الجمعة، 22 مايو 2009

في اليوم العالمي لـ"حرية الصحافة".. الصحفيون في زنزانة

اليوم العالمي لحرية الصحافة
2008 عام ملاحقة الصحفيين
يأتي اليوم العالمي "لحرية الصحافة" في الثالث من مايو من كل عام للمطالبة بمزيد من كسر القيود التي يتم وضعها على الأقلام والصحف، والمواقع والقنوات، والمطالبة بكسر الحواجز التي تعيق الصحافة بكل أشكالها المكتوبة والمرئية، الجديدة منها والتقليدية.. لكن التقارير التي ترصد حالة حرية التعبير والرأي تقول إن اتجاه "الحريات" يسير في الاتجاه العكسي، فالتقارير الحقوقية تشير إلى أن وضع حرية الرأي والتعبير تعبر عن حالة "ترصد وترقب" إن لم تكن ترجمت بالفعل إلى حالة "ملاحقة وقمع"... ربما يمكن بعدها أن نسمع من الصحفيين والإعلاميين والعاملين في المجال الإبداعي وهم يطالبون بـحق الحصول على "بدل مخاطرة" بعد أن صار العامل في هذا المجال يعمل وهو "يضع روحه على كفه" كما يقول المصريون.

تقرير صادر منذ أيام قليلة من مركز "هشام مبارك للقانون" يرصد حالة حرية التعبير والرأي في مصر، يتناول بعضا من جوانب أوضاع حرية التعبير ما بين الأزمات التي تواجه الصحافة المكتوبة والمرئية وصحافة الإنترنت، مرورا بأزمات السينما والمسرح والمطبوعات وحتى احتجاجات الشوارع..

التقرير الذي أعده المحامي والباحث القانوني أحمد راغب وقدم له الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، مقسم لأربعة أقسام هي: "الصحافة والصحفيون"، حيث يتناول أحوال الصحفيين والصحافة في مصر خلال العام الماضي، من خلال ثلاثة موضوعات، هي الحق في إصدار الصحف، وملاحقة الصحفيين في قضايا النشر، والاعتداءات عليهم، والحماية النقابية للصحفيين، بينما يتناول القسم الثاني من التقرير نشطاء الإنترنت في مصر، ويرصد أحوال نشطاء الإنترنت في مصر ونماذج للانتهاكات التي يتعرضون لها، وتفصيلا لأبرز تلك الانتهاكات، فيما يتضمن القسم الثالث، أزمات الإبداع في مصر، ويبحث أزمات السينما ثم المسرح والمطبوعات، وبعض حالات لصور الرقابة على القنوات الفضائية، ويختتم التقرير في قسمه الرابع احتجاجات 2008، ويركز على أهم وأبرز الاحتجاجات التي شهدتها مصر خلال عام 2008.

البطة البيضاء

في الحديث عن الحق في إصدار الصحف بنى التقرير رؤيته للأزمات التي تقابل الصحف وفقا لتصنيفها، فالمعروف أن أشهر التصنيفات المختلفة للصحف تبدأ من التصنيف السياسي الأشهر والذي يقسم الصحف لثلاثة أنواع: (صحافة حكومية، وصحافة معارضة، وصحافة مستقلة)، مرورا بتصنيف الملكية وهو التصنيف القانوني والذي بموجبه تنقسم الصحف إلى ثلاثة أنواع أيضا: (صحف قومية، وصحف حزبية، وصحف خاصة) والتصنيف الأخير وهو بحسب جهة الترخيص (صحف صادرة من المجلس الأعلى للصحافة, وصحف صادرة بترخيص أجنبي).

يشير التقرير إلى الغبن الواقع على الصحافة الصادرة بترخيص أجنبي؛ حيث إنها عرضة أكثر للمصادرة والرقابة لتبعيتها لجهاز المطبوعات والصحافة الخارجية، والأمر الثاني أن الصحفيين العاملين بها ليس لهم الحق في دخول النقابة، بخلاف الصحافة التابعة للمجلس الأعلى للصحافة..!!

يرصد التقرير أيضا مخالفات عدة أهمها أن مشروع قانون المطبوعات يتبنى "نظام الإخطار في إصدار الصحف"، إلا أن الممارسة العملية من خلال المجلس الأعلى للصحافة على خلاف ذلك، وأن الأعباء المالية الضخمة التي يستلزمها "إصدار صحيفة" يقف عائقا مباشرا في إصدار الصحف.

ثم يرصد التقرير انتهاكات الحق في إصدار الصحف في مصر خلال عام 2008 من خلال عدة ظواهر، منها منع الترخيص والمماطلة في إصدارها، كالمماطلة التي شهدتها صحيفتا "الشروق" و"اليوم السابع" وسحب ترخيص مجلة "الزهور" بعد أن أعطاها "المجلس الأعلى للصحافة" الموافقة على الصدور، ورصد التقرير أيضا استمرار مسلسل المعاناة لجريدتي "الشعب" و"آفاق عربية" ومنع صدورهما.

الظاهرة الثانية هي تعطيل طباعة الصحف في المطابع التابعة لمؤسسات الصحف القومية، وخاصة مؤسسة الأهرام، حيث تم تعطيل طباعة جريدة "البديل" بسبب عناوين حملتها الجريئة عن حريق "مجلس الشورى المصري" واستقالة رئيس باكستان.

وأخيرا يتناول التقرير في الجزء الخاص بالحق في إصدار الصحف دعويين قضائيتين لوقف إصدار جريدتين هما "الدستور"، وجريدة "الموجز".

ملاحقة الصحفيين

التقرير يصف 2008 بأنه العام الأشهر في قضايا النشر وملاحقة الصحفيين والاعتداء عليهم، حيث بلغت القضايا التي رصدها التقرير أكثر من أربعة وثلاثين قضية متنوعة، منها خمس قضايا قضي فيها بغرامات تصل إلي 80 ألف جنيه، وكان أهمها قضية رؤساء التحرير الأربعة، وقضية إبراهيم عيسي التي أخذ فيها عفوا رئاسيا.

كما رصد التقرير تسعة قضايا أقامها مسئولون وبعض الهيئات الحكومية ضد الصحفيين بسبب النشر، أشهرها قضية "شيخ الأزهر" والتي تم فيها تغريم "عادل حمودة" رئيس تحرير الفجر، و"محمد الباز" الصحفي بنفس الجريدة ثمانين ألف جنيه بسبب نشر صورة لشيخ الأزهر مرتديا زيا مسيحيا، ومنها ثلاثة قضايا لـ"أحمد عز"، وقضيتان لوزير الطيران، وأخرى لوزير التنمية الاقتصادية.

الظاهرة الأحدث التي رصدها التقرير هي لجوء المؤسسات الحكومية والشركات إلى معاقبة موظفيها لاتصالهم بالصحف، ورصد التقرير أيضا قضايا حظر النشر، حيث تم اتهام خمسة صحفيين من جريدتي "المصري اليوم" و"الوفد" بخرق حظر النشر الصادر في قضية مقتل "سوزان تميم" من محكمة الجنايات، واتهام آخرين بحظر النشر في نفس القضية وقضية رشوة "محمد فريد خميس" رجل الأعمال وعضو لجنة السياسات وعضو مجلس الشورى المصري.

الاعتداءات

مهنة الصحافة يبدو أنها تحولت حقيقية لمهنة " المغامرين والباحثين عن المتاعب "حيث يرصد التقرير 54 حالة لصحفيين تم الاعتداء عليهم في عام 2008" والتي تنوعت ما بين الاعتداء اللفظي والبدني، وذلك أثناء تغطيتهم لأحداث مثل "حريق مجلس الشورى" و"أحداث الدويقة" و"مظاهرات التضامن مع غزة"، والغريب أن نواب مجلس الشعب كان لهم نصيب الأسد في الاعتداء على الصحفيين حسب التقرير، ويمكن اعتبار نفس العام "عام الظواهر الجديدة" حيث يشير التقرير إلى أن الاعتداءات على الصحفيين شملت المنع من تغطية مؤتمرات بعينها، أو منع دخولهم مؤسسات حكومية لأول مرة، وكان أبرز الأمثلة هو منع الصحفيين الذين ينتمون لصحف حزبية وخاصة حضور أحد مؤتمرات رئيس الوزراء في محافظة مرسى مطروح.

لذا ولزيادة ظاهرة الاعتداءات على الصحفيين اهتم التقرير بمشاكل "الحماية النقابية"، التي اكتسبت أهمية متزايدة يوما بعد يوم لاستخدامها كحصانة تحمي الصحفيين، حيث أشار إلى مشكلتين رئيسيتين تتعلق بالحماية النقابية الأولى هي علاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية، فيرصد التقرير ست أزمات داخل ست مؤسسات صحفية منها مؤسسة صحفية قومية واحدة، وباقي الأزمات كانت لصحف خاصة وحزبية، وهو أمر علق عليه التقرير بأن الصحف الجديدة تعاني من خلل في علاقات العمل داخل المؤسسة.

فتم رصد 42 حالة فصل تعسفي للصحفيين، منهم 38 صحفيًّا تم فصلهم خلال عام 2008، كما شهد العام نفسه عدة اعتصامات للصحفيين للمطالبة برواتبهم أو للتعيين، وكان من أشهرها الاعتصامات المتتالية لصحفيي الدستور ضد مجلس الإدارة لرفضه صرف الرواتب والمكافآت.

وكانت المشكلة الرئيسية الثانية في موضوع "الحماية النقابية" هي أزمات القيد المتوالية في نقابة الصحفيين لتعسف لجنة قيد الصحفيين بالنقابة في استبعاد قيد الصحفيين بها، وكانت أزمة لجنة أكتوبر 2008 هي أكبرها حيث تقدم للجنة القيد 268 صحفيًّا من جرائد قومية وحزبية ومستقلة ووكالات أنباء للقيد بجداول الصحفيين تحت التمرين، وكانت النتيجة هي قبول كل المتقدمين من الصحف القومية، بينما استبعدت اللجنة 80 صحفيًّا كلهم من صحف حزبية ومستقلة.

الإنترنت والإبداع

خصص التقرير الجزء الثاني بنشطاء الإنترنت والمبدعين حيث ذكر التقرير أن هذا الجزء بالذات يعاني من فراغ تشريعي، لذا لجأت الدولة إلى سد هذا الفراغ باللجوء إلى مخزونها الاستبدادي المتمثل في قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية لمواجهة نشطاء الإنترنت، حيث لاحقت الدول المصرية أكثر من 43 ناشطا من نشطاء الإنترنت، وتنوعت الملاحقات ما بين مواجهتهم باتهامات المحكمة أو جهات تحقيق، وبلغ عدد نشطاء الإنترنت الذين صدر بحقهم قرارات اعتقال في عام 2008 ما يزيد على الـ10 نشطاء.

ثم ينتقل التقرير إلى رصد أزمات الإبداع في مصر عام 2008، حيث تناول التقرير ظاهرة جديدة في السينما وهي رقابة الأجهزة الأمنية المختلفة حيث يشير التقرير إلى تعطيل سيناريوهين هما "الكتيبة 26" و"المشير والرئيس" نتيجة لتدخل جهاز أمني، وتدخل وزارة الداخلية في أكثر من خمسة أفلام تجارية وطلبها لتعديل بعض المشاهد بها.

بالإضافة لرصده مستقبل الرقابة بعد عدة أفلام جريئة مثل "حين ميسرة" و"هي فوضي"، وأزمة التصوير في الشارع، والرقابة التي تفرضها جهات الأمن على صناع السينما للتصريح لهم بالتصوير في الشارع.

كما تناول التقرير أزمات ومشاكل "السينما المستقلة" في مصر، من خلال مشاكلها مع الرقابة، وكذلك الأزمات التي يواجهها صناع "السينما المستقلة" مثل العقبات التي واجهت صناع أفلام "ربيع 89" وفيلم "عين شمس"، وتعطيل مهرجان الأفلام المستقلة للمرة الثانية على التوالي، قبل أن ينجح منظموه في إقامته فيما بعد.

وفي المسرح انتقد التقرير سيطرة الدولة على إنتاج المسرح في مصر، وتدخل الدولة فيما يعرف باسم (مسارح الدولة) حيث منع مسرحيتين هما "القتل في جنين" والثانية "11 سبتمبر".

وفي المطبوعات خصص التقرير بندا يرصد فيها الأزمة التي تواجهها المطبوعات خصوصا المصادرة والملاحقة الأمنية والتحقيق أبرزها ما حدث لكتاب "عشان ما تنضربش على قفاك" وهو كتاب لعقيد سابق بالشرطة المصرية.. حيث تم ملاحقة الكتاب أمنيا ومصادرة النسخ التي صدرت بالمكتبات، وتم الضغط أمنيا على صاحب الكتاب حتى غادر مصر إلى الولايات المتحدة.

وفي القسم الخاص بالقنوات الفضائية تناول التقرير الأزمات التي قابلت بعض القنوات الفضائية في عام 2008 أبرزها مشكلة بث قناة "الحوار" واقتحام السلطات المصرية لقناة "العالم" ومنع إحدى حلقات برنامج "90 دقيقة" الذي يعرض على قناة "المحور" بسبب تناولها لمشروع قانون مكافحة الإرهاب.

الموضوع علي إسلام أون لاين

ليست هناك تعليقات: