السبت، 12 سبتمبر 2009

القدس بين نداءات المثقفين.. وغياب السلاطين





Image
جانب من فعاليات المؤتمر

وسط حشد كبير من كتاب مصر والشخصيات العامة احتفل أمس الثلاثاء الثامن من أغسطس 2009 اتحاد الكتاب مصر بالقدس بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية لعام 2009 في مؤتمره العام والذي سيقيمه ثلاثة أيام تنتهي يوم الخميس العاشر من أغسطس القادم، حيث جاءت الاحتفالية والتي نظمت تحت عنوان "القدس وثقافة المقاومة" بمثابة عرس خطابي للقدس شارك فيه مجموعة كبيرة من كُتّاب وأدباء وباحثين عرب.

حيث اهتز الحضور لكلمة الأديب المصري بهاء طاهر، والذي تحدث عن أن المرحلة التي سبقت صلاح الدين الأيوبي، كانت "مرحلة مظلمة" غارقة في التطبيع بين الصليبيين المحتلين للمدينة وبين الأمراء العرب الذين ترأسوا عروش الممالك والإمارات العربية حينها، وأن تفرقهم وتشرذمهم ساعد بشكل كبير الاحتلال الصليبي للقدس والذي استمر لفترة اقتربت من التسعين عاماً، وكان أكبر إنجاز تقوم به الممالك العربية حينها هو "دق الأسافين" فيما بينها للحفاظ على كراسي ملوكها وعروشهم.

وأشار طاهر إلى أن الزمان يعيد دورته مرة أخرى، فيصبح الذي مضى معادًا ومكررًا بنفس الصورة بأحداثها وصورها وأشخاصها، ولتصبح العروس المغتصبة من أهلها، وغير القادرين على استردادها، واسترداد شرفها هي بذاتها نفس العروس، تغيرت التواريخ والأرقام، ولكن لم تتغير المشاهد والفصول المأساوية.

ايقاظ الوعي

وبعينين تكادا أن تدمعا هجا بهاء التفرق العربي، معتبرًا أن الإنجاز الحقيقي الذي قام به صلاح الدين الأيوبي؛ هو في لمّ هذا الشعث المتفرق بين الممالك والإمارات العربية حينها، حيث كانت الخطوة الأولى نحو تحرير القدس، هو تحرير الأوطان العربية من حولها من عناصر التفرق والتشرذم، فخاض صلاح الدين معركة وحدة، قبل أن يخوض معركة تحرير وتحرر.

يضيف طاهر: "تحرير القدس واستعادة الحق تتطلب منا القضاء على عوامل الضعف بداخلنا، والقضاء على التطبيع مع العدو، والوحدة، وكلها عوامل يجب أن نكملها قبل أن نخوض حرب التحرير النهائية".

وحتى لا يتحول المؤتمر لجعجعة خطابية كما يقول طاهر، اعتبر أن دور الكتاب والأدباء والباحثين هو في تأهيل الشارع ثقافيًّا وتوعويًّا، وتأهيلهم للمعركة التي لا يمكن خوضها إلا بعملية "إيقاظ وعي" يتم الإدراك من خلالها أين تكمن مظاهر الخلل، وكيف ولماذا يتم خوض هذه المعركة الفاصلة حتى لا يتم استغلال الشعوب من قبل مجموعة من المرتزقة.

محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر والعرب أكد أن اتحاد الكتاب العرب رفض المشاركة في الاحتفالات التي تجرى بالقدس المحتلة، وقرر أن يعقد كل اتحاد احتفالاته الخاصة بالقدس في كل قطر عربي، مشيرًا إلى أن الحق لا يضيع شريطة أن تظل القضية في الوجدان، وهو دور الكتاب والمثقفين.

نبش قبر صلاح الدين

فيما ألقى كلمة الأدباء العرب السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشئون فلسطين والأراضي العربية المحتلة كشف فيها عن أن إسرائيل تحفر تحت مقابر المسلمين في فلسطين والتي يوجد من بينها قبر صلاح الدين، وأن القدس تتعرض لأكبر حملة في التاريخ لتزييف أزقتها وشوارعها ومقدساتها وحجارتها ويجرون الحفر تحت مبانيها وبيت المقدس وكنيسة القيامة.

وتساءل صبيح: "أين المال العربي لحماية القدس؟ وأين السياسة العربية والإسلامية لتكون القدس على رأس الأولويات من خلال مؤسساتنا واتحاداتنا ونقاباتنا؟".

الشاعر المتوكل طه ألقى كلمة فلسطين وأشار فيها إلى إن إسرائيل تخلق في فلسطين زمنين الأول فلسطيني متخلف محاصر بفعل القتل والحواجز، والثاني إسرائيلي حداثي قاتل من هذه الدولة التي صارت أكبر من القانون الدولي كله.

وأضاف قائلاً: "نحن الفلسطينيين إذا حاولنا المقاومة يمارسون معنا القتل والعنف حتى يطالبنا الجميع بالاستلام، وأنهم يقضون على خططنا الوطنية ويقدمون لنا خططهم "الفاشلة" لنقبلها ونخيط أكفاننا بأيدينا".

ووصف "طه" المفاوضات بأنها لا طائل منها؛ لأنها بلا سقف ولا ضمانات مطلقا، وأنه لا فرق بين اليمين واليسار الإسرائيلي، وأن العرب لا يفعلون أي شيء سوى التسول والتوسل، في الوقت الذي استطاع المحتل الإسرائيلي تسويق مفهومه حول الاحتلال وإعطائه الشرعية.
كما ألمح إلى بعض الدول التي تطبع مع إسرائيل قائلا: "المحتل الآن يطلب منا بقاء الوضع على ما هو عليه، والرضاء بأسوأ الأمور مقابل التطبيع، وأخشى أن البعض بدأ يستجيب لهذا الأسلوب".

معركة قانونية

فيما كانت كلمة الدكتور مفيد شهاب، وزير شئون مجلسي الشعب والشورى والتي كانت بعنوان "القدس في القانون الدولي" مركزة على أهمية الاستعانة بالمنهجية القانونية بجانب دعاوى التحرير والمقاومة، واعتبر أن أولى محاولات التشكيك في أحقية الوطن العربي في القدس هي في الادعاء بعدم جدوى الأسانيد القانونية في الدفاع عن القضية، معتبراً أن البعد القانوني لقضية القدس يؤكد شرعية الحق العربي، وأن الدفاع القدس يبدأ من التصدي لمحاولات الاحتلال الأجنبي طمس الهوية العربية، عن طريق تزييف الحقائق التاريخية، والتشكيك في العقيدة، ومحاولات التحايل على الحق القانوني العربي، من خلال التقليل من مبادئ القانون الدولي أو محاولة إضفاء أمر واقع تعقبه شرعية قانونية للاحتلال الإسرائيلي للمدينة.

فيما أشار شهاب إلى أن الاحتلال طوال معاركه مع العرب، كان يستند فيها أمام العالم بحجج قانونية حتى يكتسب دعمًا، ويبرر عدوانه، ويقوم بتلميع صورته أمام العالم.

ومن هنا يقول شهاب: "إذا كانت إسرائيل وهي الظالمة والدولة المحتلة تستند في احتلالها وعدوانها على تبريرات قانونية، فالأولى لنا نحن أصحاب القضية وأصحاب الحق أن ندفع لأن تكون معركتنا وفق قواعد اللعبة".

التغطية علي إسلام أون لاين .

ليست هناك تعليقات: