الخميس، 21 مايو 2009

وعند اليسار الخبر اليقين .!


- الموضوع علي إسلام أون لاين .

Image
هل تفتح أمريكا أبوابها للإشتراكية

هناك عدة تفسيرات ظهرت لتحليل ووصف الأزمة المالية؛

الأولى خرجت من التيارات السياسية والفكرية الرأسمالية في الغرب في لحظة الأزمة، حيث اعتبروا مجمل سبب الأزمة يقع في سوء إدارة وجشع مديري المؤسسات المصرفية، وقالوا إنها أزمة سرعان ما ستنتهي، وسيتعافى منها الاقتصاد الرأسمالي كما تعافى من غيرها من أزمات، وذلك بوضع بعض القيود ومعاقبة المقصرين وتطوير آليات جديدة تُدار بها العملية المصرفية، بحيث تأخذ شكلا أكثر جدية، وكان هذا التفسير هو تفسير اليمين المحافظ

أما اليسار –العدو اللدود للرأسمالية- فكان له رأي وتحليل مختلف بالمرة عما تم قراءته في الصحافة الغربية، وما تم نقله وتصريفه أو تصحيفه –كالعادة- في الصحافة العربية، نقلتنا بشكل ما بعيدا عن قصة "المواطن والعقار" التي اشتهرت كثيرا ونقلت في المواقع والمنتديات. وتم عرض هذه الرؤية بندوة عقدت بالقاهرة في مركز الدراسات الاشتراكية في 13/10/2008.

في البداية رأي الدكتور سامر سليمان -أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية– أن ظهر أكثر من تفسير للأزمة بخلاف تفسير اليمين المحافظ؛ حيث أرجع تفسير ثان الأزمة لليهود الذين يسيطرون على المؤسسات المصرفية والنقدية بالولايات المتحدة، وهذه الفكرة التي أخذت بعدا تآمريا روج لها النازيون الجدد، وقطاع كبير في الشرق الوسط تبنى هذه الفكرة على رأسهم حركة حماس التي خرج متحدثها الرسمي يحذر الرئيس الأمريكي من اللوبي اليهودي والذين اعتبرهم مسئولين مسئولية مباشرة عما حدث!!..

أما التفسير الثالث حسب الدكتور سامر فاعتبر أن الدولة هي السبب فيما حدث، حيث تخلت عن حفظ النظام الرأسمالي، وحدث تقدم في الرأسمالية وتطورت لكن الدولة لم تطور أدوات تحفظ بها استقرار النظام، وجاء هذا التفسير من قبل "التيار اليميني الرشيد" أو "أحفاد المفكر الرأسمالي كينز" الذين يرون أن الرأسمالية ميالة أساسا للأزمة ومن الطبيعي أن تقوم الدولة بالتدخل من آن لآخر حتى لا يسقط النظام الرأسمالي، وشاركهم في هذا الرأي اليمين الأوروبي الأكثر اعتدالا من اليمين الأمريكي، بالإضافة لروسيا التي أكدت نفس الكلام…

لكن الأهم من وجهة نظر الدكتور سامر هو أن كل هذه الحلول سطحية، حيث تفترض أن الأزمة في القطاع المالي، بينما يرى أن الأزمة تكمن حقيقة في صلب النظرية الرأسمالية وأدبياتها؛ بانيا كلامه علي كلام ماركس الذي قال: "إن عيب الرأسمالية الأساسي هو الفائض في الإنتاج"، وما حدث كان نتاج فائض في الإنتاج، عجزت الولايات المتحدة ومعها الغرب عن حله وتصريفه.

حلول رأسمالية فاشلة

يتوقف الدكتور سامر ليشرح حلول الرأسمالية لفائض الإنتاج التقليدية والتي تولد مزيدا من الكوارث.. حيث يري أن الدول الرأسمالية وعلي رأسها أمريكا ليست لديها مشكلة "نقص إنتاج" بل المشكلة تكمن في "فائض الإنتاج" أي بضاعة موجودة بالمخازن غير قادرة على تصريفها، وهو ما يؤدي إلى كساد.

وتاريخ الرأسمالية هو تاريخ أزمات كساد متصلة –كما يقول- لذا يرى أن حلول أمريكا لحل هذا الفائض أوجدته في عدة حلول، أولها الحرب التي تستهلك جزءا كبيرا من فائض الإنتاج أثناء المعارك، وتمتص جزءا من فائض العمالة كجنود، وكان أحد أهم عوامل الخروج من أزمة الكساد العظيم بأمريكا عام 1929 كانت الحرب العالمية الثانية.

الحل الثاني هو "العولمة" والتي تفتح مناطق جديدة، وتتواصل مع مستثمرين جدد، وتنشئ مشروعات استثمارية جديدة، لكن تظل مشكلة العولمة أنها تفتح سوقا جديدا ينتج عنه "فائض إنتاجي جديد" يجب تسويقه، بالإضافة لمناطق لا تقتحمها العولمة نتيجة للحروب، أو الاضطرابات السياسية..

يظهر الحل الثالث وهو الخصخصة التي تتيح فك يد الدولة عن كثير من الاستثمارات، التي لا يستطيع المستثمرون الدخول فيها بسهولة، فتتيح الخصخصة إمكانية ضخ المزيد من الاستثمارات، لكن تظهر مشاكل الخصخصة في وجود قطاعات لا يمكن خصخصتها، ومساوئ الخصخصة المعروفة التي تعمل على طرد العمال من المصانع وهو ما يؤدي إلي بطالة متزايدة.

يوضح الدكتور سامر الحل الرابع والأخير ويسمى "الحل الكينزي" وهو إدخال دور للدولة بحيث تأخذ من الأغنياء (الأقل عددا، والأقل في الاستهلاك) وتعطي للفقراء (الأكثر عددا، والأكثر استهلاكا)، لكن يظل لهذا الحل سلبية كبيرة وهي تنشيط "الأسواق الأخرى"، حيث كانت آخر محاولة لتطبيقه عند وصول فرانسوا ميتران السلطة في فرنسا على رأس حكومة اشتراكية عام81, 82، حيث فُرضت ضرائب تصاعدية لتنشيط السوق الفرنسي، لكن حدث العكس حيث تم تنشيط السوق الآسيوي حيث قام الفرنسيون بشراء البضاعة الآسيوية الأقل سعرا.

بينما يرى وائل جمال -الصحفي الاقتصادي وعضو مركز الدراسات الاشتراكية- أن الاقتصاد الأمريكي (رئة الاقتصاد العالمي) بنُي في العشرين عاما الأخيرة على "ثقافة الأرباح من الأنشطة المالية"، حيث كانت أرباح الاقتصاد الأمريكي سنة 2004 حوالي 40% من قطاع المال وغير مرتبطة بأصول حقيقية.

أفول الرأسمالية

يرى الدكتور سامر سليمان أن رموز الرأسمالية الشهيرة كصندوق النقد الدولي ستسقط، وسيتم إحالة سياسيين كُثر للاستيداع أصحاب أقوال (الاقتصاد القائم بذاته، والسوق الذي ينظم نفسه بنفسه)، وسيرجع مرة ثانية السياسيون أصحاب فكر الدولة.. وبالنسبة لتداعيات الأزمة فيراها في أفول التيار اليميني النيوليبرالي لحساب التيار اليميني الكنزي الرشيد، والتيارات الشعبوية، واليسارية الأفضل طرحا.

بينما يقول وائل جمال: حصول الاقتصادي الأمريكي بول كروجمان -أحد أبرز المعارضين لسياسات "إجماع واشنطون"- على جائزة نوبل له دلالته الشديدة على الصعود المحتمل لكل من يدافعون عن "فكرة الدولة". ويري أنها هذه المرحلة ليست فقط لنهاية إجماع واشنطون، بل نهاية للمرحلة التاتشرية، والمرحلة الريجانية، وأنه سيصبح هناك بالتالي دور أكبر للدولة.

الرأسمالية المصرية في مأزق

وبالنسبة لتأثير الأزمة على المستوي السياسي والاقتصادي المصري؛ يرى وائل جمال أن المشكلة ستنصب على الجنيه المصري حيث سيقل سعر الصرف له في مقابل اليورو أهم شريك تجاري للجنيه المصري، وستقل عوائد السياحة نظرا لأن الأجانب نفضت جيوبهم في الأزمة، وستتراجع الصادرات المصرية لظهور كساد بالأسواق الغربية، وبالتالي فالرأسمالية المصرية -من وجهة نظره- لديها أزمة ضخمة بسبب سياسة الاندماج مع الاقتصاد الرأسمالي العالمي التي أخذوا الشعب المصري إليها، وستدفع الرأسمالية المصرية أضعاف ما ستدفعه الشركات الأمريكية.

ويلفت جمال الانتباه إلى أن هناك قطاعات كبيرة ستتأثر بالأزمة كقطاعات العقارات والمقاولات، والقطاعات الخدمية -ومع زيادة التضخم- ستتراجع بقوة، وبالتالي سيتم تسريح عدد كبير من العمال وطردهم في الشارع، ومع تدهور إضافي لمعيشة المصريين وزيادة معاناتهم يراها فرصة لعمل حركة احتجاجية قوية تساعد على التغيير، وكسر الجمود السياسي الموجود.

ويعقب الدكتور سامر سليمان الذي يرى أن هناك أزمة لابد من استغلالها بقوة للوصول إلى رجل الشارع العادي حيث يقول: "الأزمة لابد من استغلالها لخلخة الأفكار القديمة التي ابتلينا بها عن القطاع الخاص وفوائد الخصخصة، والاندماج مع الاقتصاد الأمريكي، وقبول نصائح صندوق النقد الدولي، هناك مساحة شاغرة في عقول الناس لابد من ملئها، أعتقد أن المرحلة الآن هي مرحلة منافسة على أدمغة الناس وهذا له علاقة وثيقة بالسياسة والتغيير في الشارع لأن الناس فاتحين ودانهم وبتسمع، وهذه لحظة تاريخية للاشتباك مع هموم الشارع..".

بينما يتهكم مصباح قطب –المشرف علي الصفحة الاقتصادية بصحيفة المصري اليوم- على رموز الرأسماليين المصريين الذين يقولون إن الرأسمالية ستصلح نفسها بنفسها، حيث يستنكر قائلا: "على حساب وبأموال من؟؟ لن يوجد سوى الفقراء والغلابة الذين سيدفعون الثمن كالعادة..!!".

ويرى الأستاذ مصباح قطب أن الأزمة ستطيح برجال لجنة السياسات في مصر، والذين أسماهم "رجال أمريكا في مصر"، ويقول: "أمريكا ستترك هؤلاء لانشغالها بمصيبتها، وكما يقول المثل العامي (إن جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك)، حيث ستطغي قواعد الأنانية لأن كل دولة مشغولة بهمومها".

ليست هناك تعليقات: