الاثنين، 20 يوليو 2009

سعيد لوتاه.. ريادة تصنع التغيير

Image

يرتبط اسمه في العالم العربي بالريادة الحقيقية؛ فهو أول من أسس شركة إنشائية في الإمارات، وهو صاحب فكرة بنك دبي الإسلامي ومؤسسه، وصاحب فكرة أول فندق "إسلامي"، وأول مسكن منتج للفقراء، وأول نظام تعليمي يختصر سنوات الدراسة ويؤهل لسوق العمل.. إنه الحاج "سعيد لوتاه".

هذا الرجل صاحب الأعوام الأربعة والثمانين ولد ونشأ في مدينة دبي، ورغم هذا القدر الضخم من الإنجازات إلا أن الظروف لم تسعفه؛ لأن ينال القسط الكافي من التعليم المدرسي الرسمي.

بدأ التحدي في حياة "سعيد لوتاه" مبكرا؛ ففي سن السابعة أجاد القراءة والكتابة وتعلم الحساب في أربعة أشهر ونصف فقط، ليحفظ القرآن بعد ذلك، وبدأ حينها بتعلم التجارة التي ورث مبادئها من أهله الذين اشتهروا بتجارة اللؤلؤ.

طالع:
سعيد لوتاه.. فكرة المصارف الإسلامية

تعلم من التجارة الاعتماد على النفس؛ ليقود أول سفينة إلى سواحل إفريقيا ولم يتعد عمره الثامنة عشرة، رشح بعدها قائدا وتاجرا في البحر ليقود سفينة شراعية في غمار بحر الخليج العربي والمحيط الهندي، والبحر العربي، وكان معلما للاتجاهات وحركة النجوم وهو شاب لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، ثم يبدأ بعد ذلك في تجارته الخاصة التي توسعت وامتدت برغم ما واجهه من صعاب ومشاق، والتي وازاها اهتمام دائم بالتفكير بأسلوب مختلف يبدأ بوقف التقليد الأعمى والبحث عن التجديد والابتكار.

الاستثمار في التعليم

وسعيا منه لتحقيق التجديد والابتكار قرر أن يستثمر في المجال التعليمي برؤية مختلفة؛ فلم يكن مجرد صاحب مجموعة مدارس خاصة تهدف إلى الربح، وإنما قرر أن يطبق فلسفة مختلفة نابعة من رؤية إسلامية خالصة شرحها في كتابه "لماذا نتعلم"، مفادها أن الدين أمر بتحمل الصبي الذي بلغ 16 عاما القصاص بشتى أنواعه، فكيف لا نحمله أسس مسئولية الأسرة والعمل، ومن هنا أسس نظاما تعليميا يختصر سن استكمال الدراسة من 22 إلى 16 سنة؛ ليصبح خريجو هذا النظام التعليمي أطباء وصيادلة ومهندسين في سن السادسة عشرة، وهم يعملون دوما في أفضل المراكز المرموقة بجميع أنحاء العالم.

"في أيامنا كان الابن إذا كبر قليلا يطرده النساء ويقولون له اذهب مع الرجال إلى البحر، فيأتي لوالده ويصر عليه أن يذهب معه، وبالتالي لا يبلغ الابن إلا وقد أخذ الخبرة الكافية في الحياة وتحمل المسئولية، وفتح منزلا، وجمع شيئا من المال، وله مصدر دخل..."، بهذه الجملة للحاج سعيد في إحدى حواراته يدلل على واجهة الانطلاق المبكر للعمل وتحمل المسئولية.

ويرى لوتاه أن نظام الدراسة الحالي يدعو الأولاد -والبنات- ليكبروا ويشبوا وتبرز شواربهم ولحاهم حتى يتخرجوا من الجامعات وليس لديهم أي خبرات عملية ولا مصدر دخل.. ويظل آباؤهم يصرفون عليهم كل هذه الفترة.

التعليم بالتدريب

اطلاع الحاج سعيد المباشر على تفاصيل العمل ومجرى الأمور على أرض الواقع أتاح له المجال لمعرفة المجالات التي تعاني من النقص الحاد للكوادر المهنية في الإمارات، ولهذا الغرض أقدم على تأسيس «المعهد التقني» لتخريج المهنيين في مجالات الصناعة والكهرباء والنجارة والسيارات، طارحا شعار «تعلم مهنة واملك ورشة»، كان ذلك في عام 1992.

وكان يرى أن بعض العلم الذي يناله الطلاب ما هو إلا حشو، وعند إجراء الدراسات المقارنة مع مدارس وجامعات العالم وجد أنه يمكن اختصار الكثير من الوقت بحيث يقضي خريج الطب أربع سنوات فقط في الكلي مع حصوله على نفس مضمون الجامعات البريطانية، ويحتوي السجل التعليمي "للوتاه" على سلسلة كبيرة من المدارس والمعاهد التقنية، كما يضم كليتين للطب والصيدلة، ملحق بهما مركز طبي تخصصي ومختبرات للأبحاث الطبية، بالإضافة إلى جامعة آل لوتاه العالمية بكلياتها الخمس.

وحرص الحاج سعيد على تطبيق تلك السياسة التعليمية على الأطفال في «مؤسسة تربية الأيتام» التي أنشأها عام 1982 لرعاية الأيتام من عمر خمس سنوات وحتى خمسة عشر عاما؛ حيث تتولى المؤسسة تربيتهم ورعايتهم وتشغيلهم بعد ذلك في شركاته.

فنادق بمعايير إسلامية

المحطة التالية في إبداعات الحاج "سعيد لوتاه" تمثلت في إنشائه لما أصبح يعرف بـ"الفنادق الإسلامية"، وهي فنادق ترفض تقديم الخمور، وتحظر الملاهي الليلية، وحمامات السباحة المختلطة، كما يوجد بها طوابق خاصة بالسيدات تقوم على خدمته موظفات متخصصات ومحتشمات، وبالفعل فقد كانت مجموعة فنادق الجوهرة بدبي انطلاقة لهذه الخدمة التي اتسعت حتى بلغت 6 فنادق بدبي وحدها لتنتقل إلى القاهرة أيضا؛ حيث تقدم نفس مستوى الخدمة المعهود، مع الالتزام بالمعايير الإسلامية، لكن اللافت في الفنادق الإسلامية التي بدأت في الانتشار أن غالبية مرتاديها من غير المسلمين أو العرب، مع وجود نسب إشغال عالية جدا تقترب من الـ100% على مدار العام.

المسكن المنتج

يذكر الدكتور محمد سعد في كتابه "رجال صنعوا التغيير" أن الفكرة الأكثر إبداعا والحلم الطموح الذي بدأه "لوتاه" ولا يزال يسعى لنشره في جميع أرجاء الوطن العربي هو مشروع "المسكن المنتج"، ويهدف المشروع للنهوض بالواقع المعيشي للفقراء، ويتمثل في بناء قرية ذات وحدات سكنية بمساحة كافية للزراعة وإنشاء الحظائر، مع تزويدهم بجميع الإمكانيات لزراعة الأرض، ومساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم بدلا من تلقي المساعدات، ويشترط للحصول على المنزل أن تلتزم العائلة بالعمل في المزرعة وتوفير احتياجاتها الخاصة، وتخرج الصدقات لتستفيد بها عائلات أخرى، كما تحتوي القرية على مدرسة ومركز طبي وعيادة بيطرية ومسجد ومجمع تجاري.

وقد تم تطبيق الفكرة بالفعل في السودان واليمن وجاري البدء فيها بمصر؛ بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي للأسرة من المنتجات الزراعية والحيوانية، والاعتماد على مصادر الطاقة الطبيعية من خلال حصول الأسرة على الماء من الآبار الجوفية، وعلى الكهرباء من الطاقة الشمسية، كما يوفر المشروع دخلا إضافيا للأسرة عن طريق بيع الفائض من منتجاتهم الزراعية والحيوانية.

بالإضافة لتلك الإنجازات التنموية استطاع سعيد لوتاه خلال حياته الحافلة كتابة العديد من المؤلفات، تنوعت موضوعاتها بين الشأن المصرفي والديني والشعر النبطي، كما تلقى الكثير من جوائز التكريم، كان من بينها جائزة «الدرع الذهبي» للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتونس، ومنح شهادة الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الدولية للمعلوماتية في روسيا، بالاتفاق مع الأمم المتحدة، ودكتوراه فخرية من جامعة باركتون في الولايات المتحدة.

- أخذت أغلب مادة هذا التقرير من كتاب "رجال صنعوا التغيير" للمؤلف د.محمد سعد أبو العزم، مدرس إدارة الأعمال بجامعة عين شمس بالقاهرة.

- الموضوع علي إسلام أون لاين .

ليست هناك تعليقات: