الخميس، 11 يونيو 2009

ممدوح حمزة : التنفير من القاهرة حل لمشكلة السكان في مصر

الموضوع علي إسلام أون لاين " هنا "
طالب الخبير المعماري المصري د.ممدوح حمزة بفرض ضرائب أعلى على سكان المدن، مثل زيادة ضرائب تراخيص السيارات، وتحديد ضريبة للعقارات غير الشاغرة.. وغيرها، واعتبر أن هذا الإجراء ضروري للتنفير من الهجرة إلى المدن، وترغيب الهجرة المضادة إلى الأرياف والأقاليم، لمواجهة واحدة من أهم أسباب مشكلة الإسكان في مصر.


وأبدى تعجبه من أن الضرائب متساوية علي ساكني المدن والأقاليم، في حين أن سكان المدن يتمتعون بخدمات أكبر تدفع الريفيين للهجرة إليهم، وقال: "كأن الحكومة تأخذ ضرائب الفقراء بالريف لتصرفها على خدمات المدن".

ويعتبر التنفير من المدن واحدا من حلول المشكلة السكانية التي طرحها حمزة خلال محاضرة له يوم الإثنين 8 يونيو بمقر اتحاد الأطباء العرب بالقاهرة.

التجمعات الريفية

ومن المطالبة بفرض ضرائب أعلى على سكان المدن، إلى اقتراح تخفيضات ضريبية على التجمعات الريفية الجديدة، انطلق حمزة يشرح خلال المحاضرة محوره الثاني للخروج من الأزمة السكانية.

وأكد في هذا الإطار أن الحكومة المصرية خلال السنوات الخمس المقبلة لابد أن تركز على التنمية العمرانية الريفية خارج الوادي، وأن تبعد التنمية عن الوادي بمسافة كبيرة، وذلك بإنشاء تجمعات أو قرى تعتمد بالأساس على الإنتاج الزراعي والصناعات المغذية للعملية الزراعية، وتجمعات سكنية أخرى تعتمد على الاقتصاد التعديني في الصحراء الشرقية وسيناء، وتجمعات تعتمد اقتصادياتها على الحرف والمشروعات الصغيرة.

ولإحياء هذه المناطق اقترح حمزة دعمها اقتصاديًّا واجتماعيًّا بمزايا وحوافز مثل الإعفاءات الضريبية، والزيادات في نسب التأمينات الاجتماعية، وتذاكر سفر مجانية للأسر التي تعيش في هذه المناطق، وربطها جيدا بشبكة طرق لسهولة التنقل والسفر.

واستكمالا للحلول القائمة على الضرائب دعا د.حمزة إلى إعادة توزيع السكان عبر التمويل غير التقليدي، وذكر عدة اتجاهات من بينها فرض ضرائب على الوحدات السكنية الشاغرة، وفرض رسوم ضئيلة على الجامعات الخاصة التي تزيد مصاريفها على عشرين ألف جنيه مصري في السنة، وضرائب على المسطحات الخضراء الخاصة غير المنتجة للغذاء مثل ملاعب الجولف التي تأكل كمية كبيرة المياه.

إسكان منخفض التكاليف

واقترح د.حمزة توجيه حصيلة هذه الضرائب إلى صندوق لإسكان محدودي الدخل، واعتبر أن التوسع في جهود هذا النوع من الإسكان، يمثل المحور الرابع لرؤيته للحل، حيث ينبغي أن يعاد النظر للمشكلة في مصر -بحسب رأيه- باعتبارها مشكلة إسكان منخفض التكاليف.

وحمل د.حمزة الحكومة المصرية مسئولية تدهور هذا النوع من الإسكان، وقال: "عندما أعطت الحكومة للمستثمرين الأراضي لبناء إسكان منخفض التكاليف عليها، سمحت لهم باستخدام 50% من مساحة الأراضي المخصصة لهم في إسكان فاخر، وكان ذلك هو المحلل بالنسبة للمستثمرين، الذين استغلوا هذه النقطة للتربح الزائد تحت شعار إسكان منخفض التكاليف".

وتابعت الحكومة هذه السياسة الخاطئة بسياسات أخرى أكثر خطورة، فعندما فكرت في وضع حل لمشكلة الإسكان ركزت على تنمية عمرانية للمدن وحدتها الاقتصادية "الأساس الصناعي" وأهملت -من وجهة نظره- التنمية العمرانية الريفية التي تعتمد على وحدات اقتصادية زراعية أو صناعات غذائية وتعدينية وحرف يدوية، وبالتالي تمت الهجرة من الريف، وسكن القادمون إلى القاهرة والحضر في مساكن هامشية.

وتبع ذلك مشاكل اقتصادية واجتماعية جمة بدأت بسكان القبور، وإفراز العشوائيات التي أصبحت سرطانًاً يمزق نسيج المجتمع المصري.

كما أن جزءًا كبيرًا من المشكلة راجع لأسلوب وسوء تخطيط وزارات الإسكان السابقة التي أعطت الأولوية في التوسع العمراني لصالح المستثمرين المصريين والعرب والأجانب لتتحول مدن بأكملها إلى شاليهات وقصور تباع بالملايين على حساب القطاع السكاني المنخفض التكاليف.

يقول حمزة: "هناك الآن صورة متناقضة لمصر؛ تجمع بين عشش من الصفيح يعيش فيها أسر بأكملها تحتوي على عشرة أفراد أو يزيد، في الوقت الذي يرتع فيه مستثمر واحد في قطعة أرض تزيد مساحتها على مساحة نصف قرية مصرية بأكملها".

تحركوا قبل الانفجار

تنفيذ هذه الحلول وغيرها من التي يقترحها خبراء آخرون، يجب أن يتم على وجه السرعة.. هذا ما شدد عليه د.حمزة.

وقال: "نحن نعيش في مرحلة انفجار سكاني، وإذا لم يتم تدارك هذا الأمر فسينفجر بنا الوادي، وتداعيات هذا الانفجار موجودة الآن في الاختناق السكاني، والتلوث الشديد، والزحام المروري الذي أكل الوقت والصحة".

واستعرض الأرقام الصادرة عن مركز التعبئة والإحصاء المصري، التي تشير إلى تزايد العشوائيات بشكل فادح لدرجة أن الذين يعيشون من سكان القاهرة الكبرى في مناطق عشوائية وصل إلى 35% برقم يصل إلى 6.5 ملايين مواطن مصري، وبكثافة هي الأعلى بين دول العالم، وبنسبة هجرة وصلت إلى 600% خلال أقل من عشرين عاما من الريف إلى المدن، لدرجة تقلصت معها نسبة الذين يعيشون في الأرياف 10% من معدلها الطبيعي.

وكل هذه الأرقام -حسب تأكيده- قابلة للزيادة عندما يصل عدد سكان مصر إلى 100 مليون نسمة بحلول عام 2020.

ليست هندسية فقط

لكن التنفيذ -من وجهة نظره- يجب أن يتم من خلال جهود فريق عمل يُشكل من خبراء الديموجرافيا، والاقتصاد، والاجتماع، والتنمية، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو السياسية، وأن يتبع هذا الفريق مباشرة رئيس الجمهورية على أساس أن مشكلة السكان هي من أهم المشاكل والأولى بالرعاية.

ولفت النظر إلى أن التخطيط العمراني يجب ألاّ يتم الاعتماد فيه على المهندسين وحدهم، والذين هم فقط منفذون لخطة عمرانية لابد أن يشرف عليها مجموعة من الخبراء في تخصصات مختلفة تراعي ظروف واحتياجات المكان.

ليست هناك تعليقات: