الخميس، 21 مايو 2009

هتعمل ايه بحصتك في مصر .؟؟!!

Image



أسود عريضفي القطار اقتربتُ منه.. كان يحمل وجها كالحا، يلتحف بكوفية كبيرة فوق رأسه -ذكرني بفلاحين يوسف إدريس في رواية الحرام- عرفتُ أن اسمه عبد ربه عبد المحسن.. يعمل فلاحا، عندما حكيت له قصة الأسهم التي ستوزعها الحكومة، وماذا سيفعل بها إن أخذها أخبرني أنه سيقوم بشراء كيسين سماد للأرض، أو أكل للعيال وقال: "اسكت يا بيه الغلا بقى زي السرطان بياكل فينا، والحكومة مش حاسة بحد، تقولش قطة بتاكل عيالها بدل ما ترضعهم".

حال الرجل الفقير كحال الكثيرين من المصريين الذين كان رد فعلهم -لمن عرف فعلا بموضوع الصكوك والأسهم الشعبية- إما اللامبالاة نتيجة لعدم تفهم البعض للمشروع، وأنه في ظن الكثيرين مثله مثل عملية الخصخصة لن يفرق كثيرا عنها .

أو الترقب والقلق مما سيحدث فعلا، خصوصا أن الكثيرين حائرون ماذا سيفعل فعلا في الأسهم؟! هل سيتركها وقد تضيع كما ضاعت أسهم أقاربه أو جيرانه في أزمة البورصة الأخيرة، أم يبيع أسهمه ليتصرف فيها كيفما يحلو له فينفقها، أو يستثمرها؟ المهم أن يحفظها من يد الحكومة التي كثيرا -في ظنه- ما تأخذ أكثر مما تعطي .

إسلام أون لاين استطلعت رأي الشارع، فكانت الإجابات متنوعة ما بين مصدق ومكذب، لكن الكل أجمع أن ما سيأتي من الحكومة أحسن من "ما فيش"، وكان المثل المصري الشهير "اللي ييجي من الصعايدة فايدة" حاضرا في كلام معظم من أخذنا رأيهم .

حيتان الأسهم

أحمد عزازي "محاسب بشركة مقاولات" يرى أن الناس لو قامت بالبيع فسيكررون نفس المأساة التي فعلتها الحكومة في موضوع الخصخصة من قبل، وبالتالي الأصول ستباع، إما لمستثمر أجنبي أو مستثمر مصري يقوم بخنق الناس كما يفعل أحمد عز الآن في موضوع الحديد، وبالتالي سيكسبون من مشروع "الأسهم الشعبية" ما كسبوه من قبل في عملية الخصخصة، أما عن أسهمه فيقول: "هاخليهم في البورصة، وأحافظ على حقي في الشركات وفي البلد بدل ما يتنصب علينا كالعادة، ولن أفرط في أسهمي ".

عوض محمود "حارس عقار"، فيرى أنها خطوة جيدة من الحكومة، وبالنسبة للأسهم فيقول: "الألفين جنيه ( تقريبا 350 دولارا أمريكيا) هاخليهم في البورصة، واخد أرباحهم أزود بيهم دخلي اللي مش راضي يتعدل مع الأسعار اللي بتغلي كل يومين".

عويس قرني "عامل"، رأى أن الأسهم التي ستعطيها له الحكومة سيقوم بعمل مشروع محترم بها حيث سيتاجر في الدجاج ويقول: "بصفتي راجل من الفيوم (محافظة جنوب القاهرة)، وعندي خبرة كويسة في الفراخ هتاجر في الفراخ، وهاشتري بفلوس الأسهم 1000 كتكوت يكونوا بداية للمشروع".

الصاوي مبروك الصاوي، كيميائي بشركة مياه قال إنه لن يبيع حصته التي ستعطيها له الحكومة، وأنه غير مقتنع بالقصة من أساسه، ومن رأيه أن 90% من الشعب المصري سيقوم ببيع أسهمه، وبالتالي سيصب ذلك كله في النهاية في جيب كبار وحيتان المستثمرين.

ويضيف الصاوي: "اللي ييجي منهم أحسن منهم، الناس اللي في البلد دي مالهاش رأي، وبالنسبة لموضوع الصكوك ده كأن فيه كشك، وواحد بيوزع فيه أرغفة عيش هنقول لأ، إحنا مش شايفين حاجة لا يمين ولا شمال من الحكومة دي، فجأة لقينا الحكومة بتقول تعالوا نوزع عليكم صكوك وأسهم يا سيدي اللي ييجي من الصعايدة فايدة".

أحمد عشماوي "موظف بالهيئة العامة للاتصالات"، كان رأيه أنه ضد البيع تماما، وأنه إن حدث ونُفذ فعلا هذا المشروع فستصبح البلد كفلسطين وستباع للمستثمرين الأجانب، وأضاف قائلا: "الألفين جنيه يعملوا إيه اليومين دول، دول مرتب شهرين يعني حقي في البلد خلاص يضيع في تمن تليفون محمول".

الأكل والغلاء والصكوك

عندما ركبت قطار المناشي الخطاطبة -وهو أشهر قطار يأتي من الأقاليم إلى العاصمة القاهرة -لأسأل الغلابة الذين يتم شحنهم يوميا صباحا عند الذهاب للعمل أو مساء عند الرجوع في قطار لا توجد به شبابيك يتدثرون بها من برد الشتاء، الذي بدأت بوادره تظهر سريعا، وأنا أترحم على الملايين التي ستهبط عليهم من السماء!.

قبل سؤالي لهم وجدت الكثير منهم لم يسمع أساسا عن موضوع الأصول أو الأسهم الشعبية، وأن الجميع بلا استثناء يسمع عن البورصة، ولكنهم لا يعرفون ما هي بالتحديد؛ لذا أخذت على عاتقي مهمتين: أن أشرح لجيراني في عربة القطار معنى القطاع العام والأسهم والبورصة، واستعنت في الشرح بفيلم "عايز حقي" الذي يمثل صورة قريبة جدا لما سيحدث، ثم كتابة إجاباتهم على أضواء تليفونات المحمول، حيث كانت الإضاءة في القطار منقطعة بالكامل!.

محمد هلال "مندوب مبيعات"، قال لي: "أنا هابيع واريح دماغي يا سيدي، حاجة كده جاية من السماء، بس بيني وبينك أنا مش مصدق إن الحكومة هتدي الشعب حاجة، ليه هي الحداية بتحدف كتاكيت!".

بينما عم خالد –مبيض محارة- كان جالسا أسفل قدمي، وبمجرد أن سمع الحوار بيني وبين الراكبين هب واقفا وقال: "يا عمنا أنا شغال على الله باليومية، لو مرضت ما فيش حد هيسأل عني.. بورصة إيه دي اللي بتتكلم عليها، والله عمري ما سمعت عنها قبل كده، عموما البلد كده كده هتتباع آخد فلوسي أشتري بها عدة للشغل والسلام قبل ما حد ينهبها مني".

صابر محمود "حداد مسلح" قال لي: "بص يا سيادة الأفندي أنا بالصلاة على النبي كده لو قدرت أبيع البلد كلها هابيعها، أنا مش بثق في البورصة، ولا بثق في الحكومة خالص، أنا أحط فلوسي في البورصة وبعد يومين يحصل إضراب هنا ولا هنا، وضاعت فلوسك يا صابر لأ يا عم أنا فلوسي تبقي في جيبي أحسن".

اقتربتُ من هانم محمد بائعة صحف -75 عاما- عندما شرحت لها أن الحكومة ستعطيها مالا هو حقها ونصيبها في البلد كادت أن تبكي من الفرحة عندما ظنتني مندوبا من الحكومة قادما لإعطائها الألفي جنيه، لكنها سرعان ما تراجعت عندما عرفت أنني صحفي، ثم قالت وهي تتنهد: "يسمع من بقك ربنا يا بني كده أكتر بيهم حصة الجرايد اللي عندنا، ونبني كشك بدل البرد والشمس اللي واكلين جسمنا".

محمد عبد القوي "كهربائي" كان ساخطا جدا على الوضع الاقتصادي، واشتكى من ارتفاع الأسعار، ورأيه أنها لعبة جديدة من ألعاب الحكومة لنهب جديد تمارسه على المواطن المصري، ويضيف: "يا عم أسهم إيه اللي بيتكلموا عليها، قبل كده وزعوا أسهم على الموظفين في شركات زي شركة الاتصالات، ومع ذلك حالهم رجع للورا، كل الأسعار في الدنيا بترخص، وبلدنا هي البلد الوحيدة اللي الأسعار فيها بتطلع لفوق".

وإذا كان المواطنون الذين استطلعنا آراءهم قد اختلفوا بين من سيبقي أسهمه في البورصة أو يبيعها لأغراض مختلفة، فما زال السؤال مطروحا على كل المصريين: "هتعمل إيه بحصتك في مصر؟".

-الموضوع علي إسلام أون لاين.

ليست هناك تعليقات: