الأربعاء، 3 يونيو 2009

سانت كاترين.. التنمية تبدأ من " الأدلة "

الموضوع علي إسلام أون لاين إضغط " هنا "

أحمد عبد الحميد


Image

توقف المطر منذ عدة سنوات وصارت المنطقة قاحلة خالية من الماء ومات ما تبقى من أرض صالحة كانت تنبت الأعشاب بها وقلت معها بالتوالي "قطعان الماشية" التي يمتلكها بدو " دير سانت كاترين".

كان هذا الأمر منذ سنوات عدة، لكن اليوم ربما لا يهتم كثير من سكان منطقة "سانت كاترين" بالزراعة أو بالرعي.. نزل المطر أو لم ينزل، فأغلب الرجال بها يعملون كـ"أدلة" في جبال "سانت كاترين".. المنطقة الأكثر خصوصية داخل سيناء لقوة مكانتها الدينية، وتميز جمالها الطبيعي.

في كامب الشيخ "موسي" وهو فندق صغير مفتوح على الطراز السيناوي أشبه بـ"دوار العائلة" في الأرياف قديما، التقيت شابا قاهريا يدعى "أحمد عبد الوهاب"، حكى لي أن هذا الكامب الذي تديره "صوفيا" الفرنسية –وهي أبرع من رأيته يقوم بعمل القهوة التركي– هو جزء من مشروع "شيخ سينا" الذي أضاف للمجموع البدوي في دير سانت كاترين بشكل كبير.

بداية هذا المشروع بدأت كما يقول عبد الوهاب لتطوير مهنة الأدلة، فمعظم رجال البدو بدير سانت كاترين يعملون بها، لكن مشكلتهم هي عدم الإلمام الكافي باللغات، وقلة "مهارات الاتصال" وصعوبة وجود حوار فاعل بينهم والسياح.

والمشكلة الأكبر كما يشير "عبد الوهاب" هي أن الأكثرية منهم كانت لا تعرف كثيرا عن المستوى الثقافي والتاريخي للمنطقة، اللهم إلا بعض المعلومات المتداولة والمعروفة للجميع، حيث إنهم يعملون فقط كمرشدين إلى مكان معين يريده السائح وينتهي دوره بمجرد وصوله لهذا المكان.

الدليل المتطور

ويهدف المشروع -كما يقول "عبد الوهاب" والذي يعمل في الوقت نفسه محاسبا وقائما بإدارته- إلى تنمية قدرات البدو في اتجاهين، الأول بتدريبهم على لغتين هي الألمانية والإنجليزية، نظرا لأن السياح القادمين للدير أغلبيتهم من الألمان والإنجليز، وخصوصا الألمان الذين يحبون بشكل كبير رياضة المشي، وكاترين بدأت تدخل هذا المجال بقوة.

والثاني هو "التوجيه" ويهدف إلى تنمية "مهارات الاتصال" ومعها "الثقافة التاريخية" بالمكان بحيث لا يقتصر عمل الدليل فقط على إرشاد السائح لمكان يريده.. لكن بالتدريب داخل المشروع يصبح البدوي واعياً بالمكان الذي يأخذ إليه السائح ويشرح له تاريخه ويرشده إلى معالم أخرى بحيث يرجع ومعه ثقافة وتاريخ المكان، وليس فقط صور تذكارية لمجموعة جبال أو تلال.

وإذا كانت تنمية سانت كاترين تبدأ من البشر "الأدلة"، فإن مشروع "الشيخ سينا" لم يغفل المكان أيضا، وكان بناء "الإيكلودج" أو ما يعرف بالفندق البيئي هو البداية، وفكرته كما يقول الشاب البدوي محمد عيد الذي يعمل بالمشروع: "بناء منشأة سياحية منسجمة مع السياق الطبيعي والثقافي للمنطقة المحيطة، ويكون ذلك من حيث الشكل والتصميم، فيتم توفير عدد كبير من المساحات للتهوية الطبيعية، حيث لا يوجد فيه تكييف أو كهرباء، وتربى الطيور داخله، والخضار يزرع داخله أيضا، بدون أي أسمدة".

تمويل أوروبي

وهذا المشروع بشقيه البشري والمكاني ممول من الاتحاد الأوروبي، وهو فكرة أحد شيوخ سيناء ويدعى الشيخ موسي الهيم.

وكان قد تقدم به لمسئولي الاتحاد وحصل على المنحة مع 54 آخرين، من بين 850 فكرة مشروع.

ويقول الهيم لـ"إسلام أون لاين.نت": "مشروعي نموذج للتنمية التي تراعي احتياجات المجتمع المحلي، فأنا لا أستفيد منه وحدي، بل يستفيد كل البدو الموجودين بالمنطقة نزولا على عرف القبيلة، ووظيفتي تقتصر فقط على توزيع الأدوار".

ومن هذا المنطلق ينتقد الهيم الجمعيات التي تقدم من القاهرة لتنمية المجتمع المحلي، ويضيف: "هذه الجمعيات تأتي لنا بأجندة جاهزة، ولا تتناقش مع المجتمع المحلي الذي يعرف احتياجاته بالضبط، وبالتالي لا تستمر مشاريعهم أو تنمو بالشكل المطلوب".

الدعاية

وحتى لا يكون لمشروع "الشيخ سينا" نفس المصير يؤكد عبد الوهاب على أهمية الدعاية، ويكون ذلك بحضور مؤتمرات ومعارض في أوروبا، وأيضا التعريف به عبر مواقع الإنترنت لمخاطبة السائح الأجنبي الباحث عن منطقة بكر لم يلوثها غبار التمدن.

ويقول: الدعاية هامة لضمان الاستمرار حتى يعتمد المشروع على نفسه ذاتيا بعد أن تنتهي منحة الاتحاد الأوروبي.

ليست هناك تعليقات: