الجمعة، 22 مايو 2009

إدماج الإسلاميين في المعادلة السياسية



د.الشوبكي يمينا وأبو العلا ماضي
.الشوبكي وأبو العلا ماضي

كثر الجدل خلال السنوات الأخيرة حول أهمية إدماج الإسلاميين في العملية السياسية، ومع هذا الجدل وجدت العديد من علامات الاستفهام التي تحتاج إلي إجابات؛ ومنها: هل هناك فائدة من دمج السياسيين الإسلاميين في السياسة؟

وهل يمكن أن يؤدي هذا إلى حراك في بحيرة السياسة المصرية الراكدة؟وإذا كان الأمر كذلك، فما هي المعوقات التي تمنع ذلك؟ ومن يتحمل المسئولية، السلطة والنظام الحاكم؟ أم أن المسئولية تقع على عاتق الإسلاميين أنفسهم أم أن المسئولية تتوزع على الطرفين؟

هذه التساؤلات وغيرها كانت محور الندوة التي حاضر فيها الدكتور عمرو الشوبكي الخبير في شئون الحركات الإسلامية والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وهي الندوة الشهرية لحزب الوسط المصري تحت التأسيس والتي أقيمت الأحد 9 /3/ 2008 تحت عنوان "إدماج الإسلاميين في المعادلة السياسية".

بدأ د. "الشوبكي" حديثه قائلا: "إن دمج الإسلاميين مطروح منذ فترة كبيرة، وإنه أصبح من أهم الأسئلة المطروحة في العالم العربي والإسلامي، والمقصود بالإسلاميين هنا تيارات الإسلام السياسي التي تملك مشروعا ورؤية سياسية لإصلاح المجتمع مستمدة من الإسلام أو من المرجعية الإسلامية، تلك التيارات التي تتبني العمل في المجال العام، وتعمل على تنفيذ رؤيتها وتسعى إلى تطبيقها".

وطبقا لكلام الدكتور الشوبكي ففي الحالة المصرية هناك مشروع الإخوان المسلمين والذي يدور حوله الجدل السياسي في الفترة الأخيرة، وهناك مشروع حزب الوسط بعيدا عن إمكانياته أو حجمه من عدمه، والذي يحاول جاهدا منذ عام 1995م أن يأخذ رخصة الحزب وأن يندمج بشكل جدي في الحياة السياسية، ولكن للأسف سيبقي مشروع حزب الوسط عند النظام الحاكم كملف أمني وليس كملف سياسي، وحصوله على مشروعية مستبعد بشكل كبير في الفترة الراهنة، ومرهون ببقاء هذا النظام الذي لا يبغي وجود أشكال حزبية فاعلة كمشروعي الكرامة والوسط والتي لو وافق عليها كانت ستحدث حراكا ليس بالهين على مستوى الشارع السياسي.

يرى د.الشوبكي أنه بالنظر لتجربة الإخوان المسلمين؛ سنجدها جماعة دعوية دينية تأسست عام 1928م، ومنذ تلك الفترة وحتى الآن مرت هذه الجماعة بمراحل عدة وهي:

  • مرحلة التأسيس الأولى للجماعة : وفيها لم يكن الشكل السياسي واضحًا داخل الجماعة وبالتحديد خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كان وزن الجماعة الدعوي والتنظيمي والاجتماعي أكبر من وزنها السياسي، وركزت الجماعة حينها على الانتشار في الشارع، وعلى الأنشطة الدعوية والاجتماعية، كان الخطاب الإخواني حينها شديد العمومية، وكانت الجماعة بعيدة تماما عن الاشتباك مع أرض الواقع.

  • المرحلة الثانية : وهي المرحلة التي دخل فيها الإخوان العمل العام، وبدأت منذ عام 1948 حيث اشترك الإخوان في حرب فلسطين، وبعدها ظهر التنظيم الخاص بقوة، وبعد اغتيال حسن البنا عام 1949بدأت الجماعة تأخذ منحى آخر وتدخل مرحلة ثانية امتدت حتى الصدامات والمواجهة العنيفة مع النظام الناصري منتصف الخمسينيات.

    بعد الصدام مع النظام الناصري وحتى منتصف الثمانينيات دخلت الجماعة مرحلة من التغييب الكامل مع استثناء التركيز فقط على النشاط الطلابي والجامعي، فالجماعة لم تشارك في الانتفاضة الشعبية أو ما عرف بأحداث 18و19 يناير 1978، ولم تشارك في الانتخابات البرلمانية 76 و1979.

  • المرحلة الثالثة : ظهر فيها الوزن السياسي للإخوان، وبدأت هذه المرحلة مع انتخابات 1984، حيث خاضت الجماعة هذه الانتخابات، وأسست التحالف الإسلامي في انتخابات 1987، كما خاضت انتخابات 2000 و2005، وأصبح للإخوان بعد هذه المشاركات وجود كبير في البرلمان ممثل في 88 عضوًا، فهم يمثلون بذلك أكبر من عشرة أضعاف كل القوى السياسية المعارضة الأخرى مجتمعة.

أضف إلى ذلك –والكلام للشوبكي- ظهور نشاط جيد في النقابات، واحتكار للنشاط الطلابي، ثم كانت الخطوة الأخيرة ظهور البرنامج السياسي لما عرف باسم "حزب الإخوان" والذي اعتبر برنامجًا لجماعة وليس برنامجًا لحزب.

من خلال هذا التطور المرحلي للجماعة، وخلال الثمانينيات وحتى الآن تبلورت ملامح لرؤية سياسية للإخوان من الممكن أن نقيس على ضوئها المعادلة التي سبق ذكرها وهي "إمكانية دمج الإسلاميين في الحياة السياسية"، والتي من المفترض أن تظهر في البرنامج.

وانتقد الشوبكي برنامج الإخوان مؤكدًا أن فيه ما يتعارض مع منظومة القيم المجتمعية ومع ثوابت النظام السياسي القائم في مصر، وضرب أمثلة بذلك، منها الأطروحات الخاصة بالمواطنة ودور رجال الدين في العملية التشريعية.

وأكد أنه حتى لو قام الإخوان بمراجعة تلك الأفكار التي تتعارض مع المنظومة والثوابت القيمية للمجتمع فلن يسمح لهم النظام بالاندماج في العملية السياسية، كما أن حزب الوسط برغم تقديمه لبرنامج سياسي منذ عام 1995م لا تتعارض بنوده مع قيم المجتمع لم يحظ بالموافقة على دخوله في اللعبة السياسية إلى الآن.

ويحدد الشوبكي المشكلات التي تعوق اندماج الإسلاميين في الحياة السياسية في مشكلتين:

أولا: وجود مشاكل في خطابات بعض تيارات الإسلام السياسي في مصر، وهذا على النقيض تماما مع نموذج، مثل: حزب العدالة والتنمية التركي الذي يحترم قيم منظومة فكرية وقانونية ودستورية في تركيا وهي المنظومة المفروضة على العلمانيين الأتراك وعلى الإسلاميين على حد سواء، هذه القيم هي التي أجبرت التيار العلماني المتطرف على قبول الإسلاميين الجدد في دخول اللعبة السياسية، ومن ثم أصبحوا جزءًا من المعادلة السياسية.

ثانيا: المشكلة الثانية تتعلق بالسلطة وبرفضها اندماج أي كيان سياسي قوي في الحياة السياسية إسلاميا كان أو غير إسلامي (ومشروع حزب الكرامة)، وهذا وضع شاذ وغير موجود في أي بلد يحمل أفقا للتطور الديمقراطي مثل تركيا وماليزيا.

واختتم الشوبكي حديثه قائلا : إنه لن توجد ديمقراطية حقيقية في مصر دون دمج الإسلاميين في العملية السياسية؛ لأن هناك تيارات سياسية كبيرة منظمة ولديها برامج ومشاريع سياسية ولها قاعدة جماهيرية حقيقية، والاستمرار على وضع الجمود الحالي هو نوع من العبث ولا يمكن أن يحدث في ظله أي تطور أو تغيير يخدم المجتمع بمختلف شرائحه وطوائفه.


صحفي مصري

الموضوع علي موقع إسلام أون لاين

ليست هناك تعليقات: