الجمعة، 22 مايو 2009

العسعس : المحافظون الجدد استطاعوا ركوب واستثمار الموجة

21/04/2008
- حوار لموقع قاوم
الشيخ العسعس: المحافظون الجدد، استطاعوا استثمار وركوب الحدث بطريقة متقنة، لدرجة تدفع إلى القول أنهم كانوا يتمنون لو وقع مثل هذا الحدث، كي يفرضوا رؤيتهم ومخاوفهم التي كانوا يبشرون بها على الإدارة الأمريكية. وقد يكون من الدقة أن نقول: إن تهيئة البيئة القابلة للرد على الحدث بقوة، وإدارة ظروف ما بعد الحدث هو من نتاج ايدلوجية المحافظين الجدد. واعتقد أنَّ التحليل الذي يلتفت إلى منهج إدارة الصراع ودوافعه أولى من الانكباب على البحث عن إبرة في بحر...!!
-------------------------------
أكد الشيخ إبراهيم العسعس في حوار خاص لموقع " قاوم" أن المقاومة في العالم الإسلامي كانت ردة فعل للحملات التي تستهدف وجود الأمة، وأن المقاومة تحتاج لمشروع يؤسس على فكر وفقه مؤصل، وأشار العسعس إلى أن المحافظين الجدد بالإدارة الأمريكية قد استثمروا أحداث الحادي عشر من سبتمبر لدفع الأحداث وفق منهجية خططوا لها بشكل جيد، وأن الأحداث التي أعقبت تفجير برجي مانهاتن وحدت بين من كان يراهن علي حيادية امريكا وبين من كان يعرف زيف السياسة الأمريكية من البداية.
كما أنه يرى لكي تجدي الدماء والتضحيات فإنَّه لا بد من العمل من خلال جبهة تتبنى مشروعاً للتحرير ولما بعد التحرير، وغير ذلك فـجهد مشكور، وجهاد مأجور، لكنه من وجهة نظره لن يحقق نصرا كاملا.
وبالنسبة لمراجعات الحركة الإسلامية رأى أن المراجعات أو النقد الذاتي أو المحاسبة علامة على الحياة، لكن تستلزم المراجعات لكي نفهمها أن نفهم دوافعها ومنهجية تلك المراجعات.
ونبه الشيخ ابراهيم علي أن الأمة تحتاج لقيام تيار في الأمة يتحرك فيها، ويوجه خطابه لها، تيار لافـتـتـه الإسلام، وليس اسماً آخر، يقـوده العلماء ليوقظ الأمة من سباتها العميق، ويصحح لها مسارها.
وبين أيدينا حوار مختصر أجريته مع أحد الدعاة الإسلاميين في الأردن، الشيخ إبراهيم العِسعِس، والذي لم يألُ جهداً في إبراز فكرته، وإفراز تصوراته، بروح منهجيَّة، ورؤية مختصرة.
والشيخ إبراهيم العِسْعِس، كاتب في العديد من الصحف والجرائد ومواقع الإنترنت، كان يشعل محاضراً في كلية الشريعة بجامعة اليرموك سابقاً، وهو الآن متفرغ للعمل الفكري والدعوي والشرعي، ومن اواخر أعماله إطلاق موقعه الخاص به على الشبكة العنكبوتيَّة بعنوان: التغيير/ على هذا الرابط:http://www.altaghyeer.com/ وله من الكتب : السلف والسلفيون، والأمة والسلطة باتجاه الوعي والتغيير، ودراسة نقدية في علم مشكل الحديث، إضافة لعدَّة دراسات تحت الإعداد.

بداية ألا ترى معي شيخنا الكريم أن المقاومة في أنحاء العالم الإسلامي تحتاج لتأصيل وفقه يئوب بمن يشرد منها عن الطريق، ويمنهج لها رؤيتها ويصبح هذا التأصيل بمثابة الغطاء والمرجعية للعمل المقاوم، ويدفع عنه الشبهة والمنكرات، ويوفر له المنبر الإعلامي المنافح عن المناضلين.
- قبل الحديث عن تأصيل المقاومة، أو مرجعيتها الفقهية، ينبغي التنبيه على مسألة في غاية الأهمية، وهي أن المقاومة في العالم الإسلامي، وعلى مدى قرون، وليس فقط هذه الأيام، كانت في هدفها الأساس رداً على هجمات تستهدف وجود الأمة، لذلك كانت المقاومة محافظة على الوجود، ثم كانت للتعبير عن استمرار نبض الحياة في الأمة، وتعطيلاً أو تأخيراً أو توعيراً لأهداف المعتدين. وعليه فإن حركات المقاومة على مدى قرون لم يتسن لها أن تصوغ مشروعا مؤسسا على فقه مؤصل، أو بلغة أخرى إن مشاريع المقاومة لم تكن تمتلك مشروعا متكاملا يبدأ بالدفع وينتهي بالتمكين. وبما أنَّ المشروع يبنيه المؤهلون علماً وحركة، وبما أن العلماء منفصلون عن العاملين الحركيين فإن المقاومة في العالم الإسلامي تعاني من علل كثيرة، أهمها أنها تفتقد لثقافة المشروع، قبل أن تفتقد للتأصيل والفقه، لأنهما ينبثقان من المشروع، وما دام الفصام واقعا بين العلماء والعاملين، أو العلماء والشباب، فستبقى المقاومة تشكو من العلل القاتلة ؛ من فقدان التأصيل والفقه، وغياب الغطاء والمرجعية، وعدم توفر المنبر الإعلامي.
هل تعتبر أحداث الحادي عشر من سبتمبر جزء من نتاج أيدلوجية المحافظين الجدد؟
- بعيداً عن إشكالية من علق الجرس، والغوص في السيناريوهات الكثيرة المطروحة عمن سبَّب الحدث، لنتحدث عن الشيء الثابت الذي قد لا يختلف عليه مراقبان، وهو أن المحافظين الجدد، استطاعوا استثمار وركوب الحدث بطريقة متقنة، لدرجة تدفع إلى القول أنهم كانوا يتمنون لو وقع مثل هذا الحدث، كي يفرضوا رؤيتهم ومخاوفهم التي كانوا يبشرون بها على الإدارة الأمريكية. وقد يكون من الدقة أن نقول : إن تهيئة البيئة القابلة للرد على الحدث بقوة، وإدارة ظروف ما بعد الحدث هو من نتاج ايدلوجية المحافظين الجدد. واعتقد أنَّ التحليل الذي يلتفت إلى منهج إدارة الصراع ودوافعه أولى من الانكباب على البحث عن إبرة في بحر.
بعد معارك خاضتها هنا وهناك، وصـار لها من الأعداء ضعف ما لها من حلفاء وأصدقاء، بالإضافة لمناطق نفوذ تسيطر عليها، بالمقايـيس العملية هـل خرجـت أمريكا بعد تـفجير برجي مانهاتــن غانـمة أم غارمة ؟
- بالمقاييس العملية لا وجود لهذه الثنائية الصارمة في التحليل السياسي، خاصة إذا كان الحدث محدود الآثار، فنحن لا نتحدث عن معركة فاصلة، إذ مهما كانت آثار أحداث سبتمبر على أمريكا، لكنها في النهاية تبقى محدودة، ولا تقيم الآثار بهذا المنطق الثنائي، ولا ننسى أننا نتحدث عن أنظمة تمتلك مبدأ التعديل الذاتي، وسرعة الأوبة بعد المصيبة، ودوام الأبحاث التي تحلل، وتقيم، وترفع بعد ذلك لصاحب القرار، الذي يتخذ قراراته بالعادة وفق هذه الدراسات، ولا يرتجل ولا يستأثر باتخاذ القرار كما هو الشأن عندنا.
وعليه فالمنهج الصحيح في هذه الأحوال أن نتحدث عن الآثار، وعن النتائج، وعن كيفية إدارة أمريكا للصراع بعد الأحداث. أما عن موضوع الأصدقاء والحلفاء فأمر لا قيمة له تذكر في السياسة الدولية، فالمنطق الذي يحكم السياسة هو منطق القوة لا منطق الحق. إن بعض الأزمات التي تحصل في الغرب تفرحنا لأنها دلالة على أزمة عند العدو، لكنها بدورها تثير انتباه مخططي هذا العدو.
وإذن فلنتحدث عن آثار تفجير برجي مانهاتن :
1 ـ كان المحافظون الجدد يشتغلون على مهل لإيجاد حالة العداء، وتسويغ الانقضاض، فاضطروا بعد الحدث إلى إظهار برامجهم، ووضعها فوق الطاولة. لقد خافوا أن تفوت مثل هذه الفرصة فعجلوا إظهار أهدافها، وعدوها مغنماً، لكن هذا التعجيل سيكون مقتـل برنامجهم، وستفسد العجلة ـ على المدى البعيد ـ مخططاتهم.
2 ـ لقد خرقت العملية النظرية الأمنية الأمريكية ؛ فإن أهم فكرة يقوم عليها الأمن القومي الأمريكي: هي ابعاد أي فعل عنيف عن القارة الأمريكية....فكانت السياسة الأمريكية تصنع نقاط توتر بعيدة، فمن أراد محاربة أمريكا فليحاربها هناك عند نقاط التوتر، وليحارب مندوبيها، وقد تتسامح السياسة بقتل سفير مثلاً ـ خذ حالة التضحية بسفيرهم في الباكستان مقابل صيد ضياء الحق بتفجير طائرته ـ. أما في عملية مانهاتن فقد كسرت هيبة أمريكا، وفتحت الباب أمام كذا عمليات في المستقبل، بعد سقوط الأسطورة. لقد كانت أمريكا تتبني نظرية السياسي الإنجليزي في القرن التاسع عشر " سيسل رودس " وهو : تصدير المتاعب إلى الخارج. وهنا فقد صدرت إليها المتاعب.
3 ـ من أهم النتائج التي ضرت أمريكا، فقد نزعت هذه العملية الاختلاف بين المسلمين، والمستضعفين على عداء أمريكا لمصالح الشعوب، وكل صادق كان يراهن على حيادها أو إمكانية أن تضغط على اليهود ـ مثلا ـ من أجل العرب سحب رهانه.
4 ـ أدت إلى انتباه كثير من الأمريكيين إلى أن الإدارة الأمريكية تستغل الأمريكيين، وتدمر الاقتصاد على أجندات لا تهم الأمريكيين، بل وتضع ـ أيضا ـ المسيحية موضع الاتهام.
5 ـ إن اضطرار أمريكا إلى احتلال أو الامتداد في كثير من بلاد العالم سيؤدي إلى استنزافها وحدوث أزمات داخلها. وهناك من يقول بأن الانجليز يدركون هذا وينفخون في غرور أمريكا لتذويبها، بعد أن أزاحتهم عن كثير من مواقعهم في العالم.
مجاهدي أنصار السنة - الجيش الإسلامي- جيش المجاهدين- أسود التوحيد- كتائب ثورة العشرين- دولة العراق الإسلامية- كتائب الصحوة -...الخ مع هذا التلون الكبير للمقاومة بكافة أشكالها داخل العراق دائرة متشابكة يحار فيها المتابع بشكل جيد للحالة العراقية، فضلا عن رجل الشارع العربي العادي ما هي رؤيتك للمقاومة العراقية في حربها ضد الإحتلال الأنجلو-أمريكي ؟؟؟
- كما قلت في الإجابة عن السؤال الأول، المقاومة في العراق كما المقاومة في باقي بقاع العالم الإسلامي دفاع عن الوجود، وتدليل على العرق النابض، ووجود الدم، لكنها تعاني من أمراض الأمة بمجملها، والأخبار التي تصل عن أحوال المقاومة والصراع الدائر بين بعض فصائلها، لا تبشر بخير. وبعض الأجندات التي أفرزت بعض فصائل المقاومة تدعو للقلق. ورؤيتي أنه لكي تجدي الدماء والتضحيات لا بد من العمل من خلال جبهة تتبنى مشروعاً للتحرير ولما بعد التحرير، وغير ذلك فـجهد مشكور، وجهاد مأجور، يزعج العدو، ويُصعِّب مهمته، وقـد يساعد على خروجه، لكنه لن يحقق نصراً كاملاً على الأرض، ولن يقطف ثماره، تماماً كما حصل مع حركات التحرر في القرن العشرين !
-ما الطريقة المثلى لمواجهة أصحاب الفكر الداعي لنسف جهود المقاومة والإستهزاء بها ؟؟
- أفضل طريقة هي تـنظيم المقاومة نفسها، وتـفعيل دورها، وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الـتكامل، والبعد عن الصراع الذي تـقوده الأهواء. وإن أحببت ساقولها بطريقة أخرى : إنَّ أفضل طريقة لمواجهة الفكر الداعي لنسف جهود المقاومة، والاستهزاء بها، هو عدم تقديم مسوغات النسف والاستهزاء لأصحاب هذا الفكر. إنَّ أصحاب هذا الفكر يولدون في رحم نزاعنا، وينمون على غداء فشلنا، ويكبرون على سطحية مشروعنا.
وهذه الإجابة المنهجية العامة، ثم بعد ذلك أقول على وجه التـفصيل : إنَّ أفضل ما يمكن عمله هنا هو صناعة منبر إعلامي حقيقي يمثل وجهة نظر المقاومة، ويؤطر لفلسفتها في العمل. ويكون جزءاً من مشروع تحرير الإنسان المسلم ورده إلى إنسانيته المفقودة.
وإنَّ أفضل ردِّ على هؤلاء هو في عدم وضع الآخرين في كيس واحد، بل لا بدَّ من التصنيف، والبحث عن القواسم المشتركة بين الناس فهذا مقتضى الحكمة. إذ ليس من الحكمة ولا الحنكة استعداء الجميع.
إنَّ مشروع المقاومة يجب أن يقوم على فلسفة الحلقة الأضعف، وهي التي لن يقول لك أحد إن قاتلت في مجالها وقاومتها أو قتلتها : أخطأت أو كفرت، بل سيضطر الجميع إلى الموافقة معك، وكل من يعترض عليها سيحرق نفسه. إن المشروع الإسلامي بكافة مراحله يعالج أمراً " كبر عليه الصغير، وهرم عليه الكبير ".... ولا بد من فقه : "... حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه ".
-المهتم بالحركة الإسلامية ( الحالة المصرية بالذات ) يقف عند مراجعات حركتي الجهاد والجماعة الإسلامية ما بين خيارين أحلاهما مر:
أولهما : هو يري أنها إنهاء لحالة من الصراع الدامي الذي امتد لأكثر من ثلاث عقود، كانت المواجهة فيها أقرب للمواجهة الثأرية بين الحكومة المصرية والإسلاميين، وتم فيها إنقاذ ألاف من الشباب الذين ضاعت زهرة شبابهم في السجون.
وبين الخيار الثاني وهو : أن هذه المراجعات تمت في إطار " صفقة أمنية " أكثر منها مراجعات فكرية، ووئد لمشروع قديم لتبين عدم جدواه...!!!
بمعني أخر شيخ ابراهيم، الشاب في هذه الجماعات الذي قضى أكثر من عشر سنوات في السجون يسأل نفسه :" إذا كنت قد اتبعت قادتي علي شيء تبرأوا منه، فما يحملني أن اصدقهم الآن في كلامهم الجديد"!؟
- المراجعات أو النقد الذاتي أو المحاسبة علامة على الحياة، ودليل على الوعي والشجاعة، لا شك في ذلك... لكن الذي فيه شك هو كيف تتم المراجعة ؟ هل تتم في جو نظيف ؟ هل تمارس في ظل امتلاك القرار الحر ؟ هل المسجون يمتلك حق المراجعة ؟ وما مدى الثـقة بمراجعته ؟ وكم هي بعيدة فكرة الصفقة الأمنية عن مثل هذه الصفقات ؟ كل هذه الأسئلة مشروعة، بصرف النظر عن صحة نتائج المراجعات أو خطئها.
والحقيقة أن المهتم لا يستطيع إغفال تساؤل مهم : هذا الانعطاف الحاد في المراجعات، وهذا التخطيء القاسي لفقه وعمل استمر عقوداً، ودماء، وجهوداً، ألا يدل على ضعف البدايات، وعدم بذل الوسع في استـقراء الظروف، واستشراف المستـقبل ؟ وبالضبط كما ورد في السؤال على أي أساس سيثق الشاب الذي أفنى حياته في السجون اعتماداً على فقه ما بمراجعات نسفت له هذا الفقه من جذوره ؟ ومرة أخرى أنبه إلى أنني معنيٌّ بدوافع المراجعات ومنهجيتها، لا بصحة نتائجها أو خطلها.
إن إصرار الجهات المعنية بإخراج هذه المراجعات من جماعات لم يعد لها ذلك الأثر على أرض الواقع، بعد أن جففت منابعها، وعن أشخاص تحت اليد، وقـد أنهكتهم سنوات السجن، بعزلته وعذابه وجلاديه يدل على أن أهداف الإصرار على المراجعات هو تكفير الشباب بأي مشروع إسلامي قادم، والتقنيط من كل جهد مشروع. إن توالي الفشل يؤدي إلى اليأس والإحساس بعدم الجدوى، وهو نتيجة البدايات المتعجلة غير المدروسة.
ملاحظة : أرجـو مراجعة مقالي : " ظاهرة استوكهولم " المنشور على موقع العصر، وموقع التغيير. فقد عالجت فيه إشكالية المراجعة في ظروف القهر.
-هل لدينا خطاب إعلامي فعال نتوجه به إلي الغرب بمختلف شرائحة، برأيك ما هي ضوابط وأوليات الخطاب الإسلامي الموجه للعقلية الغربية؟
-أظن أن إجابة أي مسلم فضلاً عن المشتغلين في الهمِّ الدعوي، والإعلامي وبالفم المليان : لا يوجد.
وفي رأيي أن أهم ضوابط وأولويات الخطاب المأمول :
ـ الابتعاد عن اللغة العاطفية، واللغة المعممة، واللغة الصوتية، فما يقنعنا لا يقنعهم، وما نحبه لا يحبونه.
ـ عدم وضع الجميع في سلة واحدة، فهم وإن كانت تجمعهم عقيدة واحدة، وطريقة في التفكير واحدة، لكن هناك بعض التناقضات التي قد تصلح للتعامل معها.
ـ من أهم الأولويات التي يجب العمل عليها وبشدة هي التعريف بالإسلام تعريفا يبين حقيقته، يعني البعد عن همِّ تلميعه على حساب ثوابته، أو وسواس ادائه بحدة بحجة قول الحق !
-الكثير من المثقفين الإسلاميين ينظرون للمسشترقين الجدد علي أنهم " مباحثيون " وليسوا "باحثين " يسعون للكشف الأخطاء وتتبعها والتركيز عليها لخدمة المخابرات والقوي السياسية الأمريكية والغربية، والبعض ألأخر يعتبرونهم أنهم كلهم ليسوا شكيلة واحدة فمنهم السييء المحرض كبرنارد لويس، ومنهم الجيد الذي يحاول نقل صورة حسنة عن الإسلام والإسلاميين لمراكز القرار لتخفيف وتحييد حدة المواجهة، برأيك كيف يكون التعامل مع هؤلاء المسشترقين الجدد، وكيف يتم الإستفادة منهم في حال أخذنا بالخيار الثاني؟
- أنا في الحقيقة أميل إلى القول بعدم وضع الجميع في سلة واحدة، فهناك من يبحث عن الحق، ولا يخلو الأمر.
أما عن كيفية التعامل معهم، فيبدأ من تحسين أدائنا ! فالآخر على الغالب ينقل الصورة التي نعطيها له، ومهما كان مغرضا ففي مثل هذا العالم وثورة الاتصالات لن يستطيع التزوير إلى الحدود التي كان يقوم بها سلفه قبل قرنين.
ولي وقفة هنا في صياغة المشكل المطروح تدل على طريقتنا في التفكير التي تميل إلى رمي المشكلة على الآخرين، تطمينا للذات. فالقول بأنهم " يسعون للكشف عن الأخطاء وتتبعها والتركيز عليها لخدمة المخابرات والقوى السياسية.... " هذا اثبات واعتراف بأخطائنا دون الاستعداد للوقوف أمامها ومعالجتها، فنحن نلومهم لأنهم يسعون للكشف على أخطائنا... وكان بإمكاننا أن نطرح المشكلة بلغة أخرى فنقول مثلا : لماذا توجد لدينا أخطاء تشكل مادة للمستشرقين المباحثيين كي يشوهوا صورتنا ؟ لماذا لا نعالج خطايانا التي تخدم المخابرات الغربية ؟
حتى المستشرق النظيف بتركيبته الفكرية لن يجاملنا، بل سيلاحظ أخطاءنا وسينشرها.
وللعلم فإن الاستشراق درسنا من مصدرين اساسيين على الأغلب :
الأول : واقعنا، وهو سيء على كل حال.
الثاني : أرشيفهم ومصادرهم. فلكي تتم الإفادة من ظاهرة المستشرقين الجيدين لا بد من تقديم فكرنا وواقعنا من ارشيفنا نحن، وهذا يقتضي دراسات باللغة التي يفهمها القوم.
وليس بعيدا عن هذا قيام المؤسسات الإسلامية ـ قطاع خاص ـ بعقد مؤتمرات تدعو إليها هؤلاء المنصفين، والحديث عن محاور نريد أن تصل إليهم بالصورة اللائقة. وهذا أولى من استدعاء المحاضرين كل عام وانفاق الكثير كي يحدثونا عما نعرف !
-كيف ننظر لإيران الدولة الإسلامية المستهدفة من قبل العدوان الصهيو- أمريكي ودورها المقيم بشكل سلبي في العراق؟
- في الحقيقة لا يستطيع المراقب أن يستريح لفكرة أن إيران دولة مستهدفة ! وقد يدعم هذا الظن كثير من المعطيات. لكن هذا لا يمنع أن أميل إلى كون العلاقة بين إيران وبين العدوان مبنية على تقاطع المصالح لا على العلاقة الاستراتيجية. مما يعني أنه لا مانع من إيجاد طريقة لترتيب الأمور، والتي لا أدعي بأنني قادر على بلورتها.
وهناك في التاريخ سابقة على مثل هذا الترتيب، فقد ارسل نور الدين زنكي رحمه الله حملة عسكرية بقيادة أسد الدين شيركوه لنصرة الدولة الفاطمية لما استنجدوا به على الصليبيين.
هذا مع تأكيدي على نقطة غاية في الأهمية وهي أن الوقت مبكر جداً على حوار شيعي سني بعد الانتهاء من الحوار السني السني، فبيتنا من الداخل ليس بالقوة التي تؤهله لعقد صفقات متعادلة. والسؤال هل نستطيع أن نجرب ـ دون التنازل عن مواقفنا ووجودنا ـ آلية في الحوار نصل بها إلى شيء ؟ هل نستطيع أن ندعم الموقف الإيراني ـ إن ثبت استهدافه ـ من خلال حوار متكافيء. مع التنبيه على أن هذه الاقتراحات ستقوم بها مؤسسات غير حكومية، لاستحالة تنفيذها من خلال النظام العربي الرسمي.
-لو إستشرفت المستقبل كيف تري نهاية المشروع الأمريكي في العراق ؟
-هنا يجب أن نوضح ما الذي نقصده بالمشروع الأمريكي، هل هو احتلال العراق ؟ أم هو إعادة صياغة العراق بخارطة جديدة تنسجم مع الخارطة المستقبلية للمنطقة ؟ والسيطرة بعد ذلك مقدرات هذا البلد. وهل هو أيضا تفتيت العراق لإضعافه حتى لا يظل قوة متوقعة تؤثر على مخططات الاستعمار وإن بعد حين ؟ هذه الأسئلة وغيرها مهمة جدا حتى لا نحصر المشروع الأمريكي في هدف واحد. فمثلا هناك من يحصر المشروع في الاحتلال، فإذا خرجوا منها ظننا أن مشروعهم انتهى بالفشل، وأطلقنا رصاص الفرح ! إنني أرى أن المشروع الأمريكي يتحقق على الأرض، نعم بصعوبة، لأنه يجد مقاومة لم يكونوا يتوقعونها كما يقول كثير من المحللين، لكن القوم يشتغلون على نظام السيناريوهات وهناك بدائل دائما لكل حركة يقومون بها.
وهذا الرأي مقيد بملاحظة : وهي أنها مبنية على ضوء الواقع، وعلى مدى الرؤية المتاح ؛ على ظروفنا ؛ على إمكانياتنا ؛ على ثقافتنا ؛ على مشروعنا. ثم هو رأي لا يغض الطرف عن المقاومة وحركة الجهاد. لكننا نتحدث هنا عن مشروع يقابل مشروعاً، وللأسف لا يوجد لدينا مشروع إلى الآن. ثم هنا ملاحظة مهمة وهي أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نقول في هذا السياق إن قدرة الله محيطة بهم، وأنهم سينهزمون بإذن الله في النهاية ! وأنا أقول : ومن ينكر قدرة الله، ومن ينكر أن جولة الحق في النهاية ستنتصر ! لكنها أماني العجزة، فالله سبحانه علمنا أن الحياة تتحرك بفاعلية الإنسان.
- شيخ إبراهيم ؛ من شارك في العملية السياسية في العراق، يجوز ويبرر المشاركة تحت غطاء الإحتلال بقصد نيل حقوق العراقيين، ومن عارض هذه العملية برمتها من الأساس (كهيئة علماء المسلمين)، إعتمادا علي أنه لا عملية سياسية مع وجود المحتل الأمريكي أيهما كان أكثر عمقا في رؤيته.
- أعتقد أن الذين شاركوا في العملية السياسية لا يختلفون كثيراً عن الذين جاؤوا على ظهر الدبابة الأمريكية بحجة التحرير، ونيل الحقوق. لا توجد عملية سياسية في ظل الإحتلال.
- هل فقدت المؤسسات الإسلامية دورها كنقاط إرتكاز لشعوبها (المؤسسة الأزهرية مثالا)؟؟
- قطعا لا شك في ذلك، وهل تنكر العين ضوء الشمس إلا من رمد ؟! بل إن بعضها أصبح نقاط ارتكاز لأعداء شعوبها ! أما عن مؤسسات العمل الإسلامي ـ الخاصة ـ فإنها تجاهد وتحاول في بيئة مليئة بالألغام، أعان الله الجميع لما فيه نصر الإسلام، وخير الأمة.
-فلسطين بين فتح وحماس إلى أين ؟؟؟
- أما عن فتح فهي تشتغل الآن في الجبهة الأخرى، وأما عن حماس فأعانهم الله، وثبتهم، فالخشية عليهم من أن يرتهنوا لخطة العدو بلا قصد كبير، نسأل الله أن يثبتهم ويعينهم على الطريق.

ليست هناك تعليقات: