السبت، 1 أغسطس 2009

الصيف.. موسم القراءات الخفيفة



Image
تتحول القراءة في الصيف إلى متعة مضاعفة
كثير من القراء يجدون في فصل الصيف بإجازاته الطويلة ووقته الوفير فرصة ثمينة للقراءة والإمعان في لذة ما يحبون؛ حيث يعتبر كل من نظام العمل التقليدي وضغطه والتزامات الحياة الاجتماعية في شهور ما قبل الصيف سببا مباشرا في حرمانهم من مطالعة الكتب التي يرون أنها تستحق القراءة.

لكن السؤال المطروح على هؤلاء القراء الذين يجدون في الوقت الذي يمنح إليهم في الصيف ضالتهم في القراءة هو: ما طبيعة الكتب التي يفضلها هؤلاء القراء في فصل الصيف؟ وهل يؤثر الصيف بحرارته وصخبه على فعل القراءة ذاته؟ بحيث يجعل المزاج أميل للقراءات الخفيفة بما يتماشى مع حالة التراخي العام وفعل الترفيه اليومي والذي يمتد لأسابيع طويلة.

مزيد من المتعة

أميرة فؤاد، موظفة بنك، تؤكد أنها تميل أكثر في الصيف لقراءة الكتب الخفيفة، والتي تحقق لها متعة مضاعفة من القراءة، فهي مثلا تقرأ حاليا كتاب "ماذا فعل العيان بالميت؟" للكاتب بلال فضل، وأنها اشترت كتاب "مصر مش أمي.. مصر مرات أبويا" للكاتب أسامة غريب.

وتضيف: "نذهب للمصيف لكوننا نحتاج للراحة والاسترخاء والتحرر من الضغط وقلق العمل، ولأني أهوى القراءة فإنني أميل للقراءات التي لا تحتاج لتركيز شديد في المصيف؛ حيث هناك مصادر مقاطعة كثيرة من قبل أهلي وإخوتي، وبالتالي تلزمني كتب تقرأ بسهولة؛ حيث أضع الكتاب في أي مكان، ثم إنني أستمتع وأقرأ لمن يرافقني مقاطع منتقاة مما أراه جيدا في الكتاب".

أما عصام رشاد، موظف علاقات عامة، فيسرد لنا حكايته مع المصيف في العام الماضي؛ حيث يقول: "اصطحبت معي رواية "لا أحد ينام في الإسكندرية" لـ"إبراهيم عبد المجيد"؛ كوني رغبت في قراءتها في جو المدينة وفي مكان أحدثها، وبالمصادفة شاركني من معي من أقربائي في قراءتها، وكنا نتبادل الآراء حول أحداثها وشخصياتها والأماكن التي زرناها".

ويضيف رشاد: "هذا العام لم أذهب للمصيف بعد، لكني أخطط لأصطحب معي رواية "باولا" للروائية التشيلية "إيزابيل الليندي"؛ لكونها رواية تسرد حكايات عادية من واقع الحياة اليومي تناسب جو المصيف".

كتب خفيفة

اقرأ أيضا:

أما "أميرة محمد"، طالبة بكلية الطب في جامعة الإسكندرية، فتقول إنها تفضل القراءة في الشتاء والخريف لأكثر من سبب أهمها عشقها للشتاء والخريف وكرهها للصيف بحرِّه وصخب الناس فيه.

وتضيف: "الصيف بهذا الشكل وعلى الرغم من أنه إجازة ووقت فراغ إلا أن قدراتها التركيزية فيه أقل، والحسنة الوحيدة لقراءة الصيف -كما تقول- هو تفرغها للذهاب لمكتبة الإسكندرية والقراءة فيها".

وعن الكتب التي تطالعها في المكتبة تؤكد أميرة: "أقرأ كتبا خفيفة تتناسب مع جو الصيف الخانق مثل الأدب الذي أعشقه بشكل كبير خصوصا الأدب الروسي واللاتيني والإنجليزي والفرنسي، وأحب أيضا قراءة التاريخ الإسلامي، وتحديدا عندما يكون مكتوبا بأسلوب أدبي سلس".

أما هند خير فلا تتخيل نفسها تقرأ سارتر مثلا على البحر، لكنها تميل لقراءة كتابات ساخرة معللة ذلك بقولها: "تكون لغتها بسيطة وقريبة جدا من مشاكلنا وكمان بتكون متنفس للواحد زي كتاب «يا عيني يا مصر» لنبيل فاروق".

في حين يستغل حسام عبد اللطيف والذي يفضل الكتب السياسية على وجه العموم فترة المصيف في الاطلاع على كتابات أنيس منصور الخفيفة؛ فهو مقتنع بأن المصيف يستدعي تغيير أنماط القراءة.

ويضيف حسام: قرأت خلال المصيف كتاب "الذين عادوا إلى الفضاء" لأنيس منصور، وكتبا لراجي عنايت عن سر الهرم الأكبر، وكذلك "لافتات" أحمد مطر.

نفسية القراء

استرخاء الإجازة يحدد مزاج القراءة

جولة سريعة على دور النشر في وسط القاهرة الصاخبة ليلا ونهارا سيدرك من خلالها المتابع أن فصل الصيف مثلما يؤثر على البشر يؤثر على ما تعرضه هذه الدور من كتب لعموم القراء، ليبدو أن هذه الدور تنحاز لمزاج القراء دوما؛ حيث تتسيد فاترينات العرض كتب أدب الرحلات والأدب الساخر والروايات، لتتصدر التوزيع وهو ما بات يعرف بـ"القراءات الخفيفة"، فيما تتراجع للخلف متوارية كتب السياسة والفكر والاقتصاد والعلوم، تنتظر قليلا على أرفف المكتبات ريثما يعود المصطافون من مصايفهم.

وآراء مسئولي المبيعات والتوزيع في دور النشر والمكتبات اتفقت مع تلك الرؤية على أن الصيف يمثل فصلا فريدا من نوعه دونا عن بقية الفصول الأخرى في السنة؛ حيث أشاروا إلى أن الصيف مع تثبيت شريحة محترفي القراءة والمثقفين يمثل فصلا مهمّا لرواج الروايات والأدب الساخر وأدب الرحلات والكتابات الخفيفة.

عن ذلك يقول: "أحمد محمد علي" مشرف مكتبة "الديوان" بالزمالك أحد أشهر أحياء القاهرة الراقية: إن أكثر الكتب مبيعا في الصيف هي الكتب الخفيفة التي تناسب جو الصيف شديد الحرارة، والمعروف بكثرة رحلاته وإجازاته.

ويعزو محمد انصراف كثير من القراء لأدب الرحلات -على حد رأيه – لنفسية الناس المقبلين على السفر والذهاب للمصايف والبحث عن التغيير والجديد في فن الترفيه.

كما أشار إلى أن أكثر الكتب مبيعا بمكتبة الديوان هي رواية "عزازيل" ليوسف زيدان، و"تاكسي" لخالد الخميسي، ومن الأدب الساخر "ماذا فعل العيان بالميت؟" لبلال فضل.

شاركه الرأي "يحيى هاشم" صاحب دار "اكتب" للنشر والتوزيع والذي أشار إلى أن فصل الصيف يؤثر على مزاج القراء، ويفرض نوعية معينة من القراءة أهمها قراءة الروايات‏،‏ ليس لأنها نوعية خفيفة فقط،‏ لكن لسلاستها وتحقق فعل المتعة عند قراءتها، بعكس الكتب الفكرية والنقدية التي تحتاج إلى تعمق وتركيز وإعادة قراءة‏‏ وأحيانا مناقشة‏،‏ وعادة يكون الإقبال على هذه النوعية في فصل الشتاء‏‏ خصوصا أيام الدراسة‏،‏ أما فيما عدا ذلك فالأعمال الروائية هي أكثر ما يجذب الجمهور في فصل الصيف‏.‏

رحلات وسخرية

أما "محمد مسلم"، مدير بمكتبة "البلد" بالقاهرة، فيؤكد أن أكثر الكتب مبيعا في الصيف هي الكتب الخفيفة مثل الروايات وأدب الشباب وأدب الرحلات.

ويصف الحالة قائلا: "الأدب الساخر هو الأعلى توزيعا ومبيعا بين أنواع الأدب الأخرى؛ حيث يشير إلى كتابات ساخرة منتشرة بقوة، مثل كتاب "مبسوطة يا مصر" للكاتب الساخر أشرف توفيق، و"قلمين" و"بني بجم" و"ما يفعله العيان بالميت" لبلال فضل، و"شكلها باظت" و"ابن عبد الحميد الترزي" للكاتب الساخر عمر طاهر.

الملاحظة المهمة التي نوه إليها محمد مسلم هي أن كثيرا من كتاب الروايات بدءوا في كتابة الأدب الساخر بعدما رأوا الإقبال الجيد عليه، وذكر محمد عدة أسماء من بينها إيهاب طاهر الذي أخرج إلى السوق مؤخرا "رئيس جمهورية نفسي" وهو كتاب -كما يقول محمد مسلم- يوزع بشكل جيد، بينما كتابه الآخر "طظ فيكم" لم يجد الرواج الكافي حتى الآن، (ربما بفعل عنوان الكتاب والذي قد يعتقد القارئ/ المشتري أن الكاتب يوجه شتيمة له).

أحد أشهر كتاب روايات المغامرات والخيال العلمي الأديب نبيل فاروق صدر له كتاب أدب ساخر بعنوان "يا عيني يا مصر"، يضيف محمد مسلم: "يبدو أن كتابة الأدب الساخر صارت موضة كتاب هذه الأيام".

شرائح القراء

أشار محمد مسلم إلى أن شريحة القراء تنقسم إلى ثلاث شرائح تتنوع ما بين شريحة صغيرة جدا وهي المجموعة الشبابية وهم كما يقول محمد قراء يقومون بقراءة أدب المغامرات والأدب الساخر، وأن 90% منهم من الطبقة الغنية، والشريحة الثانية من القراء هي شريحة الهواة الحقيقيين وهؤلاء يعتبرهم محمد مسلم أبناء الروايات الجديدة والقديمة، وهم قارئو محفوظ وإدريس والسباعي والأسواني وصنع الله إبراهيم وغيرهم.

الشريحة الثالثة -كما يقول مسلم- هي شريحة القراء المحترفين والذين من وجهة نظره يعرفون ما يشترون بالتحديد، ولا يستطيع أحد أن يفرض عليهم ما يودون شراءه، ويأتون خصيصا لشراء كتب مثل: أعمال سلامة أحمد سلامة أو هيكل أو البشري.

مسلم يرى أن السوق مثبت على هذه الشرائح الثلاث، لكنه يلفت النظر إلى أن الشريحة الأولى وهي الشريحة الغنية قد زادت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ وبدأت تعود للاتجاه للقراءة مرة أخرى، وعزا مسلم السبب نتيجة التربية التي تربوا عليها بالمدارس الخاصة والأجنبية التي تولي اهتماما جيدا بموضوع القراءة، وتفرد له أهمية خاصة.

التقرير في إسلام أون لاين

ليست هناك تعليقات: