السبت، 12 سبتمبر 2009

عم صبري: لا لشنطة رمضان.. أهلاً بالتعاونيات



عم صبري.. صوت الناس ووعي الخبراء
عم صبري.. صوت الناس ووعي الخبراء

يبدو أنها تيمة للرجل أن تنبهر كلما جلست معه تتحدث عن مشروعاته، حيث تكتشف كل يوم أنه يعمل في شيء جديد ومختلف في العمل الخيري، عم صبري عبد العال الذي عرضنا تجربته من قبل على صفحات موقعنا الذي يعمل في مجال القروض الحسنة متناهية الصغر، التي يوفرها للمحتاجين في مختلف أنحاء القطر المصري، يعف بها أيديهم عن السؤال، عاودنا نسأله عما يفعل في رمضان من أفكار مختلفة للعمل الخيري.

توقعت في البداية أن يتنازل هذا الرجل في شهر رمضان عن عادة "القروض الحسنة"، فرمضان كالمعهود هو شهر الصدقات والخير والإحسان، ولكن الرجل أومأ إلي عابسا عندما تحدثت معه في ذلك، وعاتبني بأن هذا ليس المقصود فقط من وصايا القرآن والسنة، وأنه فهم خاطئ وقع أغلب الناس فيه.

حدثني عم صبري بأنه لا يقوم في رمضان سوى بالقروض الحسنة للفقراء، ويزيد عليهافقط

طالع:
"عم صبري" .. النسخة المصرية من بنك جرامين
مشروعا أطلق عليه اسم "التعاون الخيري ضد الغلاء"، حيث حكى لي أن شهر رمضان ترتفع فيه الأسعار بشكل كبير يعاني منها متوسطو الحال قبل الفقراء والمحتاجين، ولذلك فكر في مواجهة هذا الأمر بشكل مختلف نوعا ما؛ حيث يقوم بجمع احتياجات أهله وأقاربه وجيرانه والفقراء المتصلين به من المواد الغذائية، ويقوم هو بشرائها بسعر الجملة، ومن ثم يوزعها عليهم بنفس السعر الذي اشتراها به، وبالتالي يوفر كثيرا من سعرها الذي يحصلون عليه إذا اشتروها بسعر المستهلك "سعر القطاعي".

يشير لي عم صبري أن هذه الفكرة اقتبسها من قرية بريطانية اسمها "روتشديل"، واجهت تقلبات وارتفاعا بالأسعار أثناء الثورة الصناعية في بريطانيا، حيث يحكي بشكل ينم عن ثقافة كبيرة استغربتها من رجل لم يُتم أكثر من التعليم الثانوي، أن صناعة النسيج حتى أربعينيات القرن التاسع عشر كانت تعتمد على العمل اليدوي، لكن بعد اختراع جيمس وات الآلة البخارية، وتفجر الثورة الصناعية، استغنى كثير من أصحاب المصانع خصوصا في منطقة يوركشاير البريطانية عن آلاف العمال الذين تشردوا، وبعدها اتسعت الفجوة بشكل كبير بين الأغنياء والفقراء.

يكمل عم صبري محدثا عن أن الأغنياء قاموا بعملية رفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير بعد الثورة الصناعية مستغلين توسع السوق حتى لو على حساب الفقراء، ومن هنا فكر مجموعة من أهالي قرية روتشديل في مواجهة هذا العبء المتزايد، بإنشاء جمعية يقصدها الأهالي لشراء كميات ضخمة من المواد الغذائية بثمن الجملة، وبعدها تقوم الجمعية الأهلية بتوزيعها على الأهالي بنفس السعر الذي تم به الشراء.

يضيف قائلا: "كان من الروح الطيبة الموجودة بقرية روتشديل أنهم لكي يوفروا أجرة مسئول المخزن وأجرة المحاسب، قاموا بإعطاء مفتاح لكل صاحب بيت في القرية، وأجَّروا مخزنا وضعوا فيه بضاعتهم، وكلما احتاج أحد من أهل القرية شيئا ذهب ليأخذ حاجته ويضع المال، ويقوم بنفسه بكتابة كمية ما أخذه في دفتر الحسابات في شكل أخلاقي".

أشار عم صبري إلى أن الفكرة انتشرت بعدها في أنحاء بريطانيا، وبعدها في أوروبا وأمريكا لتكون هذه أول تجربة تعاونية في العالم، تأسست على فكرتها اتحاد التعاونيات العالمي.

دوامة الاستهلاك

مشى عم صبري سبعيني العمر وهو يتكئ على عصاه الصغيرة مشيرا إلى زينة رمضان الجديدة التي تملأ الشوارع والحارات الشعبية، وقد تحولت إلى إعلانات لمجموعة كبيرة من شركات السمن والزيت ومساحيق غسيل الأطباق على شكل "فوانيس" ورقية معلقة بالطول والعرض على امتداد الشارع ثم ابتسم قائلا: "من الطبيعي أن يكون رمضان شهر التقشف والزهد والعبادة، وهو المراد من الصيام، جعلوه هم شهر الأكل والاستهلاك الزائد عن الحد، وأبعدوه عن روح الإسلام وقيمه الأصيلة".

يقول بأسف: "بسبب هذا الكم الكبير من الاستهلاك، وهذا الضغط المادي لا أدري كيف تستطيع أسرة موظف بسيط أن تتحمل كل هذه الأعباء، صرنا لأول مرة نسمع عن حالات انتحار لأب أو أم يعولان أسرًا؛ بسبب عدم القدرة على تحمل مصاريف البيت، خصوصا في رمضان ومواسم الدراسة والأعياد".

ويشير عم صبري إلى أن الحالة الاقتصادية لكثير من المصريين صارت سيئة، وأن الأزمة الاقتصادية الطاحنة أضرت الناس بشكل كبير، لذا فهو يرى أن هذه الأزمة لا يصلح معها أن نلتفت للفقراء شهرا معينا في السنة، أو في المواسم والأعياد فقط، بل الحل من وجهة نظره مشروعات تدعم الناس طوال السنة، وتكفيهم عن السؤال والحاجة قائلا: "من الخطأ أن نملأ بطون الفقراء شهرا، ثم نتركهم جوعى طوال العام يسألون القاصي والداني".

بنك الطعام .. بيزنس الأغنياء

تطرق الكلام مع صبري إلى المشروعات التي تقوم بإطعام الفقراء خلال شهر رمضان ومنها مشروع "بنك الطعام"، حيث هاجم عم صبري هذا المسار بشدة، واعتبره ليس أكثر من شكل إعلامي لتلميع الأغنياء ورجال الأعمال الذين ينفقون الآلاف في هذه الجمعيات، ثم يقومون بعد ذلك برفع أسعار السلع التي ينتجونها ويصنعونها، طبعا كل ذلك بعد أن يكون قد تم إبرازهم وتلميعهم بشكل جيد، كما يقول.

ويضيف: "رجال الأعمال هؤلاء إذا دخلوا جمعية خيرية أفسدوها، فهم يأخذون باليمين أضعاف ما أعطوه بالشمال، ينفق رجل الأعمال مثلا في الوجبات التي تقدم في بنك الفقراء مليون جنيه، وبعد التلميع والظهور في وسائل الإعلام يرفع سعر كيلو الأرز ليكسب 20 مليون جنيه".

مصلحة الفقراء

عم صبري ينتقد رجال الأعمال الذين يتجهون لعمل الخير السهل التقليدي الذي يترك لهم ذكرا بين الناس بدون أي تنمية مجتمعية حقيقية، وينعي عليهم استغلالهم حتى لأعمال الخير التي يقومون بها، فيقول: "لست في حاجة إلى أن أذكرك أن هؤلاء يستفيدون من هذه الأعمال مرتين، مرة عند استغلالها دعائيًّا، وأخرى عندما يضعونها في دفاتر شركاتهم لخصمها من الضرائب".

ويرى عم صبري أنهم لو كانوا يريدون مصلحة الفقراء حقيقة لقاموا بعمل مشاريع صغيرة وكبيرة تستوعب الآلاف من العاطلين المساكين الذين يستجدون الجمعيات الخيرية، ولقاموا ببناء المساكن الشعبية رخيصة الثمن بدلا من عشش الصفيح التي يقطنونها، أو القصور والشاليهات ونوادي الجولف التي تؤخذ من أرض الدولة ومالها، وتؤخذ من حقوق فقرائها وكادحيها!!

التقرير علي إسلام أون لاين

هناك تعليق واحد:

M A يقول...

لعم صبري فكر جميل جدا وهو مساعده الناس ليس يوم بل ايام وشهور من خلال تنميه حقيقه وهي توفير عمل لهم بدل من اعطائهم نفود يصرفونها وحل ازمه الغلاء بشراء السلع بالجمله با له من فكر جميل ومفيد يا ريت يكون اكثر الناس علي مستوي فكر عم صبري بجد جزاك الله خيرا علي هذه الموضوعات التي تفتح من افاق الناس وتوسع مداركها علي المساعده الحقيقه لمن يحتاجها ولعلنا نحتذي بعم صبري