأمة التي تريد حريتها، والمؤسسة المستبدة التي تحكم ، وأن علي الجيش أن يبقي محايدا ً ، ملكاً لكل المصريين ، وطوع خدمتهم .
في 16 مارس الحالي كان الصدام الثالث والأخير، كان مصادرة المقال الثالث،وكان عنوانه " ممدوح اسماعيل جناية نظام " وكنت أتطرق فيه للعلاقات الشائكة بين زكريا عزمي وممدوح إسماعيل، وتحدثت عن دور مبارك في إيصال ممدوح اسماعيل لمجلس الشوري وأمانة الحزب الوطني بمصر الجديدة، وعن شراكة مبارك وزكريا عزمي المباشرة لممدوح اسماعيل في حادثة العبارة، لإن وصول أول إشارة استغاثة لمكتب وزير الدفاع لم يتم أي الإلتفات إليها، وتأخرت عمليات الإنقاذ لإن مبارك كان نائماً حينها، وتحركت عمليات الإنقاذ عندما استقيظ لإن تلك العمليات معلقة بأوامر مباشرة من الرئيس الإعلى للقوات المسلحة أي مبارك شخصياً ...!!!


الجزيرة توك : هل حدث هذا الكلام بالفعل ؟
نعم موجود بمضبطة مجلس الشعب نفس الكلام في طلبات الإحاطة المقدمة حينها، وقد مورس علي عصام إسماعيل فهمي تهديدا بالسجن ، وصودور المقال، وبعدها تم إقصائي ..

الجزيرة توك : مقالك " خطاب مفتوح للجيش " هل اقتربت من منطقة حمراء لا يجوز الكلام فيها، أم خشي النظام أن تهز كلاماتك منطقة " المعارضة السلبية " كما وصفتها من قبل ؟

نص المقال منشور في صحيفة " القدس العربي "، وقد فهم بيت الرئاسة أني أحرض من طرف خفي أني أحرض الجيش عليهم .

الجزيرة توك : رغم هجوم الصحفي ابراهيم عيسي واستهدافه الشديد للرئيس وعائلته، إلا أن عيسي أخذ عفواً من الرئيس نفسه، ومازال باقياً رئيس تحرير أكبر جريدة مناوئة لسياسات الرئيس، وله برنامج مشهور بقناة خاصة مصرية، هل يكرههك النظام أكثر من عيسي، أم لعيسي ظهر يحميه ؟؟

قال لي عصام إسماعيل فهمي - صديق ابراهيم عيسي المقرب- بالنص :" أني كنت أعتقد أن لعيسي مشكلة مع النظام، لكنني أدركت الآن أن مشكلة ابراهيم لا تقاس بمشكلتك، لم أكن أتصور أن مبارك يكرههك لهذا الحد".
في إحدي المرات خاصة مع مصادرة المقال الأول رغب عصام اسماعيل أن التقي حسن عبد الرحيم –مسئول مباحث أمن الدولة -وأخبرته أني سأصبح كافراً لو وضعت يدي في أيدي هؤلاء.

الجزيرة توك : البعض يتساءل لماذا ترك عبد الحليم قنديل بيته الأصلي " جريدة العربي "؟

أنا فى العربى ظللت رئيس تحرير مدة طويلة من مايو 2000 إلى فبراير 2006 ، وعندما أردت ترك الجريدة لاسباب لم أفصح عنها حينها قلت لأستاذ ضياء الدين داوود أني في حاجة لتجربة أخري، وأخبرته أن هناك تجربة جديدة هي جريدة " الكرامة ،وأصحابها من نفس جيلي ، وأرغب بالعمل معهم.

أذكر أن الرجل قال لي حينها :" أنا سأمضي لك ولكنني خائف عليك".
لكني سأحكي لك تفاصيل أخري أحكيها لأول مرة، خلال فترة الست سنوات التي قضيتها مع " العربي " أستطيع أن أقول أن ضياء الدين داود رئيس مجلس إدارة " العربي "هو أصلب الناشرين الذيت تعاملت معهم علي الإطلاق خاصة أنه تحمل من من الضغوطات الكبيرة من كافة الجهات فلم يخضع ولو مرة واحدة، وكان للطرافة يقوم بامتصاص تلك الضغوط بطرق عجيبة، كان عندما مثلا يشكي له واحد من هولاء ( صفوت الشريف، مصطفي كمال حلمي رئيس مجلس الشوري حينها، كمال الشاذلي، اسامة الباز، زكريا عزمي ) كان يرد قائلاً :" معقول هو كتب كده، أنا لم أقرأ الصحيفة بعد" تحمل ضفوطات شديدة ، وكان يكتفي معي بقوله " هدي شوية " ، وجاء الموقف الأخير الذي استقلت بسببه والذي دل قبها علي صلابة ونبل هذا الرجل ..

أذكر أن ضياء فى انتخابات مجلس الشعب 2005 نجح فى أول مرة بفارق 8000 عن مرشح الحزب الوطني محمد خليل قوطة، وفى الإعادة كانت المفاجأة حينما نزلت جحافل الأمن تمنع الناس من الإدلاء بصوتها، حتي منع ضياء الدين أن يدلى بصوته، وعندما سأل وزير الداخلية، فقالعشان قلنا لك أكثر من عشر مرات لاستبعاد قنديل ولم تستبعده، وأثناء ذلك لميبلغنى ضياء بذلك، ولكني علمت من الأستاذ سامى شرف، الذي قابلني في الدار البيضاء في مؤتمر " القوميين العرب" ، وتحادثنا معاً في أمور شتي حتي جئنا لموضوع الأستاذ ضياء الدين داوود وعدم دخوله البرلمان، فأخبرت الأستاذ سامي شرف أن الأستاذ داوود متأثر بعدم دخوله البرلمان فقال لي :" أنت السبب" وأخبرني بأنه أثناء نزول الأمن فارسكور لمنع الناس من التصويت لصالح الأستاذ داوود، عندها اتصل داوود بالأستاذ سامي شرف ليتصل بالرئاسة- لإن العلاقة جيدة بين مبارك وسامي شرف- ليعرف لماذا هذا التنكيل بالناس، فاتصل الأستاذ سامي عدة مرات ببيت الرئاسة فلم يرد عليه أحد، ثم اتصل في اليوم الثاني فأخبروه أنه قيل لضياء الدين داوود عدة مرات انه يطرد فلان فلم يرض .
أذكر أن الأستاذ ضياء الدين لم يحادثني ولو مرة في هذا الموضوع، وكنت دائم النتقاد لم يحدث بالحزب الناصري، وكنت أختلف معه كثيراً فلم يفتح معي هذا الحديث وتحمل وواجه بصمود وجرأة ..أدعوا الله له بالشفاء .

الجزيرة توك : لماذا كل هذا الهجوم علي عبد الحليم قنديل ؟
يبدو أن الهجوم الذي يشن عليَّ من" بيت الرئاسة " أخذ طابعاً انتقاميا شهوانياً، لعلك تذكر الهجوم الذي تعرضت له في 2 نوفمبر 2004 وكان في رمضان حينما ألقيت عارياً بعد ساعة من التنكيل والتعذيب في صحراء المقطم، وجري التحقيق بعدها ومن ثم حفظ في الأدراج، ثم كوفئ النائب العام حينها ماهر عبد الواحد الذي تقلد بعد الحادث مباشرة رئيساً للمحكمة الدستورية العليا.
أذكر حينها أن ضابطا بالمخابرات أخبرني بأن السيدة سوزان مبارك هي التي أمرت وبعلم من جمال مبارك، وأن الذي أشرف علي التنفيذ زكريا عزمي، وأن الذين نفذوا العملية يعملون في " جراج " الرئاسة، والغريب أن وزير الداخلية ظهر في 26 يناير 2005 بكلام غريب وكان حريصاً علي إلصاق التهمة بوزارة الداخلية ، المهم أن يظهر في كلامه أن الفعل بعيداً عن بيت الرئاسة .

الجزيرة توك : من " العربي " إلي " الكرامة " و " صوت الأمة " صحف معارضة بهذا الوزن ولم تتحملك وتم طردك منها، إلي متي تستمر سياسة التجويع والحصار والحرب في " لقمة العيش " علي عبد الحليم قنديل ؟

لا أشغل بالي كثيراً بهذه النقطة، أنا شخص قدري لا أسعي لأحد، و تجارب الترويع والتجويع الكثيرة عملت لدي حصانة نفسية، وهذه ليس أول تجربة صعبة أمر بها، أذكر في تجربة أخري مررت بها قبل " الكرامة " و " صوت الأمة " قي 2003 وكانت جريدة العربي تمر بضائقة مالية شديدة، وكنت أعتمد كمورد رزق وحيد علي مقال يومي في جريدة " الراية القطرية " منذ عام 1994، ولمدة تسع سنوات كاملة، وتعاقب علي مقالي اليومي هذا والذي كان بعنوان " هوامش " 4 رؤساء تحرير لجريدة "الراية "، وكنت لا أكتب بتاتاً في الشئون المصرية علي قاعدة اعتبار أخلاقية وليست سياسية، ما دمت لا أستطيع انتقاد أمير قطر فلماذا انتقد مبارك بالإسم في جريدة قطرية، فجأة في ديسمبر 2003عندما وقع الرئيس في مجبس الشعب، اتصلت بي قناة" الجزيرة " للتعليق حينها قلت أن صحة الحكام العرب أسرار عسكرية، وأن ما يقال عن صحة الرئيس أنها علي ما يرام هو كلام عار من الصحة، وأنني أخشي مع اختفاء الرئيس أن الأمر قد يمهد لعملية توريث من شخص داخل العائلة ..

بمجرد أن قلت ذلك إذا بمستشار الرئيس أسامة الباز لضياء الدين داوود في إجتماع مغلق في واقعة غير مسبوقة وملحوقة ، ثم اتصل صفوت الشريف غاضباً بقناة الجزيرة- وكانت حينها أذاعت السيرة الذاتية الخاصة بالرئيس مبارك في مانشيت لا يذاع غالباً إلا في حالة موت الرؤساء أو مسئول كبير- فردوا عليه رداً لم يعجبه وقالوا له :" ببساطة أن الأستاذ عبد الحليم عندكم وليس عندنا "، فحول وجهته إلي جريدة " الراية القطرية " وفوجئت بفاكس من الجريدة فيها أربع كلمات فقط ( نشكركم علي حسن تعاونكم )، بلا أي مقدمات وانقطعت بعدها كتاباتي في جريدة الراية .
ماذا أفعل الآن، أنا لا أفعل شيئا، ولا أخطط لشيء لدي اعتقاد تؤكده التجارب أن استقراري المهني لن يتاح إلا بشرط واحد أن الرئيس مبارك إما أن ينتهي حكمه، أو تنتهي حياته ..




الجزيرة توك :" تعيين الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة " الأهرام " متي نقرأ هذا المانشيت ؟

يمكن إحالة هذا السؤال لأخر جملة قلتها في إجابة السؤال السابق، أضف إلي ذلك أن تعيينات رؤساء تحرير الجرائد القومية لا تتم إلا بعد استشارة الرئيس والعائلة وأمن الدولة ، والأخير هو الذي يجهز بالفعل رؤساء التحرير، والمثلة معروفة بدءاً من عبد الله كمال، وكرم جبر، وطارق حسن، وحمدي رزق، الأمن يصنع مناصب، ويضغط أيضاً بوسائله علي الهامش المتاح بالصحف المستقلة والمعارضة بطرق مختلفه أهمها الضغط علي المعلنين بتلك الصحف لسحب الإعلانات .




الجزيرة توك :إلي أي مدي تعكس الإعلام والصحافة العربية قرارات أنظمتها السياسية ؟ وهل تمهد أحياناً لتلك القرارات ؟

الإعلام والصحافة ( المرئية والمكتوبة ) ليس مجرد إعلام يرصد أحداث، ولكنها يمكن أن تصنع قوة خلاقة، وتغذي تيارات في المجتمع في المجتمع تعمل علي التغيير، وجعلت تلك الجماهير في صدام مباشر مع حكم الديكتاتوريات العربية .
أنا نفسي لست برئيا ً من موضوع التحريض ضد النظام، فأنا حرضت علي هذا النظام ووسائله وآلياته القمعية، فهو لا يملك غير أداته القعمية في وقت تراجع فيه الإعلام الرسمي عن التأثير.
علي العموم الصحافة المصرية المستقلة ما زالت في بدايتها، قناة الجزيرة لها دور أكثر من متميز، وأثبتت وجودها في الشارع، ولعبت أدورا سياسية، ولا أخذ عليها إلا استضافتها الدائمة والمستمرة، ولا أعتقد أن هذه الاستضافات لها أساس مهني، إذا كانت فكرة تحقيق التوازن والحيادية هي الشيء الذي تريد تحقيقه فممكن الممكن أن تستدل برأي الآخرين إذا كان هذا الرأي متوافر في قنواته ممكن تنقل مثلا من التليفزيون الإسرائيلي كما تفعل " المنار " ، ولا تعود المشاهد العربي علي فكرة التواجد الدائم للإسرائيلين، وبالتالي تنتهي الفكرة لـ " دمج الإسرائيليين " في المنطقة العربية .
بعض الصحف المعارضة في العالم العربي خصوصا مع ضعف الأحزاب، ووجود قيود سياسية صارت بدور المعارضة مع وجود هامش حرية ضيق متاح لها تلعب فيه ، وهذا الوضع أدركه الحكام العرب فعملوا علي تحييد هذا الهامش بالأمن تارة ، وبالضغط تارة أخري، ومنع التصريح بإصدار صحف أخري، يمكن تسمية الوضع الصحفي والإعلامي الآن أنه إختراق واضح للصمت العربي .





الجزيرة توك : هل تسعي أمريكا لتوظيف الإعلام والصحافة العربية لتذويب عناصر الممانعة لمشروع الأمريكي بالمنطقة، وأين أمريكا بالمشهد الصحفي والإعلامي العربي عامة، والمصري بصفة خاصة ، وهل تسعي أمريكا لتكوين طابور خامس يروج لسياسة ما عن طريق الدعم والتمويل ؟

كون إن بعض الصحف تمول من الخارج هذه حقيقة لا مراء فيها، وأنها تتأثر عن طريق هذا الدعم والتمويل بالتوجهات الأساسية للخط التحريري فهذا صحيح، أمريكا حاولت إنشاء إعلام ناطق لها باللغة العربية وعلي رأسها " إذاعة سوا"، وقناة " الحرة "، ومجلة " هاي "، انفضت وفشلت تلك التجربة التي كانت تمول من الخزانة الأمريكية مباشرة، أدركت أمريكا بعدها أنه من الأفضل أن يدافع عن سياستها صحف عربية تدعي الإستقلالية ، وعملت علي الدعم في هذا الإتجاه، وصارت هناك منابر لها واضحة خصوصا مثلا بعض الصحف التي تصدر باللغة العربية في أوروبا مثلا ً .

أما عن الإعلام المصري يمكن أن تجد التأثير الأمريكي في النظام كله، والصحافة القومية جزء من النظام ، توجهات النظام وسياسته التابعة لأمريكا تجدها في مانشيتات الجرائد القومية – طبعا ً بإستثناء لحظات معينة حصوصا عندما تكون الإدارة الأمريكية أخذة موقفاً ما من النظام المصري- بمعني بنظرة سريعة علي الصحف القومية أثناء الحرب علي غزة ، تقرأها كأنك " الفوكس نيوز " أو " الواشنطن بوست " أو الإعلام الإسرائيلي الذي حمل " حماس وحدها مسئولية الحرب علي غزة .

أما الصحف المستقلة الممولة أمريكيا فتراها في الإنفاق الباهظ والأجور العالية، أمريكا تدعم بعض هذه الصحف لإستبدال ضمائر الصحفيين بالفلوس الكثيرة، أي فكرة " نزع الضمائر" وهذا جزء من تصور أمريكي مفاده الإغراء بالترقيات الطبقية مقابل التكيف مع الاتجاهات الأمريكية، بالضبط كما يحدث في كثير من منظمات حقوق الإنسان، والمراكز البحثية الإستراتيجية .
عندما تنظر لهذا الإنفاق الكبير بلا عائد ولا توزيع ولا إعلانات تسأل عندها من يمول ذلك ومن يدعمه، ومن أين ينفق هؤلاء، وهل هذه عقلية تاجر ينزل السوق .!!
الطابور الأمريكية ليس طابور خامس وإنما طابور أول مارينز، " جماعة المارينز " تتصدر المشهد الإعلامي الحكومي علي اعتبار تبعية النظام السياسي لأمريكا .
أما الإعلام الخليجي فأمريكا لا تدفع له، بل هو مثل الإحتلال المدفوع الأجر ، يروج مجانا للأجنده الأمريكية بأموال خليجية كما يقول المثل المصري " من دقنه وافتل له "..!!

ليست هناك تعليقات: