الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

نشطاء الإنترنت في رمضان.. أعط ظهرك للتليفزيون



Image
وكأن آخر يوم من شهر شعبان هو سد "مأرب" الذي سرعان ما تداعى تحت إثر هذا الضغط القوي من طوفان عشرات المسلسلات الدرامية ومئات البرامج الدينية والترفيهية التي تداعت على المشاهد العربي المسكين تداعي الأكلة على قصعتها.

لكن لم يكد يمر يوم على قدوم شهر رمضان الكريم حتى بدأ دفاع مواز ظهر في تلك الدعوات الإنترنتية التي تنادي بمقاطعة مسلسلات وبرامج التليفزيون في شهر رمضان، والتي اعتبرها ناشطو الإنترنت أهم عوامل عدم الإحساس بمتعة وقيمة شهر الصيام.

فعلى الموقع الاجتماعي الأشهر "الفيس بوك"، أنشئت مجموعات تنادي بمقاطعة التليفزيون نهائيا في رمضان مثل "رمضان بدون تليفزيون"، و"حملة مقاطعة التليفزيون في رمضان"، و"لا للتليفزيون في رمضان"؛ حيث هاجمت هذه الموجه الرهيبة من المسلسلات والبرامج والإعلانات التي تحاصر المشاهد في رمضان، وتبقيه في مكانه، سواء أضافت إليه أم سلبت منه وقته ووعيه، وفقا لدعاية إحدى هذه المجموعات.

في مجموعة "لا للتليفزيون في رمضان" أشار مؤسسها وائل عبد الجليل، إلى أن شهر رمضان من الأشهر التي لابد أن يستغلها الإنسان بشكل جيد سواء في العمل أو في العبادة أو التواصل مع الأهل، وهو ما لا يحدث فعليا -كما يقول وائل- بسبب التليفزيون.

طالع أيضا:

يعتبر وائل أن الأعمال الدرامية في رمضان هذا العام من الكثرة بحيث أن المتابع لها سيضيع وقته إما في متابعتها وهو أمر مستبعد مع هذا الكم الضخم، أو في حكي أحداثها وتفاصيلها ومناقشتها مع زملائه وأصدقائه.

مها وجيه عضوة بنفس المجموعة، اقترحت على زملائها عمل عقاب شخصي يمارسه المرء على نفسه في حال مشاهدته أحد المسلسلات الدرامية أو أحد الأفلام في رمضان، وعدَّت اليوم الذي يمر عليها بدون مشاهدة التليفزيون يوما متميزا يضيف إليها في حياتها وعملها وعبادتها.

زميلتها شيماء حسن، لم تنتظر أن تدع لنفسها فرصة التفكير في المشاهدة من عدمه؛ حيث أقنعت أهلها بإزالة القنوات الدرامية وقنوات المنوعات من "الريسفير" والاكتفاء بالقنوات الإخبارية والرياضية والدينية.

بينما اقترح مؤسس مجموعة "حملة مقاطعة التليفزيون في رمضان" متابعة البرامج الدينية خصوصا برامج "الدعاة الجدد" كبديل جيد عن الدراما وبرامج المنوعات والمسابقات وبرامج المقالب التي غلب عليها طابع الإعادة والتكرار والسخافة.

مين هيقبل التحدي

منتديات الإنترنت هي الأخرى دخلت في حرب ضروس مع التليفزيون، وكان هجومها هو الأقوى على ما اعتبره ناشطوها "وضعا مستفزا" زاد عن الحد بشكل لا يُطاق.

في أهم منتدى نسائي مصري وعربي منتدى "فتكات" شنت نولة إحدى عضوات المنتدى، حملة على التليفزيون بعنوان "مين هتقبل التحدي.. وتقفل التليفزيون في رمضان"، تقول نولة بلغة ساخرة: "الأمر صار مستفزا جدا، كل قنوات التليفزيون والدش بتموت في نفسها وبيقطعوا بعض على من يذيع مسلسلات أكثر، ومن يأتي ببرامج أحسن، ومن يجمع مسابقات وبرامج كوميدية أفضل، هذا لو اعتبرناها كوميدية من الأساس لأنها استظراف وسخافة".

على منتدى "مدرسة المشاغبين" هناك إسكتش ظريف لأحد أعضاء المنتدى، الإسكتش الذي حمل عنوان "أنا والتليفزيون ورمضان" يقوم التليفزيون فيه بدور الناصح المسكين الذي يحاول ترويج بضاعته للمشاهد على أنها سلعة ستسليه في رمضان، ولن تجعله ينام ولو للحظة قائلا له:"معايا في رمضان.. أوعدك إنك مش هتنام".

وعلى منتدى محاورات المصريين، يقوم عضو بالمنتدى بطرح إعلان ساخر عن مواعيد المسلسلات والبرامج بالقنوات الفضائية يقول فيه: "البرنامج اليومي للقنوات يبدأ من الثامنة صباحا وحتى اليوم الثاني بنفس الميعاد، الساعة الرابعة فجرا: صلاة الفجر بسرعة نصليها ونرجع، الساعة الرابعة والنصف: نتابع بقية المسلسل على قناة دبي، الساعة الخامسة فجرا: نتابع إعادة لمسلسل على قناة أبو ظبي لأن وقت عرضه الأول كنا نتابع مسلسل على قناة "الشام"، الساعة السادسة صباحا: إعادة لمسلسل على قناة الحياة المصرية مسلسل لا يفوتكم، الساعة السابعة صباحا: إعادة لبرنامج مسابقات على دريم روعة، الساعة الثامنة صباحا: نقوم بالتقليب في القنوات وبعدها نذهب إلى النوم حتى لا نعطش أو نجوع، ثم ننام قليلا لنستيقظ لنقوم بالإفطار ومتابعة بقية المسلسلات والبرامج".

" أحمد صمدي" على نفس المنتدى شعر بالتيه وسط هذا التيار الكثيف من عدد الإعلانات التي تروج لعدد أكبر من البرامج والمسلسلات الدرامية، وسط انعدام تام لكثير من البرامج الهادفة على حد وصفه، لكنه أدرك أنه لابد أن يشاهد شيئا ما هذا الشهر حتى لا يشعر بالضيق والملل فقام بعمل حصر لمجموعة من القنوات الدينية والعلمية التي تحتوي على مادة تتناسب مع جو وروحانيات الشهر وطرحها بالمنتدى.

العودة إلى الراديو

البعض في المنتديات والمدونات طرح التوجه للاستماع إلى الراديو مرة أخرى كجزء من الحل في الانغماس في معركة الدراما على الفضائيات؛ حيث يقول حميد علي منتدى الوسية: "الراديو بشجونه وشجون برامجه ومنوعاته أجمل كثيرا من السخافة التي تقدم على الفضائيات، الراديو الذي كان أحد أهم معالم رمضان بأصوات محمد رفعت والنقشبندي ونصر الدين طوبار وفؤاد المهندس وزوز نبيل وأم كلثوم ونجاة وإذاعة القرآن الكريم والشرق الأوسط والبرنامج العام لا نجد سحر هذه الأشياء اليوم في الفضائيات وقنوات التليفزيون".

صاحب مدونة "تماحيك" عبر عن شجونه نحو الراديو كبديل لما يقدم في التليفزيون خصوصا في رمضان، صاحب المدونة حكى عن تجربة سابقة قاطع فيها التليفزيون لمدة شهر، وعلى الرغم من لذة التجربة إلا أنه لم يستطع أن يستمر فيها أكثر من شهر.

يقول صاحب تماحيك: "في الراديو مغناطيس ما يجذبني، ولا يزال تأثير ذلك المغناطيس قائما حتى في الوقت الذي لا تعيش فيه الإذاعة المصرية أفضل حالاتها.. ذلك المغناطيس جعلني أقوم بتجربة أراها مجنونة ولم تستمر طويلا.. أن أقاطع التليفزيون وأستمع إلى الإذاعة.. لم أستطع المضي على هذا الحال أكثر من شهر واحد.. لكن تأثيره لا يزال حاضرا حتى لحظة كتابة هذه السطور..".

"لم تنته علاقتي بالراديو بعد الشهر الذي جربته فيه بديلا عن الشاشة الفضية، كلما أحسب أن طلاقا بائنا بات بيني وبينه أعود إليه من جديد.. في أسعد الظروف وفي أحلكها.. في فترات الدراسة وما بعدها.. قبل ظهور الإف إم وبعده.. الراديو شيء بسيط تراجع خلف التليفزيون والفضائيات.. يذكرني بأشياء أبسط.. وبأيام هي الأجمل في حياتي....".

بنفس الطريقة ظهرت رسائل إلكترونية يتبادلها مستخدمو البريد الإلكتروني قبل بداية شهر الصوم بعنوان يبدو مضللا "قناة الأفلام في رمضان" يستهل خطابه بتفعيل الشعار الذي رفعه التليفزيون المصري خلال شهر رمضان "مفيش حصري كله ع التليفزيون المصري" ليوضح خريطة برامجية مكتوبة بطريقة ساخرة تعوق المسلم عن تأدية فروض ربه في شهر رمضان المبارك.

النسخة الأصلية علي إسلام أون لاين.

أزمة الغذاء بالعالم ..تقتير هنا، وإسراف هناك



Image

برغم مرور عدة شهور على صدور كتاب "كشف النقاب عن فضيحة أزمة الغذاء العالمية" للكاتب البريطاني تريترام ستيورات، فإن النتيجة التي توصل لها تجعل عرضه ملائما في هذا التوقيت، ونحن نحتفل بشهر رمضان.

الكاتب توصل إلى أن الإسراف سواء في المياه أو الطعام، هو المتسبب في أزمة الغذاء، ووجه من خلال كتابه نداء للمستهلكين ما أحوجنا إليه في منطقتنا العربية، حيث قال: "من فضلكم لا تطعموا صناديق القمامة".

وسبق توجيه النداء عرض مفصل استعرض فيه الكاتب سلوكيات المستهلكين، ومضى عبر صفحاته موضحا أن المستهلك هو المستهلك، إن كان في الغرب أو الشرق، حيث يضرب أمثلة من خلال سفره من يوركشاير إلى الصين، ومن باكستان إلى اليابان عارضا نماذج سلبية في التعامل مع النفايات ومخلفات الغذاء والمحاصيل، واعتبر أن خط المواجهة ضد المجاعة يكمن في كيفية ابتكار أساليب جديدة للتعامل مع مخلفات الأغذية التي كانت أحد أسباب أزمة الغذاء العالمية الأخيرة.

وكشف الكاتب عن أن المستهلك البريطاني الذي يبتاع طعاما يذهب ثلثه إلى القمامة، كما ذكر أن إهدار إحدى المحلات الكبرى في بريطانيا تجاوز 125 ألف طن من الأطعمة كان مصيرها في الأغلب "مقلب القمامة".!

أما في السويد فإن العائلات التي لديها أطفال تلقي إلى النفايات نحو ربع كمية الغذاء الذي تقوم بشرائه، ويتخلص اليابانيون كل عام من حوالي 20 مليون طن من مخلفات الطعام، أي نحو خمسة أمثال المساعدات الغذائية العالمية للفقراء في عام 2007.

أما الولايات المتحدة -رائدة صناعة الوجبات السريعة- فهي تلقي إلى النفايات غذاء بقيمة 48.3 مليار دولار سنويا.

ويقول ستيورات: "كمية الطعام التي يتم إهدارها يوميا فقط في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تكفي لإطعام كل الجوعى والذين يعانون سوء تغذية في العالم ثلاث مرات على الأقل".

ويشير ستيورات إلى أن هناك الكثير من محلات الأطعمة الغذائية خصوصا محلات الوجبات السريعة مثل "ماكدونالدز" وكنتا كي" والتي تمثل أحد أهم مصادر إهدار الغذاء التي يحتاج إليها فقراء العالم، ترسل أطنانا من الأطعمة يوميا إلى مقالب القمامة، ويلقي ستيورات اللوم على الإعلانات التجارية التي تروج للنمط الاستهلاكي الخاطئ.

كما ينوه إلى أسباب أخرى تؤدي إلى زيادة الفاقد في المحاصيل والأغذية حيث يشير إلى أن كثير من المحاصيل الزراعية تتلف في الغرب بسبب الانبعاثات الحرارية الناتجة من الغابات المحترقة، بينما يتم إتلافها في البلاد النامية بسبب قلة معرفة المزارعين بأساليب نقل المحاصيل الزراعية إلي السوق، وسوء تخزينها.

مشكلة السلاسل الكبرى

ورغم أن سلاسل المحلات الكبرى في بريطانيا -بلد مؤلف الكتاب- مثل محلات سينسبري تعطي جزءا من منتجاتها مجانا للجمعيات الخيرية فإن هذه النسبة كما يقول ستيورات لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جداً من الأطعمة التي يتم إلقاؤها بصناديق القمامة، ويعزو ستيورات الأمر إلى أن شركات الغذاء الكبرى ومحلات التجزئة تفضل التخلص من هذه الأطعمة التي تحتاج لحيز ضخم من التخزين، على أن تعطيها مجانا للفقراء.

الأمر الآخر أن البائعين بهذه المحلات الكبرى لو قاموا بإعطاء هذه الأطعمة للفقراء بشكل مكشوف فسيسبب ذلك صدمة للمستهلكين العاديين الذي سيقلعون بعدها عن شراء "الساندويتشات" والأطعمة السريعة والجاهزة.

لكنه يلفت النظر أن بعض الشركات الغذائية الكبرى التي لها إستراتيجية في نشاط "البيزنس الاجتماعي" عالجت هذا الأمر حيث قامت بافتتاح فروع مخصوصة لمحلات توزع فقط أطعمة بدون مقابل.

ثقافة الادخار

"يستطيع معظمنا أن يتذكر وهو صغير، كيف كان الآباء يقولون لنا عند تناول وجبة الطعام: "لا تبق من وجبتك شيئا وتذكر الأطفال الذي يعانون من الجوع في إفريقيا".

كانت تلك النصائح تعطى للأجيال الصغيرة وخصوصا أثناء الحرب العالمية الثانية كما يقول ستيورات، عندما كان الغذاء شحيحا في أوروبا، لكن يبدو أن الأجيال الجديدة التي عاصرت عهدا وعالما آخر مبني علي السوق الحرة، وعصر الاستهلاك، وابتعاد الآباء قليلا عن رؤية أبنائهم، لم تجد من يلقنها هذه القيم التربوية سواء في البيت أو حتى في المدرسة.

ويرى ستيورات أن العلاج يكمن في "ثقافة الادخار" والبعد عن النمط الاستهلاكي؛ والذي بنظره غزا العالم بشكل كبير، ويلفت النظر بشكل كبير إلى التثقيف والتربية، ويعتبر أن هذه أثمن قيمة اكتشفها من خلال بحثه حول "نفايات الأغذية"، ويقول: "لن نكتشف قيمة امتنانا للحفاظ على الغذاء والطعام كثيرا باللوحات المعلقة على الجدران، لكن سنكتشفها بنصائح الآباء والأجداد".

كارثة نفايات الغذاء

ويستلهم المؤلف تجربة جماعات حماية البيئة مع أكياس البلاستيك ويطالب بتنفيذها مع الغذاء، ويقول: "على مدى السنوات العشر الماضية، وجماعات حماية البيئة قد نجحت في جعل المستهلكين يفكرون مرتين في كل مرة يحاولون فيها التقاط كيس من البلاستيك في المتاجر الكبرى، ووضع الصحيفة في الصندوق المخصص لإعادة تدوير الورق"، بهذا الشكل يريد ستيورات أن يفكر القائمون بأمور البيئة والصحة والغذاء في ابتكار ثورة من الأفكار لإيجاد حلول لموضوع "نفايات الغذاء".

ويضيف أيضا: "جرت العادة على التخلص من النفايات في مقالب قمامة حيث تتحلل وتنتج غاز الميثان الذي يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، وبالتالي فمن غير المقبول بيئيًّا واجتماعيًّا الصمت عن مشكلة كهذه".

ويشير ستيورات إلى أن إهدار هذا الكم الهائل من الغذاء في النصف الشمالي الغني لا يمكن تجنب أبعاده؛ التي تتمثل في كمية ضخمة من أراضي الغابات خصوصا في منطقة الأمازون، وجنوب شرق آسيا وإفريقيا يتم تجريفها لزراعتها، وتدهور التربة في أغلب مناطق العالم نتيجة لعمليات الزراعة المستمرة، كما أن الإهمال في إلقاء هذه الأغذية بالعالم الغني يدفع لزيادة أسعار السلع الغذائية خصوصا الأرز والحبوب، مما يجعل فقراء العالم أمام طريقين لا ثالث لهما هما الجوع أو التسول.

النسخة الأصلية علي إسلام أون لاين

السبت، 15 أغسطس 2009

تسريب الملفات.. بين "السبق الصحفي" و"التوظيف الأمني"




Image
الصحف المستقلة تثير الجدل بالموضوعات الأمنية
في العادة كانت كلمة "الصحفي الأمنجي" ملازمة لبعض صحفيي الجرائد التي اشتهرت بتغلغل "الأمن" في هيكلها الإداري والوظيفي، ليصل تسلطه إلى الاختيار والتعيين والترقي بدءاً من السعاة الذين يجلسون على أبوابها، وحتى أعلى اسم في "ترويسة" الجريدة.

وكانت "الصحف المستقلة" بمثابة خط الدفاع الأخير مرة ضد التغلغل الأمني، ومرة باعتبارها منبرا مساندا وداعما للحركات الاحتجاجية، والنضالات السياسية والاجتماعية، والتي غُيبت عمداً على صفحات الجرائد القومية المصرية.

مؤخرًا تعالت الأصوات فيما يراه البعض أنه تحولات سلبية في بعض الصحف المستقلة، من بينها نشر التحقيقات والتقارير الأمنية باعتبارها حقيقة مطلقة، وعدم تدقيقها وأخذ وجهات النظر الأخرى حولها، وهو ما يثير تساؤلا حول مدى قدرة بعض الصحف المستقلة على الحفاظ على مهنيتها وحياديتها في مواجهة الضغوط الأمنية؟ وتساؤل آخر يتمثل في كيفية الحكم على ملف مسرب أمنيًّا بأنه "سبق صحفي"، ومتى يمكن اعتباره "استثمارا وتوظيفا أمنيا"؟.

المصري اليوم مثالاً

كانت أبرز الحوادث المثارة على الساحة الصحفية بهذا الشأن مؤخرًا هي المعركة التي تخوضها جريدة المصري اليوم بعد قيام اتحاد الأطباء العرب بتقديم شكوى رسمية ضدها للمجلس الأعلى للصحافة، لاتهامها بنشر أخبار وتقارير غير صحيحة عن اتحاد الأطباء العرب، وأمينه العام د. عبد المنعم أبو الفتوح تتعلق باتهامات لا تستند إلى أي دليل ولا تقوم على أي أساس، وفقاً لشكوى الاتحاد.

وتضمنت الشكوى المقدمة للمجلس الأعلى للصحافة أن الجريدة لم تحاول الاتصال بالاتحاد لمعرفة طبيعة الاتهامات التي طالت اسم الأمين العام، واكتفت بنقل ما تحويه مذكرات تحريات أمن الدولة، مجدي الجلاد رئيس تحرير "المصري اليوم" كتب مقالا دافع بشده عن مهنية جريدته الخاصة، وبرر نشره للتقارير والملفات المسربة.

نفس الأمر يمكن أن يقال عن الملف الذي تنشره جريدة المصري اليوم حاليا عن تحريات "خلية حزب الله" في مصر، حيث بدأ نشر الملف على حلقات من تاريخ 11/8/2009.

المستقلة بدل القومية

الكاتب الصحفي فهمي هويدي كان قد انتقد في مقالة له بعنوان "مراكز القوي تحييكم" بجريدة الشروق الجديد بتاريخ 26/7/2009 - التسربات الأمنية في تقارير الصحف المستقلة، معتبراً الاختراقات الأمنية لوسائل الإعلام قاعدة تحتمل استثناءات قليلة.

كان هويدي يرى في مقاله أن الأجهزة الأمنية أدركت أن الصحف القومية أصبح وجهها مكشوفًا عند نشر التسريبات الأمنية؛ الأمر الذي يقلل من صدقية ما تنشره؛ لذلك فإن الأجهزة الأمنية ركزت على اختراق الصحف "المستقلة"، التي تعطي لقرائها انطباعا بالحياد.

"هاني شكر الله"، عضو مجلس إدارة تحرير صحيفة "الشروق الجديد"، اعتبر العلاقة بين الصحفي والأمن مسألة شديدة التعقيد، تدخل في دائرة "المناطق الرمادية" والتي لن يقوم بالفصل فيها إلا الالتزام بأخلاقيات ومواثيق العمل الصحفي.

ورأى شكر الله أن الصحفي إن لم يكن وراءه مؤسسة صحفية قوية تدعمه فمن الممكن أن يقع تحت تأثير "رجل الأمن" الذي قد يضغط على الصحفي بتأثير النفوذ الأمني ويبقيه بهذا الضغط تحت دائرته، أو يغريه ببدل أو منح لينشر الصحفي ما يريده رجل الأمن.

أما عن الذي يحدد مهنية الصحفي في تعامله مع ملف مسرب أمنيا بحسب رأي الدكتور عزازي علي عزازي، رئيس تحرير جريدة "الكرامة"، فهو السياق الذي يُنشر من خلاله الملف المسرب أمنياً.

السياق يحدد

حيث اعتبر عزازي أن المشكلة ليست في النشر، وإنما المشكلة في الكيفية التي يتم بها نشر التقرير أو الوثيقة فهو يقول: "اختيار العناوين، وشكل المقدمة الخاصة بالتقرير، واللغة المكتوب بها التقرير، واستدعاء أقوال أخرى مع أو ضد التقرير هو الذي يحدد موقف الجريدة الأخلاقي والمهني".

وأشار عزازي إلى استفحال ظاهرة السيطرة الأمنية على المؤسسات الإدارية بالدولة، وارتباط الترقي في الهيكل الوظيفي أو الالتحاق بمؤسسة ما بدءاً من الجامعات والمؤسسات الصحفية والإعلامية وانتهاء بـفراشين وعمال المساجد.. بالتوصيات والتقارير الأمنية، واصفًاً المجتمع المصري بأنه تحول إلى "مجتمع أمني"؛ وبالتالي -والكلام لعزازي- يظل الصحفي الذي احتل مكانًا ما في مؤسسته برضا وبدفع أمني، مديناً بالفضل للمؤسسة التي ساعدته، ومستعداً أن يؤدي لها الخدمات على مدى حياته المهنية.

غير أن الرؤية لدى خالد البلشي رئيس تحرير جريدة "البديل" المتوقفة حاليا عن الصدور، تختلف قليلا، فهو يعتقد أن أغلب الوثائق التي تُسرب من الأمن هي في الأغلب مناورات أمنية يراد بها تحقيق غرض سياسي أو أمني ما، ويمكن الهروب من الفخ عن طريق نشر تعليقات وتفسيرات ونشرها بشكل مهني مع الوثيقة مثلها مثل أي وثيقة أخرى صادرة من أي جهة رسمية أو غير رسمية.

ويضيف البلشي قائلاً: "نشر الوثائق الأمنية كما هي على حالتها بدون التدقيق، والرجوع للمصادر، وبدون تعليل وتفسير واضحين؛ هو في الأغلب استغلال أمني للصحيفة لجعلها منبراً للدعاية والترويج لسياسته التي يقوم بها مثل التشنيع أو ضرب فصيل أو معارض سياسي".

وشكك البلشي في التقارير الصادرة عن المؤسسات الأمنية أغلبها مشكوك في صحتها، لخروجها من مؤسسات غير موثوق فيها، عكس أي تقارير تصدر عن مؤسسات أخرى معروفة باحترامها وسمعتها الجيدة، ودلل على تشككه بقوله: "أغلب التقارير والتحريات الأمنية بمجرد وصولها للنيابة، يحذف منها 90% على الأقل، وبالتالي تدخل في إطار الافتراضات المشكوك فيها على الأغلب".

"إبراهيم منصور" مدير تحرير جريدة الدستور اتفق مع البلشي، وهو يرى أن ما يسرب من أمن الدولة بالخصوص؛ هي ملفات مشكوك في صحتها، وفي الأغلب تقارير "مضروبة" لا يجوز نشرها إلا بعد أن يتم التحقق منها في النيابة والمحكمة حتى لا يؤدي نشرها بشكلها "الخام" –كما يقول- إلى تشويه سمعة فصيل سياسي، أو إنسان ما فقط لمجرد البحث عن سبق صحفي.

مثل أي مصدر

وحول الالتزام المهني دارت وجهة نظر "عاصم عبد المحسن"، رئيس التحرير السابق للنشرة العربية لوكالة رويترز للأنباء، والذي يرى أن الذي يحكم علاقة الصحفي بالمصدر سواء كان "رجل أمن" أو غيره، الالتزام المهني، وهو ما يضع الحد الفاصل بين الصحفي وبين أي مصدر كان.

وحذر عبد المحسن من التعامل مع الملف المسرب أمنيًّا؛ إذ يفضل معاملته على اعتباره "فرضية"، يجب التحقق منها وفقاً للمعطيات المهنية، فيتم الاتصال بأكثر من مصدر آخر، والاتصال أيضًا بالفرد الموجه له الاتهامات للتثبت والتحقق، ونشر ذلك مرفقاً مع التقرير مع ذكر إحداثيات وصول التقرير إلى الجريدة.

أما "نادية الجويلي" -مستشارة وصحفية بوكالة رويترز للأنباء- فأشارت إلى أن رجل الأمن مثله مثل أي مصدر تطبق عليه نفس القواعد التي تطبق على أي مصدر آخر، فيجب وفقًا للقواعد المهنية والأخلاقية عدم قبول أي هدايا من المصدر، وأهمية وجود مساحة ما بين الصحفي والمصدر الأمني حتى لا يقع الأول في تبعية الثاني، فينشر عندها أشياء تُملى عليه بدون التحقق من مصداقيتها، أو بدون سؤال الطرف الآخر وهو ما يدخل طبقاً لوصفها في دائرة "التشنيع والتشهير".

وأضافت الجويلي: "السبق الصحفي الذي تحصل عليه صحيفة بنشرها ملفا مسربا من الأمن، تكسب معه "خبطة صحفية"، لكن في المقابل تضيع معه مصداقيتها على المدى البعيد، وهو ملاحظ بشدة في عدم إقبال القارئ المصري على الجريدة الورقية، وفقدانه المصداقية في الصحف سواء القومية، أو حتى المستقلة".

في حين أكد صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة "القاهرة" أنه لا مفر من وجود علاقة بين الصحفي ورجل الأمن، لمتابعة الجرائم الجنائية أو السياسية، لكنه يلفت النظر لأهمية أن يتم حصر تلك العلاقة على المستوى المهني فقط، وألا يتعدى ذلك المصلحة العامة إلى المصلحة الخاصة، وربط مراقبة هذا الأمر بالمؤسسة الإعلامية التي ينتمي إليها الصحفي.

ممنوع الاقتراب

أما عبد الحليم قنديل رئيس جريدة "صوت الأمة" السابق، فأشار إلى أن التدخل الأمني وصل في الجرائد القومية وبعض الجرائد المستقلة إلى أن صار مندوب الداخلية في الجريدة بمثابة "وزير داخلية أصغر" بالمؤسسة، وصار الضابط الأمني الذي كان صحفيًّا فيما مضى، بوقا إعلاميا للمؤسسة الأمنية التي يتبعها داخل الجريدة التي يعمل بها.

كما أشار قنديل إلى أن الملف المسرب من جهة أمنية؛ إما أن يُراد به توريط صحيفة مستقلة أو معارضة، أو يراد به نشر معلومة تُوظف أمنيًّا بشكل جيد عن طريق نشرها إعلاميًّا؛ ويتم من خلالها ضرب فصيل، أو معارض سياسي، أو فضح وزير حُرقت ورقته داخل النظام، أو تلميع شخص ما تدور حوله الشبهات.

خلال الحديث مع "قنديل" طرح قضية أخرى شديدة الأهمية لها علاقة بالصحافة والأمن تتعلق أساسا بـ"قانون تداول المعلومات" مطالبا بتشريع يحفظ حق الحصول على معلومات على اعتبار أن القواعد التشريعية لأي صحافة حرة تتمثل في أمور ثلاثة هي: حرية إصدار صحف، وقانون عقوبات خالٍ من الحبس للصحفيين، وقانون تداول معلومات، ودون ذلك ستبقى الصحافة المصرية "صحافة خوارج".

- رصد الإلتباس بين السبق الصحفي والتوظيف الأمني علي إسلام أون لاين .

حمزة نمرة بالساقية.. يطفئ نار "الشقيانين"




Image
حمزة نمرة حالة غنائية متفردة
تمثل لي فترة الثمانينيات أفضل فترة في عمري رغم أني لم أدرك منها واعيا إلا السنوات الأخيرة فيها، الثمانينيات تمثل لي عبقا زمنيا محببا لا يماثله إلا عبق مكاني لا أشعر به إلا في مصر القديمة، وشوارع وسط البلد، والحواري المصرية، حتى إن فقدت الكثير من سماتها تأثرا بتحولات عصر "الحداثة" و"العولمة"!!

تمكن موقع اليوتيوب من تفعيل ذاكرة خلنا أنها قد ذهبت إلى غير رجعة إذ مجرد أن تبحث عن أغنية أو إعلان من سنوات الثمانينيات حتى تغرق في حالة حنين لطفولتك التي عايشت هذه الموسيقى المميزة, الجمعة الماضية 7-8-2009 -ربما برد الفعل الشرطي- غمرتني كل تلك الأحاسيس الثمانينية؛ وأنا أستمع لأول مرة وجها لوجه لحمزة نمرة بساقية الصاوي في الحفلة التي نظمتها شركة ماراثون للإنتاج الفني والتوزيع (مصر) بالتعاون مع شركة أوايكيننج للإنتاج الفني والنشر والتوزيع (بريطانيا)؛ حيث تحدث عن قيم العلمانية الشاملة التي غزت حياتنا ويحاول هو بغنائه مقاومتها ورفضها.. لكن بذكاء مبهر كانت الرسالة متوارية في أدائه الفني.. فكانت كالمخرج الذي لا يظهر لنا على الشاشة، لكن رؤيته تكتنف الفيلم بأكمله.

المدهش أن أكثر الحضور اتفقوا على شيء واحد.. هو أن الفنان الذي يؤدي أمامهم شكل مختلف بالمرة عما سمعوه من قبل سواءً من المغنين التقليديين، أو المغنين الذين احترفوا "الغناء الديني"، أو المنشدين الإسلاميين.. حمزة نمرة لا يمكن وصفه إلا أنه "حالة" منفردة بذاتها مزجت ما بين الاحترافية والمهنية العالية، والأداء الرائع، والكلمات الإنسانية التي تضمنتها أغانيه.

غناء ممتزج بـ"الأنسنة"

في كلمات أغنيته "الحياة لها ألف صوت ويا بعض مشبكين" يحاول أن يأخذنا نمرة من حاضر يمتلئ بالانغماس في لقمة العيش، وطموح لا يهدأ، وقيم العولمة التي رسمت على حياتنا إطارا غريبا غير إنساني.

استمع إلى حمزة نمرة:

وقبل أن يغني نمرة هذه الأغنية، كانت كلماته التي عبر فيها بصدق عن محتوى جزءا من رسالته الإنسانية التي يحاول تقديمها من خلال فنه، يقول نمرة: "أشهر نظريات السوق (العرض والطلب) بدأت تكبر وتكبر كثيرا في حياتنا، حتى صارت فوق الجميع لدرجة أننا لا ندري المصير الذي يتوجه إليه هذا العالم، كل شيء في عالمنا صار يخضع للعرض والطلب، والبقاء فقط لمن يبيع أكثر، ويكسب أكثر، يبدو أن الإبداع، والقيمة، والتواصل الإنساني ليس لهم مكان في حياتنا هذه، إذا كانت نظرية العرض والطلب عنوان لهذا التقدم الذي يجتاح العالم، فنحن لا نريده".

تقول كلمات الأغنية "الحياة لها ألف صوت ويا بعض مشبكين.. ندا الأدان جوا الجوامع يطفي نار الشقيانين.. يشد قلب المؤمنين.. ضحكة قلوبنا لما كنا صغيرين.. ويا العيال متجمعين.. حتى صوت الفاس في أرض.. لما كان يشق طين.. الحياة لها ألف صوت ويا بعض مشبكين".

فنان مختلف

جمهور كبير حضر الحفل

مجموعة كبيرة من الفنانين موجودة بحفلة حمزة نمرة، من بينهم وجيه عزيز أحد الذين تأثر بهم نمرة كثيرا، فهما تقريبا ينتميان لنفس المدرسة، مدرسة "الغناء المستقل" التي عبرت عنها بقوة فرق "إسكندريلا" و"وسط البلد" و"الحب والسلام" يقول عن نمرة: "لا تستطيع أن تحكم على حمزة نمرة سوى أنه فنان، نمرة أيضا لا تستطيع توصيفه فهو مغن شامل ومتنوع، يغني للإنسانية، وللحب، والتراث، والموال، فضلا عن حضوره الشخصي الملاحظ بشكل كبير، حمزة مختلف تماما في كلمات أغانيه وموسيقاه، كما أنه إنسان قبل أن يكون فنانا".

مصطفى محمود منشد إسلامي، قال عن نمرة بأنه ليس مطربا غنائيا بالمعنى التجاري، وليس منشدا إسلاميا، حمزة نمرة امتداد المدرسة المستقلة التي لا تعتني بالسوق ولا يفرق معها كثيرا موضوع البيع والشراء، ما يهم هذه المدرسة هو الفكرة وتوصيلها بالموسيقى، وأحد رموز هذه المدرسة محمد منير وهاني شنودة.

مصطفى محمود الذي اشتهر بأنه أحد أوائل المنشدين الإسلاميين الذين أدخلوا الموسيقى الغربية لأغانيهم ذات الطابع الإسلامي؛ قال عن نمرة: "أحد رموز الحالة الدينية الجديدة، لكنه استطاع أن يفعل ما لم يستطع المغنون ذوو الطابع الديني الغنائي أن يفعلوه، وساعدته كثيرا أفكاره، والدعم المادي الذي ساند كليباته".

أحمد قاسم، عازف عود وملحن، علق على نمرة بأنه شخصية نادرة سواء من ناحية كلامه أو أغانيه، وأن نمرة له قدرة كبيرة على أن يصل للقلوب سريعا، نمرة كما يقول قاسم: "فنان بحق استطاع أن يتفرد بلون إنساني جديد غير موجود في كلمات لا نجدها عند غيره، يستطيع أن يصل بكلمات أغانيه البسيطة لأي شريحة عمرية صغيرة أو كبيرة".

كاريزمية "نمرة"

لا ينافس فن "نمرة" الغنائي سوى حضوره الطاغي على المسرح، نمرة ورغم مثاليات كلماته التي تتحدث عن الأمل، وحب الحياة، ومواجهة الصعاب، والذكريات الحلوة، أو حتى غنائه لأغان تراثية، أو مواويل، تشعر أنك تستمع لمغني "بوب".. برتم أدائه السريع، ونمط الموسيقى الغربي المصاحب لغنائه.

لفت نظري فتاتان تحملان ملامح غير مصرية سألتهما بدهشة عن وجودهما في حفلة لمغن مصري، قالتا إنهما تحضران مع صديقات لهن مصريات، مونيكا وهي إسبانية، قالت إنها رغم عدم إجادتها للعربية، فإنها تفاعلت كثيرا مع لحن وأداء وحركات نمرة على المسرح، تضيف "يبدو أن هذا الرجل يمتلك كاريزما كبيرة".

مارجريت أمريكية، وهي تعرف القليل من العربية قالت: "سمعت الكثير من الأغاني العربية، لكن هذا النوع من الغنائي الذي يتضمن قصصا اجتماعية، وإنسانية ، وسياسية لم أسمعه من قبل، فضلا عن موسيقاه التي لم أشعر فيها كثيرا بالغربة".

نمرة و"التدين الجديد"

كان الملمح الآخر الذي لاحظته في حفلة "نمرة" هذا الحضور المكثف لجيل تيار "التدين الجديد"، الجيل الذي تربطه ظواهر واحدة تتنوع بين الدعاة والمشايخ والمنشدين.. "عمرو خالد" و"مشاري راشد " و"مصطفى حسني" و"سامي يوسف"، بالأمس اكتشفت أن هذا التيار أضاف له اسما آخر هو "حمزة نمرة".

"نمرة" يعبر وبشغف عن آمال تيار "التدين الجديد" الذين رأوا فيه نموذجا معبرا بمثالية عن طموحاتهم في فن راق بعيدا عن "فجاجة" ظهور الرسالة على الشكل المهني في غناء غيره من المغنين الذين احترفوا "الغناء الديني" فقط، أو من المنشدين الإسلاميين الكلاسيكيين الذين تحجروا في قالب واحد لم يخرجوا منه حتى الآن.

ربما كلمات صحفية صديقة كانت تحضر معي الحفلة تعبر عن ذلك بشدة تقول هبة: "شبعنا كثيرا من حاجات لها معنى، لكنها كانت لا تبسطنا كثيرا، كان الواحد فينا يعصر على نفسه ليمونه من أجل سماع الرسالة المتضمنة فيها، كانت مجرد رسالة ليس أكثر، لكنهم لم يقدموا شيئا حلوا ومختلفا".

تضيف هبة: "هنا مع نمرة كان الأمر مختلفا.. صفقنا وضحكنا وتمتعنا كثيرا، وفي نفس الوقت عشت مع أكثر من مائة رسالة إنسانية، هذه هي الرسالة التي أتمني رؤيتها، شيء لا يخشى المسيحي أو المسلم ذو الأيديولوجية المختلفة أن يسمعها بدون تحفظ؛ لأنه يسمع فنا وفنا فقط".

كانت كلمات عمرو عراقي –طالب طب– متفقة مع كلمات هبة؛ حيث يقول: "حمزة يقدم صورة جميلة جدا للفن، يعبر عن أحاسيسنا وقيمنا ومبادئنا، يختلف تماما عن السابقين له الذين تشعر معهم أنهم يصلون في إنشادهم".

رؤيتي لنمرة علي إسلام أون لاين.

المحافظون الجدد.. "أبطال الديجيتال"!


الشمس تختنق في قلب الغروب وتنثر أخر أشعتها في أحد أيام شهر رمضان أوائل تسعينات القرن الماضي.. أخرج من صلاة المغرب بدون حتي أن أكمل تسبيح الصلاة، أجري مهرولاً للبيت لم يكن رغبة في الإفطار بقدر الرغبة في اللحاق بالمسلسل الكارتون الأمريكي " النينجا التيرتلز " .

كانت " ضفادع النينجا " مسار إهتمامنا بشكل كبير، لدرجة سيطرتها علينا في اللعب، بل والرسومات التي كنت تُري علي كراريس الرسم، وجدران الفصول، ومقاعد الدراسة، وخناقاتنا مع بعضنا للتسمي بإسم أحد أفراد النينجا التي كانت هي نفس أسماء أشهر رسامي فترة النهضة في أوروبا ( مايكل أنجلوا، وليوناردوا، ورفاييل، ودوانتيلوا ) .

حلمنا نحن الصغار- الذين يعيشون في الأرياف - بتناول البيتزا، الأكلة المفضلة لدي الرباعي المتحول، هذا الأكلة التي لم نتذوقها، ولم نسمع عنها من قبل إلا بالمسلسل الكارتوني، تمنينا التزلج علي الأرصفة بحذاء "الباتيناج" التي كانت تيمة دائمة لرباعي النينجا تشهق لها أنفاسنا، في الوقت الذي كانت تمطر السماء لدينا لا نذهب للمدرسة بعدها لمدة ثلاثة أيام علي الأقل من الوحل والطين.

رسَّب المسلسل لدينا - ومعه بالطبع عشرات المسلسلات الشبيهة والأفلام السينمائية الأخري- نموذج " الأمريكي القوي المبهر " الذي يتم انتظاره في النهاية كي يخلص العالم من الأشرار، حينها عندما كنت اٌقرأ جريدة " أخبار الحوادث "- والتي كانت توزع في بداية صدورها توزيعاً كبيراً- كنت منتشياً برجال "الإف بي أي" وهم يقبضون علي "نوروييجا " حاكم بنما بتهمة الإتجار بالمخدرات، لم أعرف بالطبع إلا بعدها بسنوات أن القضاء علي نورييجا كان آخر مرحلة من مخطط الإدارة الأمريكية للسيطرة علي بنما وقناتها الشهيرة .!

جعلنا المسلسل ممتزجين بشكل تام مع الحلم الأمريكي بكل أشكاله وتفاصيله، عن نفسي لم أتخلص من هذا الحلم وهذه الصورة تقريباً إلا في أواخر المرحلة الثانوية، مع الحصار الأمريكي للعراق، وضربها بالأسلحة المصنوعة من اليورانيوم المستنفذ، وظهور الأطفال العراقيين المشوهين علي صفحات جرائد "الشعب" و"الأسبوع" مع بدأ ارتباطي بقراءتهما، واحتكاكي ببعض الأفكار الإسلامية المختلفة هنا وهناك.

إنهارت في مخيلتي الصورة النموذجية للحلم الأمريكي، لكن لازلت مرتبطاً بالفيلم الأمريكي، وصلت ذروة ارتباطي به في أفلام " الإستقلال" و" اختطاف طائرة الرئيس" و" سقوط الصقر الأسود "، حيث الأخير يحكي عن فشل عملية الإنزال الأمريكية في الصومال في بداية التسعينات..في منتصف الفيلم تقريباً كنت قد تواصلت وجدانياً بشكل كبير مع الجنود الأمريكيين الذين سقطوا جندياً وراء الأخر برصاصات المقاومة الصومالية؛ والتي صُورت بالطبع في الفيلم علي أنهم مجموعة من الوحوش الهمج، في الوقت الذي كان فيه الجنود الأمريكان ينتظرون المقاومة لتفرغ من صلاة المغرب قبل شن هجوم جديد..!

أشفقت للعجب علي الجندي الأمريكي الذي اختبيء في بيت صومالي به أطفال ونساء، مبتسماً ومربتا ً علي رأس الطفل الصومالي، كأنه نجدة جاءت للطفل قادمة من السماء..!!

ثقافة السوبر مان

Image
أطفال يحاربون الأشرار في عالم افتراضي
"وظيفتنا الوحيدة لتواجدنا هنا هي ملاحقة الأشرار والقضاء عليهم".. "يجب أن نقضي عليهم فورا، ونطهر العالم منهم".. يمكن للوهلة الأولى تصور ورود هذه الكلمات في إحدى خطب الرئيس السابق جورج بوش الابن وهو يلوح بيده معلنا بدء الحرب على إحدى دول "محور الشر"، لكنها واحدة من عشرات الجمل التي ترد على لسان أحد أبطال مسلسل كارتون الأطفال "أبطال الديجيتال"، والذي يُقدم على قناة "سبيس تون"، أشهر قناة فضائية للكارتون بالعالم العربي.

مسلسل "أبطال الديجيتال" جاء ضمن أهم 25 مسلسلا كارتونيا يشاهد في العالم العربي، وفقا لبحث أجرته مؤخرا مجلة "جودنيوز-تي في" المصرية.

ويعرض المسلسل مغامرات لمجموعة من الأطفال الذين يدخلون بطريقة ما إلى "عالم الديجيتال"؛ حيث يحاربون الأشرار من الفيروسات ورموز الألعاب التي تريد أن تطيح بالعالم الافتراضي، بمساعدة مجموعة من الحيوانات غريبة الشكل، والتي تمتلك قوى خارقة وأسلحة حديثة، ويطلق عليها اسم "المرافقون"، وهم الحلفاء الأخيار داخل العالم الافتراضي، ما يذكر كثيرا بأطروحات "المحافظين الجدد" في الإدارة الأمريكية السابقة.

يبدأ المسلسل الكارتوني بمجموعة "الأطفال والمراهقين" الذين ليس لهم أي دور فاعل في محاربة الأشرار، لكن العنصر الأساسي في المواجهة هو الحيوانات والمخلوقات غريبة الشكل، قوية البنية، التي تقف في وجه الشر المحدق الذي يريد الفتك بالعالم.

وتظهر بالمسلسل فكرة الشخصية القوية المبهرة "السوبر"، أحد أهم المحاور الرئيسية في عالم الكارتون المشهورة والمعروفة، والتي تحمل أكثر من ملمح، منها أنها تأتي مثلا من عالم آخر (السوبر مان القادم من كوكب كريبتون)، أو أشخاص غرباء (الحشرات والحيوانات المتحولة في أبطال الديجيتال-والنينجا تيرتلز)، أو قوة غير طبيعية أو آلة (باتمان-سبيدر مان-جريندايزر).

وإذا كانت الفكرة التي يمكن أن يدركها الصغار من هذا المسلسل تكمن في أنه من المقبول أن يتم استدعاء "الحشرة"، أو "الحيوان غريب الشكل" للحماية، فمن الأولى أن يقبل هؤلاء الصغار حين يكبرون حماية "الآخر المختلف" عقائديا وأيديولوجيا، ودعم هذا الغريب ما دام أنه سيتم به إنقاذ الوطن والإنسانية والعالم.

ولنا أن نستحضر في هذا المقام العبارات التي قيلت بالفعل على ألسنة الكثير من أحزاب المعارضة العراقية لنظام الرئيس السابق صدام حسين حين أرادت الإطاحة به اعتمادا على دبابات "المارينز".

الضربات الاستباقية

الملمح الثاني في أسطورة الرجل الخارق أو "السوبر مان" بالكارتون هي استلهامها لنظرية نيتشه في طرحها لـ"ثقافة السوبر مان"، و"موت الإله"، والتي تنتهي بأسطورة تجسد الرجل الأمريكي الأبيض المخلص للعالم من الشرور، الذي يمتلك زمام الأمور ويعرف كل الحلول، وينقذ العالم من الأغبياء والأشرار، سموح عطوف، يمتلك العلم والمعرفة والتقنية، وهو في النهاية الحاكم بأمره، والإله في زمن بلا آلهة!!.

واللافت أن المسلسل رغم أنه إنتاج ياباني فإنه لا يوجد طفل يحمل وجها ذا ملامح آسيوية أو بشرة سمراء، الوجوه الموجودة هي فقط الوجوه التي تتميز بالبشرة البيضاء والعيون الملونة؛ حيث تستحضر صورة الرجل الأبيض "المنقذ" الذي يحمل في إحدى يديه الحضارة، والأخرى يحمل بها بندقية يصوبها على الأشرار وغير المتحالفين والمتخلفين.

المسلسل يطرح أيضا بقوة فكرة "الضربات الاستباقية" للقضاء على الأشرار والخصوم قبل قيامهم بشن حرب أو هجوم؛ حيث تعودنا على الشرير دائما في المسلسلات الأخرى يقوم بالبدء بالهجوم، ثم يدخل المنقذ لردع الشرير -غالبا في آخر اللحظات لزيادة الحبكة الدرامية- لكن الجديد في "أبطال الديجيتال" أن أبطال المسلسل ومرافقيهم هم البادئون بالحرب على الأشرار، ويبحثون عنهم باستماتة للقضاء عليهم لتخليص العالم من شرورهم.

على نهج "المحافظين الجدد" أيضا يروج المسلسل لفكرة الصراع وتقسيم العالم إلى محورين؛ حيث قوى الصراع ممثلة بين جانبين فقط لا غير، "محور الأخيار"، وهم الأطفال ومرافقوهم من الحيوانات، و "محور الشر" وهم مجموعة الفيروسات أو أبطال الألعاب الشريرة التي يتم القضاء عليها بكل قوة.

وهكذا وفي مشهد من مسلسل "أبطال الديجيتال" تتمثل مهمة أحد الأشرار، ويدعى "نقار الخشب"، في اصطياد أحد الأطفال الأبطال والجري وراءه لاقتناصه وقتله، وقبل توجيه السلاح للطفل يقول له: "نحن أعداء وعلى أحدنا أن يقتل الآخر.. ولا تقلق سأبذل جهدي حتى أقتلك بسرعة".

عالم الديجيتال

"عالم الديجيتال" هو العالم الرقمي والبطل الرئيسي والحقيقي في المسلسل، عالم يلغي "الأنسنة" ووجود البشر لصالح الآلة و"الرقمنة"، لا تجد فيه إلا أزرارا وحواسيب وأجهزة عالية التقنية وأسلحة، يلغي الواقعية لصالح الافتراضية، عالم صغير يرمز للعولمة والعالم الواحد، بلا حدود ولا هوية، يسهل التحكم فيه ومراقبته، عالم مفرداته القوي فيه هو الأقوى على امتلاك الأسلحة الحديثة والعالية التقنية.

ولكن اللافت أن مفردات هذا العالم هي مفردات العالم الغربي فقط.. الرموز والأشكال والخلفيات الموسيقية، بل حتى الألوان؛ فاللون الغالب على خلفيات ومشاهد الأحداث بالمسلسل هو اللون الأزرق والمعروف بتفوقه في الثقافات الغربية بعكس الثقافات الشرقية التي منحت اللون الأحمر خصائص تفوقه.

وتقدم اللون الأزرق على غيره من الألوان ظاهر في الحضارة الغربية المعاصرة، فهو اللون الرسمي للمنظمات الدولية مثل اليونسكو واليونيسيف والاتحاد الأوروبي، ويمثل الأزرق في الذهنية الغربية لون الأرض كأحد التعابير عن مفهوم العولمة، وأن العالم أصبح قرية صغيرة بلا حواجز ولا حدود.

رؤية المسيري

نقد المكون الثقافي الموجود بكارتون للأطفال يتهم عادة بأنه طرح عالي التجريدية، ومتربص بالأحداث بشكل كبير أو يستحضر فكرة "المؤامرة"، ولدعم هذه الاتهامات من جانب المدافعين عن "براءة" هذه النوعية من المسلسلات يتم إيراد فكرة أن الأطفال تشاهد أفلام العنف ولا تنزل إلى الشوارع لتتقاتل أو يقومون باستحضار دور (الكاوبوي) في صراعاتهم اليومية.

نسبيا ليس بالضرورة الملحة أن يحدث العنف بشكل مباشر كناتج ورد فعل وقتي، وواقعيا هو موجود بالفعل في جرائم مقززة لم يكن يمكن تخيل وجودها في مجتمعاتنا الملتزمة.

فضلا عن أن ما يقدم إعلاميا وثقافيا قد يحتوي في مضامينه وبنائه –بقصد أو بدون– جزءا كبيرا من مفاهيم يتم بها علمنة مجتمعية شاملة تبدأ بترسيخ هذه القيم السلبية مبكرا في العقول الصغيرة.

إذ كان المفكر الراحل الكبير عبد الوهاب المسيري يعتقد أن كثيرا ممن يساهمون في صنع هذه المنتجات وصياغة هذه الأفكار قد يفعلون ذلك "وهم لا يدركون تضميناتها الفلسفية، ودورها القوي في صياغة الإدراك والسلوك"، ولذا يمكن أن تصيغ هذه المنتجات من حيث لا ندري مجتمعاتنا وتوجهه وجهة مغايرة تماما لا يشعر بها أعضاء المجتمع أنفسهم.

ويضرب المسيري مثلا بالكارتون الأمريكي الشهير (توم وجيري)؛ حيث يقوم الفأر اللذيذ الماكر باستخدام كل الحيل -التي لا يمكن الحكم عليها أخلاقيا فهي لذيذة وذكية وناجحة- للقضاء على خصمه القط الغبي ثقيل الظل.

ويوضح المسيري أن القيم المستخدمة هنا قيم نسبية نفسية وظيفية برجماتية، لا علاقة لها بالخير أو الشر، قيم تشير إلى نفسها وحسب، ولا تفرق بين الظاهر والباطن، كما أن الصراع بين الاثنين لا ينتهي، إذ بدأ ببداية الفيلم ولا ينتهي بنهايته، فالعالم، حسب الرؤية الكامنة لهذا الكارتون، "ما هو إلا غابة داروينية مليئة بالذئاب التي تلبس ثياب القط والفأر.. توم وجيري".

ويقول المسيري: "هوليوود لعبت دورا جوهريا في علمنة وجدان سكان الكرة الأرضية، خاصة من خلال أفلامها غير الفاضحة، مثل أفلام رعاة البقرة المسماة (الويسترن Western أو الكوبوي Cowboy وأفلام الحرب)، فالرؤية العلمانية الشاملة كامنة فيها، بشكل يصعب على الإنسان اكتشافه، وأفلام الويسترن بالذات تنقل لنا رؤية علمانية داروينية إمبريالية عنصرية بشعة متحيزة ضدنا".

النص الأصلي مختصراً علي موقع إسلام أون لاين.

السبت، 1 أغسطس 2009

أيها الأقوياء انتبهوا ..النيوميديا تحاصركم


أحمد عبد الحميد -


" الأيام دول " ..لم تكن الفضائيات -التي أزاحت القنوات الأرضية عن عرشها يوماً ما - تدرك أن هذه المقولة ستنطبق عليها بهذه السرعة حتي انفجار ثورة " النيوميديا " علي الشبكة العنكبوتية التي سحبت البساط من تحت قدميها، أقلّها في المناطق المعتمة التي لا تستطيع الفضائيات ولا وسائل الإعلام التقليدية الوصول إليها، أو ملاحقة الأحداث التي تلم بها .



وسام فؤاد الباحث في النوميديا ورئيس قسم البحوث والتطوير بشركة ميديا انترناشونال، يرى أهمية التمييز بين مساحتين مكملتين لبعضهما: الإنترنت كبنية، والإنترنت كمساحة فعل اجتماعي افتراضي. ويشير فؤاد هنا إلى الإنترنت الجديدة وليس الإنترنت القديمة. والانترنت الجديدة أهم خصائصها أنها أداة إعلامية قامت في بنيتها على تحدي نموذجي الأوليجاركية والاوتوقراطية الذين عرفهما الفكر السياسي. تتحدى الأوتوقراطية من خلال تقليل قدرة الأفراد والمؤسسات على منع نشر المحتوى على الإنترنت.

كما أنها والكلام لوسام فؤاد، قامت تتحدى الأوليجاركية من خلال كسر احتكار أصحاب رؤوس الأموال للإنترنت. كانت الانترنت القديمة أشبه بكشك للصحف فيها يمكن لصاحب رأس المال أن يشتري "دومين"، وأن يشتري استضافة، وأن يشتري برمجيات مرخصة، وأن يؤجر عنصر العمل المدرب.
أما الإنترنت الجديدة؛ فاستبدلت كل تلك المعايير بمهارة المستخدم، ومن ناحية ثانية كان يمكن لأي سلطة قديما أن تمنع موقعاً ما من الحضور على إقليمها. اليوم لم يعد المنشور في مواقع الإنترنت الجديدة حكراً على مواقع محدودة، بل تخطاها للمواقع العالمية. ويمكن لأي كان استيراد مدونته الى مدونة أخرى أو اعادة نشر موضوعاته على موقع آخر إن تم حجب المدونة أو الحساب الخاص به على موقع ثان.
الخلاصة أن الإنترنت الجديدة مثلت ثورة في حد ذاتها قبل أن تكون ثورة في توظيفها.

وعن التوظيف السياسي للنيوميديا أوضح الباحث وسام فؤاد أنه نتيجة للقهر وانسداد القنوات في العالم الواقعي، بدأ مستخدمو الإنترنت يجدون فيها منفذاً. وبدأ زحف الانترنت نحو التوظيف السياسي الذي بلغ نحو 30% من استخدامها في دولة مثل مصر.
يقول وسام :"الملاحظ أن موقعاً مثل فيس بوك يمثل ايقونة في مثل هذا التوظيف، وحتى من يستعملونه للترفيه نجد منهم طرفا ينشغل بالسياسة، ويتحمس لبعض أجنداتها، لكن بصفة عامة تسمح بعض التطبيقات للمستخدمين بإخفاء عناوين أجهزتهم مما يجعل ثمة امكانية لكي يلعب المواطنون دوراً سياسيا افتراضياً في كل الدول" .

يؤكد فؤاد أن الانترنت يمكن أن يساهم على الأقل في عملية توعية الشعوب، وتعبئتها إن أمكن من جانب النشطاء السياسيين بشرط ان يتم الالتفات إلى إحداث تراكم ما في مسألة الاستثمار في البنى التحتية لشبكة الانترنت من جانب النشطاء السياسيين.

يضيف وسام قائلاً :" التليفزيون وسيط اعلامي لكنه مغلق على حالة اوليجاركية واوتوقراطية يمثلها مالكو القنوات قبل الحكومات، وعندما نتحدث عن الإنترنت يجب أن نتحدث عنها كوسيط. الإنترنت في النهاية وسيط، ومن يتعامل معها باعتبارها أداة سياسية مخطئ".
"الانترنت رفعت القيود الى حد كبير عن تداول الرأي، ومدت إمكانية نشر الرأي لكل من يستطيع استخدام الانترنت. والثانية أن الإنترنت كبيئة افتراضية تضيف قيمة جديدة للإنترنت الوسيط. فهي تخلق تجمعا وتربط بينه وتنشر اهتماماته المشتركة وتعزز ترابطه وتخلق لكل تجمع جمهورا متابعاً ومهتماً " .



بلاد محجوبة إعلامياً

يمثل الداخل السوري والسعودي الأبرز عربياً من ناحية التعتيم الإعلامي نتيجة لهيمنة النظام السياسي، الذي في الأغلب أعاق نقل ما يدور على مستوى الشارع إجتماعيا وسياسيا. وعدم سماح النظام السياسي المهيمن بوجود صحفيين أجانب أو مكاتب لقنوات فضائية وضع حاجزاً أمام ظهور ما يدور في الشارع إلى الخارج .

لكن ثورة " النيوميديا الجديدة " ضربت هذه الحالة في مقتل حينما شوهد كثير من " التابوهات " يتم كسرها ونقلها والحديث عنها خلال مواقع مثل الـ" يوتيوب " أ و " تويتر " و" الفيس بوك " فضلاً عن المدونات الشخصية.
ففي السعودية صار موقع " اليوتيوب " أحد أهم المواقع التي يستخدمها الناشطون المعارضون للحكم السعودي بالإضافة لمجموعات طائفية وسياسية تلاقي اضطهادا دينياً وسياسياً هناك خصوصا الإصلاحيين والشيعة.

فاحتجاجات الشيعة في السعودية والتي لا يمكن رؤيتها على أي قناة فضائية، استطاع الشيعة ومن خلال اليوتيوب نقل أكثر من احتجاج من خلاله. كان أهمها " احتجاج البقيع " الشهير الذي جاء أثر تصوير نساء شيعيات أثناء زيارة مدافن البقيع من قبل رجال هيئة " الأمر بالمعروف "، حيث تم تنزيل فيديوهات كاملة للاحتجاج علي موقع "اليوتيوب"، أعقبها تحميل فيلم وثائقي كامل بإسم " المعاناة " وهي خطبة كاملة للشيخ نمر بن باقر النمر أحد أبرز المشايخ الشيعة المعارضين للنظام السعودي يستعرض فيها أوضاع الشيعة بالسعودية، والفيلم من إنتاج شبكة أسمت نفسها " شبكة الدفاع عن الشيخ نمر " .

في سوريا الحجب هو الحل

في سوريا كان موقع اليوتيوب – قبل حجبه من قبل السلطات السورية –بمثابة المتنفس الرئيسي للمعارضة والناشطين السياسيين في سوريا والحملات المستمرة المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السوريين. تشتهر سوريا بأنها الأشهر على الإطلاق عربياً في الحجب الإليكتروني. مواقع الجماعات الكردية السورية وغير السورية ومواقع المعارضة السورية بالخارج كلها محجوبة.
أيضاً هناك حجب لمواقع صحفية شهيرة ومعروفة أبرزها موقع " إيلاف" بالإضافة لحجب المواقع التي قد تسبب صداعاً للنظام السوري. ويأتي على رأسها موقع "الفيس بوك" الإجتماعي ومدونات مكتوب وبلوجر، وأخيرا ً موقع " اليوتيوب ".

بل وصل الأمر أن طال الحجب مواقع عالمية ليس لها أي موقف معارض سياسياً من سوريا ، حيث حجبت الحكومة السورية مؤخراً موقع " ويكيبيديا " الناطق باللغة العربية وبريد " الهوت ميل " عدة أشهر قبل أن تعيد فتحه مؤخراً بدون أي تقديم أي أسباب لذلك .
الكاتب السوري نبيل شبيب والمقيم في ألمانيا أكد أن جهات معارضة كثيرة استطاعت أن تصل بأخبارها عبر الشبكة بمواقع لنفسها، ومن هؤلاء الأكراد، وإعلان دمشق، يضيف شبيب قائلاً :" من داخل سورية، وحتى من داخل حزب البعث يوجد من يعبر عن وجهة نظر (تحررية) واستطاعوا أيضا التعبير عن أنفسهم.. وابرز الامثلة على ذلك موقع ( كلنا شركاء ) ".

لكن المشكلة من وجهة نظره تكمن في في المعارضة وقدرتها على الاستفادة الهادفة من الوسيلة الإعلامية الحديثة. حيث يرى شبيب المعارضة السورية غير متجانسة وتحالفاتها و انشقاقاتها أكثر من مرة بصورة ارتجالية تضعف مواقعها السياسية جميعا، وبالتالي تضعف عطاءها الإعلامي ايضا كما يقول .

أوضح شبيب أن ما ساهم في إضعاف حصيلة الإعلام المعارض الرد عليه بصورة " ذكية" من جانب جهات رسمية أو شبه رسمية باستخدام الشبكة.
حيث يشير إلى أنه توجد حالياً مواقع إخبارية على مستوى جيد لا تظهر في مظهر الأبواق الإعلامية، وهذا يكسبها مصداقية. وقد تتجنب أسلوب الكذب الإعلامي، إنما لا تعرض الصورة كاملة. هذا الأسلوب أقرب إلى إقناع القارئ إذا كان غير قادر على المتابعة التفصيلية لمعرفة ما لا يذكر.
يقول شبيب :" إضافة إلى ذلك تنتشر في تلك المواقع أخبار وتقارير تحمل صفة المعارضة ولكن تقف عند حدود ما لا يمس جوهر المشكلة في النظام السياسي القائم، كحالة الطوارئ أو احتكار الحزب للسلطة بمادة دستورية وما شابه ذلك، مثل موقع " بانوراما سورية" و " شام برس " و" حدث سوريا ".

New Media
مصر ..النيوميديا فاعل سياسي

النيوميديا في الحالة المصرية لم يتعد دورها فقط كشف المناطق " المعتمة " أو كسر سيطرة النظام على أدوات إعلامية بعينها. بل وصل دورها الى الفعل والحراك السياسي والمجتمعي. ويصبح نموذج " إضراب 6 إبريل " أبرز الأمثلة الدالّة على ذلك، حيث استفادت مجموعة " إضراب 6 إبريل " من الأدوات المتاحة لتعميم دعوة إضراب عمال غزل المحلة لتحقيق مكسب سياسي للإضراب الذي كان الفاعل الأساسي فيه كان العمال وليس مجموعة " النشطاء الفيسبوكيين ".

الدكتور نبيل عبد الفتاح خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، رأى أن وسائل الإعلام الجديدة " النيوميديا " والصحف الخاصة قد أدت لبعض التغيرات السياسية والاجتماعية في الشارع المصري. أهمها التشكيك في حدود النظام الرسمي في السيطرة على المجال العام اجتماعياً وثقافياً وسياسياً. الأمر الثاني الذي أحدثته هو تجاوز وضرب الخطوط الحمراء المفروضة من قبل النظام، ومساعدة الشارع الشعبي على كسر حاجز الخوف مما أدى إلى كثافة تواجد حالات الإعتصامات والإضرابات المدنية والاجتماعية والسياسية التي تعدت الآلاف خلال الخمس سنوات الأخيرة.

الأمر التالي الذي أضافته وسائل الإعلام والصحف الخاصة وفقا للدكتور عبد الفتاح هو مساعدة المجال العام الافتراضي " شبكة المتواصلين على الإنترنت "على كسر التابوهات المعروفة والكلام فيها ومناقشتها والتعرف أكثر عليها مثل مسألة " الأقباط " و " البهائية " و " الشيعة " و" قضية النوبة" و " قضية تهميش أهل الجنوب".

الإعلام الجديد والصحف الخاصة من وجهة نظر عبد الفتاح دورها المحوري يكمن أيضاً في كشف مخالب القانون الرسمي وعدم ملائمته مع الواقع وأهمية طرح أن يعاد النظر في " القانون الرسمي " كليةً وإشكالياته التي تعتبر منتهية أو ممسوخة أمام الرأي العام .

واعتبر الدكتور عبد الفتاح أن الإعلام الجديد ساعد على إبراز قضايا على مستوى المجال الإفتراضي. ومن ثم تحولت تلقائياً إلي المجال العام التقليدي، والتي كانت معمتة من قبل الإعلام الرسمي أو شبه الرسمي، مثل قضايا التعذيب ومكافآت وأجور العمال وقضية القضاة الإصلاحيين، ومشاكل البيئة مثل قضية " أجريوم " في دمياط .

يضيف عبد الفتاح :" ساعد الإعلام الجديد والصحف الخاصة الحركات الاحتجاجية في حشد تعبئة جماهيرية والذي تمثل في أشكال الاحتجاجات الرمزية ضد مواقف الدولة وأجهزتها من خلال الإعلان عن مواقيت هذه الاحتجاجات، والترويج لها، ونشر مواقف الدولة السلبية من خلال التقارير أو الفيديوهات أو الصور وهو ما عزز اتخاذ موقف سلبي من الرأي العام ضد النظام الرسمي والنظام " .

المصداقية والدعم

المدون محمود سالم والمتخصص في الإعلام الإلكتروني والحملات الإعلانية اعتبر أن " النيوميديا " أصبح يمثل إعلاماً بديلاً به ميزات عدة. أهمها أن الناشطين يقومون بتنظيم المظاهرات والتنسيق من خلاله.
بالإضافة لعمليات الحشد الجيدة وكان أبرز الأمثلة إضراب 6 إبريل الذي كان المحرك الأساسي له هو موقع " الفيس بوك " .

يوضح سالم أن شبكة اليوتيوب أحد أهم أدوات النيومديا التي صارت علامة مميزة لإعلام المواطن الذي يستطيع أن ينشر ما لا تستطيع المؤسسات الإعلامية التقليدية نشره وإعلانه، من خلال التحميل بكاميرات الديجتال وكاميرات المحمول التي تلتقط الأحداث في وقتها.
وكثيرا ما يصبح صاحب الكاميرا ليس ناقلاً فقط، وإنما مشاركاً في الحدث وهو ما يعطي مصداقية أكبر في الحدث المضاف أو المشاهد علي اليوتيوب.

يقول سالم :" الميديا القديمة ترتبط مصداقيتها بالدعم وبالتالي مصداقيتها مرتبطة بأجندة الكيان أو المؤسسة التي تدعمها. الميديا الجديدة غير مرتبطة بدعم أو تمويل وبالتالي ليس لها أجندة. تخاطب الميديا الجديدة الناس بالحدث بنفس الشكل الذي وقع به، إضافة إلى أن الصحفيين التقليديين صاروا معالجين للخبر أكثر من كونهم ناقلين له، وهذا غير موجود مع الميديا الحديثة لإن أبطالها هم أبطال الحدث الذي ينقلونه" .

يشير سالم إلي أن النظام الإيراني قام بتقييد عمل البي بي سي لدرجة اعتباره أن المظاهرات التي تحدث في الشارع هي بتأثير قناة البي بي سي البريطانية. وهنا تبرز –والكلام لسالم- نقطة أن الإعلام التقليدي أي الفضائيات وغيرها، تتقيد بحدود الدولة وسياستها. تأخذ تصاريح للعمل في الشارع، تأخذ تصاريح لكي تعمل في بلد ما، وبالتالي عند حدوث أي أزمة سياسية يغلق مكتبها مباشرة. هذا الأمر غير موجود بالمرة مع " النيوميديا " المختَرِقَة بقوة لأي شارع معتّم إعلاميا من قبل مؤسسة رسمية محافظة أو مستبدة.
الميديا القديمة من وجهة نظره لم تمت وإنما فقدت الكثير من المصداقية أمام تغوّل وانتشار وسائل " الإعلام الحديثة " بكافة أشكالها.
الموضوع علي موقع منصات اللبناني

الفضائيات الدينية في رمضان ..للخلف در



Image
تشتعل المنافسة بين الفضائيات الدينية في رمضان
تحدٍّ بالغ الصعوبة ستدخله القنوات الدينية ببرامجها التي ستعرضها في رمضان المقبل في محاولتها لجذب المشاهد العربي خلال الشهر الكريم.. مرة بسبب التنافس فيما بينها، ومرة بسبب تنافسها مع القنوات التقليدية التي تستحوذ على النصيب الأعظم من المشاهدين الذين يميلون في الأغلب للمادة الترفيهية والدرامية، لكن الصعوبة الأكبر التي تواجهها هذه القنوات هو تأثير "الأزمة المالية العالمية" على مالكيها ورعاتها، لتصبح مصائر بعض هذه القنوات في "مهب الريح" ما لم تتداركها عناية ربانية أو منحة راع ٍمن هنا أو من هناك.

إنتاج بأقل التكاليف

القناة "الخليجية"، صاحبة الضجة الشهيرة التي صاحبت تحولها من قناة أغانٍ إلى قناة دينية، تؤكد أن الأزمة المالية لم تؤثر في القناة كثيرا، وعن السبب جاء الرد لأنها لا تعتمد على رعاة أو معلنين بل تعتمد بشكل أساسي على عائدات رسائل sms وبعض المعلنين.

"أشرف البلقيني" مدير إدارة البرامج لقناة الخليجية يقول: إن القناة تعتمد على إنتاج البرامج بشكل داخلي ولا تميل للمبالغة في الديكورات ونفقات وتكاليف الإنتاج.

وعن سؤال لجوء القناة لبرامج الحديث المباشر مع الشيخ فأكد أن هذه البرامج أقل من حيث التكلفة ولا تحتاج لطواقم معدين أو تقارير، كما أن قدرات بعض المشايخ الكبار في الحوار ضعيفة.

أما عن الإنتاج في شهر رمضان فيشير البلقيني إلى أن "الخليجية" تقوم بإنتاج برامج مسجلة هذا العام في رمضان أكثر من العام السابق، وذلك يأتي على حساب برامج الهواء والتي كانت العام الماضي 8 برامج وتنخفض في رمضان القادم لتصبح 6 برامج فقط.

وعن أهم البرامج تحدث البلقيني عن برنامج "على مائدة يس"، وهو البرنامج الرئيسي بالقناة؛ وفكرته قائمة على العمل الخيري، يتم في البرنامج استضافة طفل يتيم، ورجل أعمال، وشيخ، ودكتور تربوي أو نفسي، والحديث يكون عن أهمية كفالة الطفل اليتيم والوسائل المناسبة لذلك، إضافة إلى "يوميات مسلم صغير" وهو برنامج درامي للأطفال، وبرنامج "عمو علاء" وهو برنامج حواري للأطفال أيضا.

أما "هاني بكري" مذيع في قناة "الخليجية"، فيقول إنه سيقدم في رمضان برنامجا خفيفا بعنوان "حوار على الفطار" يذاع قبل وخلال الإفطار ويناقش فيه بعض المشاكل الاجتماعية.

يؤكد بكرى أن القناة ومعها كثير من القنوات الدينية قامت بطرد العديد من العاملين لديها، كما قامت بتقليص عدد البرامج عن العام الماضي، "أنا شخصيا قامت القناة بفصلي تعسفيا قبل أن أرجع نتيجة ضغوطات إدارية وحملات إعلامية".

لا تصريح

قناتا "اقرأ" و"الرسالة" تأثرتا بالأزمة المالية برغم عدم تصريح المصادر التي التقينا بها للحديث عن ذات الموضوعات، دلالات ذلك يمكن رصدها في برامج الحديث المباشر وكثرتها وكثرة البرامج المهداة للقناتين وندرة البرامج الحوارية والمباشرة.

وبدا حديثنا مع مسئولي القناتين عن تأثير الأزمة المالية على برامج شهر رمضان القادم وكأنه أسرار أمنية أو مسألة أمن قومي، حيث رفضوا الخوض في التفاصيل كما العموميات، وتمت إحالتنا للحديث عن ذات الموضوع من رؤساء القنوات، وهو ما لم نتمكن منه حتى نشر هذا التقرير، وهو ما ضاعف شكوكنا وأسئلتنا.

التقينا مع أحد العاملين في قناة "اقرأ" الذي رفض نشر اسمه، فأخبرنا أن هناك برامج جديدة متنوعة ستذاع في رمضان المقبل؛ أهمها برنامج "مصطفى حسني" –رفض ذكر اسم البرنامج ومحتواه لارتباطه بخطة دعاية- وهو ما رآه بعض المراقبين بأنها خطوة من قناة "اقرأ" لإعداد "حسني" ليحتل مكانة عمرو خالد.

كما ستعرض القناة برنامج "حدثنا البحر" للداعية الشيخ "محمد العريفي"، وبرنامج "ذكريات" وهو برنامج تُرصد في كل حلقة من حلقاته الجانب الإنساني من حياة داع أو شيخ، وبرنامج "قاطعوا هذه المنتجات" للداعية محمود المصري وفكرته تقوم على مقاطعة بعض السلبيات الأخلاقية والمجتمعية.

كما تحضر "اقرأ" لمجموعة من البرنامج منها برنامج خاص بالشيخ صالح كامل، وبرنامج للشيخ السعودي عبد الله المصلح، وآخر لمحمد عبده يماني الوزير السعودي الأسبق، وبرنامج جديد للشيخ الأزهري المصري محمد عبد الباعث، كما يظهر على القناة الشيخ علي جمعة، والدكتور علي النابلسي، والفنان المعتزل مجدي إمام، ورفيدة حبش وهي إحدى عالمات سوريا، والدكتورة عبلة الكحلاوي.

الخريطة البرامجية لقناة "الرسالة" التابعة لباقة قنوات "روتانا" لم تختلف كثيرا عن تلك المقدمة في "اقرأ" فأهم برامجها في رمضان تتمثل في برنامج "قصص القرآن" للداعية عمرو خالد، وبرنامج "خواطر الجزء الخامس" للشيخ أحمد الشقيري، وبرنامج "علمتني الحياة" للداعية ومدير القناة الدكتور طارق السويدان، وأخيرا برنامج "نداء الإيمان" لثلاثة من الدعاة وهم صلاح سلطان، وعمر عبد الكافي، والعربي كفشاط.

كارتون.. والبرامج مستمرة

"قناة الناس ستكون مختلفة.. انتظروها بعد سنة" كانت ذلك الوعد الذي سمعه المتابعون للقناة من ألسنة مسئولي القناة، الذين ينفي تماما تأثر القناة بالأزمة المالية، بل يرون القناة حققت في القترة الأخيرة نجاحاً غير مسبوق، وأن المشاهدين خلال عام على الأقل سيرون قناة مختلفة تماما.

"حسن زهرة" مدير إعداد البرامج بالقناة أشار إلى أن القناة، خصوصا مع الإدارة الجديدة برئاسة "أحمد الفقي" تحاول أن تنهض بالصورة الإعلامية للقناة، من خلال تقديم صورة جديدة للبرامج المعروضة بالقناة، بل تغيير الشكل النمطي لاستديوهات وديكورات القناة.

أما محمد جابر نائب مدير العمليات والتنفيذ بالقناة فقد كان أكثر تفصيلية في كلامه في الحديث عن البرامج والتطويرات التي حدثت بقناة الناس من خلال استقطاب أسماء جديدة أبرزهم الدكتور محمد الراوي الذي له برنامج بعنوان "هذا بيان" وهو برنامج قائم على التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.

التطويرات الأخرى بحسب جابر تتمثل في إنتاج القناة لأول برنامج كرتوني لها سيذاع في شهر رمضان، والمسلسل بعنوان "ناصح" وهو من النوع الصامت يعتمد على كوميديا الموقف مثل "شارلي شابلن"، إضافة إلى برنامج "أنا وهي" للأطفال ويقدم من ثلاث فتيات صغار، وبرنامج للشباب بعنوان "اركب معنا" يقدمه الشيخ سلامة عبد القوي.

لكن هناك وجهة نظر مخالفة تجاه القناة مفادها أن التطوير حقيقة لم يطرق بابها، وأن الأزمة المالية قد نالتها، فعدد برامج الهواء بالقناة في رمضان المقبل –وفقا لكلام جابر- لا تتجاوز الـ4 برامج، فيما يتجاوز عدد البرامج المسجلة 34 برنامج.

برامج كثيرة لن تتغير بالقناة مثل برنامج "حازم صلاح" في "مصابيح الهدى"، ومحمد محمود المصري في "السفينة" وصفوت حجازي في "زمان العزة"، وكذلك أبو إسحاق الحويني وحسين يعقوب.

فصل.. وتوقف

نفس الأمر ينطبق تقريبا، وبدرجة أكبر على بقية أخوات قناة "الناس" مثل "الرحمة" و"الصحة والجمال"، ما بين برامج مكررة، وموظفين وفنيين مفصولين بسبب الأزمة.

الدكتور "حسام عقل" مدير إعداد البرامج بقناة "الرحمة" أشار إلى أن القناة تحاول إجراء تغيير في مضمون الرسالة الإعلامية في رمضان، تعتمد فيه القناة شكلا أكثر مهنية، حيث يقول: "هناك برنامج "لقطة وتعليق" سيرصد سلبيات المجتمع.

وبعكس المتوقع لم يتحدث "عقل" عن أي برامج جديدة ومتنوعة في رمضان المقبل، وأكد أن القناة لم تتأثر بالأزمة المالية لكونها تقوم على الرعاية والإعلانات.

أما "سمير حلبي" مدير إدارة البرامج بقناة "الصحة والجمال" فأشار إلى أن العدد الإجمالي للبرامج هذا العام أقل من العدد الإجمالي من العام الماضي، فبرامج الهواء هذه العام 8 بينما كانت في العام الماضي 11 برنامج هواء.

خلال الإعداد للتقرير التقينا كلا من "خميس نصر" و"أحمد صابر" الأول كان يعمل مراقب شاشة، فيما الثاني كان يعمل فني صوت بقناتي الحافظ والصحة والجمال أكدا لنا أنهما طردا من وظيفتهما الفترة الماضية، والسبب ناتج من سياسات التقليص الكبيرة التي حدث داخل القناتين بفعل الأزمة المالية.

أما قناة "خير الفضائية" فتعتبر نموذجًا دالا لأثر الأزمة المالية على القنوات الفضائية، فهي لم تستمر طويلا في بثها، فكان لكثيرين من العاملين في مجال الإعلام تجربة مرة وقصيرة في العمل فيها، حيث توقفت فجأة وهو ما أرجعه بعض العالمين فيها بفعل الأزمة المالية.

فالباحث والصحفي "ممدوح الشيخ" الذي عمل في قناة الخير يرى أن الأزمة المالية بالفعل أثرت على مشروعات تطويرية داخل القنوات الدينية، فأوقفت كثيرا من البرامج وكذلك كثير من المشروعات التطويرية، وهذا نابع من ضعف الإعلان الذي تأثر بالأزمة بشكل حتمي.

الإنتاج يعترف

بدوره تحدث جلال عبد السميع رئيس شركة "نيوميديا للإنتاج الإعلامي" بما لم يتحدث به مدراء البرامج في القنوات الدينية فأشار إلى أن الأزمة المالية أثرت على ميزانيات إنتاج البرامج؛ رغم أن الأزمة نالت القنوات ذات الدعم القوي مثل "الجزيرة" ومجموعة "روتانا" فالأخيرة خفضت ميزانيات الإنتاج كثيرا.

كما يؤكد عبد السميع أن "روتانا" مثلا شهدت هزة كبيرة عقب الأزمة، لكن القائمين عليها لجئوا لشراء مجموعة ضخمة من الأفلام، وقاموا بعملية دعاية ضخمة قبل وأثناء بثها، وبالفعل استطاعوا الحصول على مجموعة كبيرة من الرعاة والمعلنين، لكن بعض القنوات مثل "البركة" و"خير" فلم يكتب لهما الاستمرار وبفعل عدم تحمل تقلبات أزمات السوق.

ويرى عبد السميع أن أقوى البرامج لا تنتجها القنوات الدينية بل القنوات الاجتماعية والعامة الأخرى، فالقنوات الدينية لا تتمتع بإمكانيات عالية أو لا تضع ذلك بحسابها.

- التحقيق علي إسلام أون لاين .

الصيف.. موسم القراءات الخفيفة



Image
تتحول القراءة في الصيف إلى متعة مضاعفة
كثير من القراء يجدون في فصل الصيف بإجازاته الطويلة ووقته الوفير فرصة ثمينة للقراءة والإمعان في لذة ما يحبون؛ حيث يعتبر كل من نظام العمل التقليدي وضغطه والتزامات الحياة الاجتماعية في شهور ما قبل الصيف سببا مباشرا في حرمانهم من مطالعة الكتب التي يرون أنها تستحق القراءة.

لكن السؤال المطروح على هؤلاء القراء الذين يجدون في الوقت الذي يمنح إليهم في الصيف ضالتهم في القراءة هو: ما طبيعة الكتب التي يفضلها هؤلاء القراء في فصل الصيف؟ وهل يؤثر الصيف بحرارته وصخبه على فعل القراءة ذاته؟ بحيث يجعل المزاج أميل للقراءات الخفيفة بما يتماشى مع حالة التراخي العام وفعل الترفيه اليومي والذي يمتد لأسابيع طويلة.

مزيد من المتعة

أميرة فؤاد، موظفة بنك، تؤكد أنها تميل أكثر في الصيف لقراءة الكتب الخفيفة، والتي تحقق لها متعة مضاعفة من القراءة، فهي مثلا تقرأ حاليا كتاب "ماذا فعل العيان بالميت؟" للكاتب بلال فضل، وأنها اشترت كتاب "مصر مش أمي.. مصر مرات أبويا" للكاتب أسامة غريب.

وتضيف: "نذهب للمصيف لكوننا نحتاج للراحة والاسترخاء والتحرر من الضغط وقلق العمل، ولأني أهوى القراءة فإنني أميل للقراءات التي لا تحتاج لتركيز شديد في المصيف؛ حيث هناك مصادر مقاطعة كثيرة من قبل أهلي وإخوتي، وبالتالي تلزمني كتب تقرأ بسهولة؛ حيث أضع الكتاب في أي مكان، ثم إنني أستمتع وأقرأ لمن يرافقني مقاطع منتقاة مما أراه جيدا في الكتاب".

أما عصام رشاد، موظف علاقات عامة، فيسرد لنا حكايته مع المصيف في العام الماضي؛ حيث يقول: "اصطحبت معي رواية "لا أحد ينام في الإسكندرية" لـ"إبراهيم عبد المجيد"؛ كوني رغبت في قراءتها في جو المدينة وفي مكان أحدثها، وبالمصادفة شاركني من معي من أقربائي في قراءتها، وكنا نتبادل الآراء حول أحداثها وشخصياتها والأماكن التي زرناها".

ويضيف رشاد: "هذا العام لم أذهب للمصيف بعد، لكني أخطط لأصطحب معي رواية "باولا" للروائية التشيلية "إيزابيل الليندي"؛ لكونها رواية تسرد حكايات عادية من واقع الحياة اليومي تناسب جو المصيف".

كتب خفيفة

اقرأ أيضا:

أما "أميرة محمد"، طالبة بكلية الطب في جامعة الإسكندرية، فتقول إنها تفضل القراءة في الشتاء والخريف لأكثر من سبب أهمها عشقها للشتاء والخريف وكرهها للصيف بحرِّه وصخب الناس فيه.

وتضيف: "الصيف بهذا الشكل وعلى الرغم من أنه إجازة ووقت فراغ إلا أن قدراتها التركيزية فيه أقل، والحسنة الوحيدة لقراءة الصيف -كما تقول- هو تفرغها للذهاب لمكتبة الإسكندرية والقراءة فيها".

وعن الكتب التي تطالعها في المكتبة تؤكد أميرة: "أقرأ كتبا خفيفة تتناسب مع جو الصيف الخانق مثل الأدب الذي أعشقه بشكل كبير خصوصا الأدب الروسي واللاتيني والإنجليزي والفرنسي، وأحب أيضا قراءة التاريخ الإسلامي، وتحديدا عندما يكون مكتوبا بأسلوب أدبي سلس".

أما هند خير فلا تتخيل نفسها تقرأ سارتر مثلا على البحر، لكنها تميل لقراءة كتابات ساخرة معللة ذلك بقولها: "تكون لغتها بسيطة وقريبة جدا من مشاكلنا وكمان بتكون متنفس للواحد زي كتاب «يا عيني يا مصر» لنبيل فاروق".

في حين يستغل حسام عبد اللطيف والذي يفضل الكتب السياسية على وجه العموم فترة المصيف في الاطلاع على كتابات أنيس منصور الخفيفة؛ فهو مقتنع بأن المصيف يستدعي تغيير أنماط القراءة.

ويضيف حسام: قرأت خلال المصيف كتاب "الذين عادوا إلى الفضاء" لأنيس منصور، وكتبا لراجي عنايت عن سر الهرم الأكبر، وكذلك "لافتات" أحمد مطر.

نفسية القراء

استرخاء الإجازة يحدد مزاج القراءة

جولة سريعة على دور النشر في وسط القاهرة الصاخبة ليلا ونهارا سيدرك من خلالها المتابع أن فصل الصيف مثلما يؤثر على البشر يؤثر على ما تعرضه هذه الدور من كتب لعموم القراء، ليبدو أن هذه الدور تنحاز لمزاج القراء دوما؛ حيث تتسيد فاترينات العرض كتب أدب الرحلات والأدب الساخر والروايات، لتتصدر التوزيع وهو ما بات يعرف بـ"القراءات الخفيفة"، فيما تتراجع للخلف متوارية كتب السياسة والفكر والاقتصاد والعلوم، تنتظر قليلا على أرفف المكتبات ريثما يعود المصطافون من مصايفهم.

وآراء مسئولي المبيعات والتوزيع في دور النشر والمكتبات اتفقت مع تلك الرؤية على أن الصيف يمثل فصلا فريدا من نوعه دونا عن بقية الفصول الأخرى في السنة؛ حيث أشاروا إلى أن الصيف مع تثبيت شريحة محترفي القراءة والمثقفين يمثل فصلا مهمّا لرواج الروايات والأدب الساخر وأدب الرحلات والكتابات الخفيفة.

عن ذلك يقول: "أحمد محمد علي" مشرف مكتبة "الديوان" بالزمالك أحد أشهر أحياء القاهرة الراقية: إن أكثر الكتب مبيعا في الصيف هي الكتب الخفيفة التي تناسب جو الصيف شديد الحرارة، والمعروف بكثرة رحلاته وإجازاته.

ويعزو محمد انصراف كثير من القراء لأدب الرحلات -على حد رأيه – لنفسية الناس المقبلين على السفر والذهاب للمصايف والبحث عن التغيير والجديد في فن الترفيه.

كما أشار إلى أن أكثر الكتب مبيعا بمكتبة الديوان هي رواية "عزازيل" ليوسف زيدان، و"تاكسي" لخالد الخميسي، ومن الأدب الساخر "ماذا فعل العيان بالميت؟" لبلال فضل.

شاركه الرأي "يحيى هاشم" صاحب دار "اكتب" للنشر والتوزيع والذي أشار إلى أن فصل الصيف يؤثر على مزاج القراء، ويفرض نوعية معينة من القراءة أهمها قراءة الروايات‏،‏ ليس لأنها نوعية خفيفة فقط،‏ لكن لسلاستها وتحقق فعل المتعة عند قراءتها، بعكس الكتب الفكرية والنقدية التي تحتاج إلى تعمق وتركيز وإعادة قراءة‏‏ وأحيانا مناقشة‏،‏ وعادة يكون الإقبال على هذه النوعية في فصل الشتاء‏‏ خصوصا أيام الدراسة‏،‏ أما فيما عدا ذلك فالأعمال الروائية هي أكثر ما يجذب الجمهور في فصل الصيف‏.‏

رحلات وسخرية

أما "محمد مسلم"، مدير بمكتبة "البلد" بالقاهرة، فيؤكد أن أكثر الكتب مبيعا في الصيف هي الكتب الخفيفة مثل الروايات وأدب الشباب وأدب الرحلات.

ويصف الحالة قائلا: "الأدب الساخر هو الأعلى توزيعا ومبيعا بين أنواع الأدب الأخرى؛ حيث يشير إلى كتابات ساخرة منتشرة بقوة، مثل كتاب "مبسوطة يا مصر" للكاتب الساخر أشرف توفيق، و"قلمين" و"بني بجم" و"ما يفعله العيان بالميت" لبلال فضل، و"شكلها باظت" و"ابن عبد الحميد الترزي" للكاتب الساخر عمر طاهر.

الملاحظة المهمة التي نوه إليها محمد مسلم هي أن كثيرا من كتاب الروايات بدءوا في كتابة الأدب الساخر بعدما رأوا الإقبال الجيد عليه، وذكر محمد عدة أسماء من بينها إيهاب طاهر الذي أخرج إلى السوق مؤخرا "رئيس جمهورية نفسي" وهو كتاب -كما يقول محمد مسلم- يوزع بشكل جيد، بينما كتابه الآخر "طظ فيكم" لم يجد الرواج الكافي حتى الآن، (ربما بفعل عنوان الكتاب والذي قد يعتقد القارئ/ المشتري أن الكاتب يوجه شتيمة له).

أحد أشهر كتاب روايات المغامرات والخيال العلمي الأديب نبيل فاروق صدر له كتاب أدب ساخر بعنوان "يا عيني يا مصر"، يضيف محمد مسلم: "يبدو أن كتابة الأدب الساخر صارت موضة كتاب هذه الأيام".

شرائح القراء

أشار محمد مسلم إلى أن شريحة القراء تنقسم إلى ثلاث شرائح تتنوع ما بين شريحة صغيرة جدا وهي المجموعة الشبابية وهم كما يقول محمد قراء يقومون بقراءة أدب المغامرات والأدب الساخر، وأن 90% منهم من الطبقة الغنية، والشريحة الثانية من القراء هي شريحة الهواة الحقيقيين وهؤلاء يعتبرهم محمد مسلم أبناء الروايات الجديدة والقديمة، وهم قارئو محفوظ وإدريس والسباعي والأسواني وصنع الله إبراهيم وغيرهم.

الشريحة الثالثة -كما يقول مسلم- هي شريحة القراء المحترفين والذين من وجهة نظره يعرفون ما يشترون بالتحديد، ولا يستطيع أحد أن يفرض عليهم ما يودون شراءه، ويأتون خصيصا لشراء كتب مثل: أعمال سلامة أحمد سلامة أو هيكل أو البشري.

مسلم يرى أن السوق مثبت على هذه الشرائح الثلاث، لكنه يلفت النظر إلى أن الشريحة الأولى وهي الشريحة الغنية قد زادت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ وبدأت تعود للاتجاه للقراءة مرة أخرى، وعزا مسلم السبب نتيجة التربية التي تربوا عليها بالمدارس الخاصة والأجنبية التي تولي اهتماما جيدا بموضوع القراءة، وتفرد له أهمية خاصة.

التقرير في إسلام أون لاين